الطيّب
ورد هذا الاسم في حديث أبي هريرة –رضي الله عنه – قال :قال رسول الله صلى الله عله وسلم : ( يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ،وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال : {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ }[المؤمنون : 51] ،وقال :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ }،ثم ذكر الرجل يطيل السفر ،أشعت أغبر ،يمد يديه إلى السماء:يا رب يا رب ،ومطعمه حرام ،ومشربه حرام ،وملبسه حرام ،وغُذِّي بالحرام ،فأنّى يُستجاب لذلك ) رواه مسلم .
والمعنى :أنه تعالى مقدّس ومنزّه عن النقائص والعيوب كلها ؛لأن أصل الطيب الطهارة والسلامة من الخبث ،والله جل وعلا لم يزل ولا يزال كاملا بذاته وصفاته ،و أفعاله و أقواله صادرة عن كماله ،كمل سبحانه ففعل الفعل اللائق بكماله ،ومن هنا فأسماء الله الحسنى وصفاته العلا دالة على ما يفعله ويقوله ،فإنه سبحانه يفعل ويقول ما هو موجب كماله وعظمته ولا يفعل ولا يقول ما يناقض ذلك . فهو طيب ،وأفعاله طيبة ،وصفاته أطيب شيء ،و أسماؤه أطيب الأسماء ،واسمه الطيب لا يصدر عنه إلا طيب ،ولا يصعد إليه إلا طيب ،ولا يقرب منه إلا طيب ،فكلمه طيب ،وإليه يصعد الكلم الطيب ،وفعله طيب ،والعمل الطيب يعرج إليه ،فالطيّبات كلها له ،ومضافة إليه ،صادرة عنه ،ومنتهية إليه .
وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث : (إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا )يدل على أن الله سبحانه لا يقبل من الأعمال والأقوال إلا ما كان موصوفا بالطيب ،وهو عام في جميع الأقوال و الأعمال ،فلا يعمل المرء المؤمن إلا صالحا ،ولا يقول إلا طيبا ، ولا يكتسب إلا طيبا ، ولا ينفق إلا من الطيب ،فإن الطيب تُوصف به الأعمال و الأقوال و الاعتقادات ،فكل هذه تنقسم إلى طيب وخبيث ،كما قال تعالى : {قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ ......} [المائدة : 100] ،والدين الحنيف كله دين طيب في عقائده وأحكامه وآدابه ، فعقائده التي ترجع إلى الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره هي العقائد الصحيحة التي تطمئن لها القلوب ،وتطيب بها النفوس ،وتوصل معتقدها والمتمسك بها إلى أجلّ غاية وأفضل مطلوب ، و أحكامه وآدابه أطيب الأحكام و أطيب الآداب، بها صلاح الدين والدنيا والآخرة ،وبفواتها يفوت الصلاح كله .
ولما طاب المؤمن في هذه الدار في عقائده و أعماله و أقواله أكرمه الله في دار القرار بدخول دار الطيبين التي لا يدخلها إلا طيب ،قال سبحانه :{ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ }،فعقّب دخولها على الطيب بحرف الفاء الذي يُؤذن بأنه سبب للدخول، أي :بسبب طيبكم قيل لكم :ادخلوها .
اللهم اجعلنا من عبادك الطيبين الذين يُقال لهم يوم القيامة :
{ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ }