الخميس، 12 أغسطس 2010

ثمار دورة النسائم الرمضانية


النسمة الأولى
أبشركم بمن اشتقنا للقياه

قلوبنا تهفوا شوقًـًا ووجلاً

شوقًـًا للقائه ووجلاً من تقصيرنا وفوات الفرصة العظيمة


 يبشـر أصحابـه بقـدوم شـهر الخيـر :


فعـن أبـي هريـرة ، قـال : قـال رسـول الله ـ صلى
الله عليه وسلم ـ : " أتاكـم رمضـان شـهر مبـارك ،
 فـرض الله ـ عـز وجـل ـ عليكـم صيامـه ،
تفتـح فيـه أبـواب السـماء ، وتغلـق فيـه
 أبـواب الجحيـم ، وتغـل فيه مـردة الشـياطين ،
 لله فيـه ليلـة هـي خيـر مـن ألـف شـهر ،
من حـرم خيرهـا فقـد حـرم

سنن النسائي [ المجلد الواحد ] / تحقيق الشيخ الألباني / ( 22 ) ـ كتاب : الصيام /
( 5 ) ـ باب : ذكر الاختلاف على ..... / حديث رقم : 2106 / ص : 336

مـن نِعـم الله ،أنـه سـبحانه مَـنُّ علينـا بفضائـل

عظيمـة ونفحـات يعيهـا كـل ذي عقـل فطـن حـذر

فلنتعرض لهذه النفحات

* قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم :

" افعلـوا الخيـرَ دهركـم ، وتعرضـوا لنفحـاتِ

رحمـة الله ، فـإن لله نفحـاتٍ مـن رحمتـه ،

يصيـب بهـا مـن يشـاء مـن عبـاده ، وسـلوا

الله أن يسـتر عوراتِكـم ، وأن يؤمِّـن رَوعاتِكـم "

أخرجه الطبراني في الكبير وحسنه الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في سلسلة
الأحاديث الصحيحة / ج : 4 /حديث رقم : 1890 / ص : 511

إنهـا دعـوة لنـدرك مـا فاتنـا فـي مواسـم مضـت ولـم نسـتثمرها

فهـا هـو رمضـان الشهر المبارك يهل علينا

فلنغتم النفحة ،

فالقافلـة مـا زالـت تنتظـر مَـنْ يُسْـرِع الخطـى كـي يصـل

إليهـا ويحصّـل الخيـر الجزيـل والأجـر الوفيـر

فهيا نطوف مع هذه النفحة والنسمات المباركة

 

* كان صلى الله عليه وسلم إذا اجتهـد لأحـد فـي الـدعــاء قـال

"جعـل الله عليـكم صـلاة قـوم أبـرار ،يقومـون الليـل

ويصومـون النهـار ، ليسـوا بأثمـة ولا فجـار"

قـال الإمـام عبـد بـن حُميـد ـ رحمـه الله ـ فـي \" المنتخـب \

( جـزء : 3 /ص : 170 )



* حدثنـا مسـلم بـن إبراهيـم قـال : حدثنـا حمـاد بـن

 سـلمة ،عـن ثابـت عـن أنـس قـال : كـان النبـي ـ صلى

الله عليه   وسلم ـ إذا اجتهـد لأحـد في الدعـاء قـال :

" جعـل الله عليـكم صـلاة قـوم أبـرار ،يقومـون

الليـل ويصومـون النهـار ، ليسـوا بأثمـة ولا فجـار " .


قـال الشـيخ مقبــل ـ رحمه الله ـ فـي الجامـع الصحيـح ممـا ليـس

فـي الصحيحيـن / ج : 2 / ص : 172 / كتـاب الصـلاة ـ بـاب فضـل قيـام الليـل ،
هـذا حـديث صحيـح

المشروع للمسلم في رمضان وفي غيره مجاهدة نفسه

الأمارة بالسوء حتى تكون نفسًا مطمئنة آمرة بالخير

راغبة فيه ، وواجب عليه أن يجاهد عدو الله إبليس حتى

يسلم من شره ونزغاته ، فالمسلم في هذه الدنيا في جهاد

عظيم متواصل للنفس والهوى والشيطان ، وعليه أن

يكثر من التوبة والاستغفار في كل وقت وحين

ونسأل الله أن يكتب لنا فيه الرحمة والعفو والصفح والغفران ،

وأن يوفقنا فيه للهدى والبر والإحسان

ولاشك أنها من نعم الله سبحانه وتعالى أن فمن نعم الله

على العبد أن يطول عمره ويحسن عمله ؛

وأن تفارق الدنيا ولسانك رطب من ذكر الله

*عن عبد الله بن بسر المازني قال جاء أعرابيان

إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال

أحدهما يا رسول الله أي الناس خير

قال" طوبى لمن طال عمره وحسن عمله" .

وقال الآخر أي العمل خير قال

"أن تفارق الدنيا ولسانك رطب من ذكر الله "

السلسلة الصحيحة / ج : 4 / حديث رقم : 1836 /
التحقيق صحيح


فالمؤمن لا يرجو من بقائه في الحياة إلا زيادة الخير؛

كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح :

(( واجعل الحياة زيادة لي في كل خير ))

قال صلى الله عليه وسلم

"اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري وأصلح

لي دنياي التي فيها معاشي وأصلح لي آخرتي التي

فيها معادي واجعل الحياة زيادة لي في كل خير

واجعل الموت راحة لي من كل شر"

تخريج السيوطي : (مسلم) عن أبي هريرة.

تحقيق الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم: 1263 في

صحيح الجامع الصغير وزيادته
~. ~. ~. ~. ~

الفرصة سانحة


لتعمير الأنفاس بحسن العمل والفوز بالغفران


والعتق من النيران أعاذنا الله وإياكم من لهيبها


فلنتنسم


نفحات معطرة بأريج شهر نحبه ونتلهف له ونهفوا إليه


هي أيام قليلة وتشهد السماء مولد شهر الرحمات


سبحان الملك السماء غير السماء


أبواب تغلق وأبواب تفتح


وشياطين تصفد ..


عتق .. ورحمة ..مغفرة ..


إنها مشاعر تجعلك


تتنفس هواء غير الهواء


تنفذ إلى صدرك بحرية تختلف عن بقية الأشهر


فلا تحرم نفسك أن تعيش شهراً فيه من الطاعات زاداً


تتبلغ به جنة عرضها السماوات والأرض ..


تطوى الليالي و الأيام، و تنصرم الشهور و الأعوام،


فمن الناس من قضى نحبه و منهم من ينتظر، و إذا


بلغ الكتاب أجله فلا يستأخرون ساعة و لا يستقدمون.


كل الناس يغدوا من الفائز ومن الخاسر


قال صلى الله عليه وسلم


"الطهور شطر الإيمان والحمد لله تملأ الميزان


وسبحان الله والحمد لله تملآن ما بين السماء


والأرض والصلاة نور والصدقة برهان والصبر


ضياء والقرآن حجة لك أو عليك


كل الناس يغدوا فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها ." ‌


تخريج السيوطي : (أحمد/ مسلم/ الترمذي) عن أبي مالك الأشعري. تحقيق الألباني :
 (صحيح) انظر حديث رقم: 3957 في صحيح الجامع.‌


فلنعتق أنفسنا من النيران


اتقوا الله، و أكرموا هذا الوافد العظيم، جاهدوا النفوس


بالطاعات. ابذلوا الفضل من أموالكم في البر والصلات،


استقبلوه بالتوبة الصادقة والرجوع إلى الله.


ومن لم يربح في هذا الشهر ففي أي وقت يربح، ومن


لم يقرب من مولاه وينال رضاه فقل لي بربك متى يفلح.


~. ~. ~. ~. ~



نعمة كبرى


إن بلوغ رمضان نعمة كبرى، وإنما يقدرها حق


قدرها الصالحون المشمرون


فإذا كان الله قد مَنَّ عليك ببلوغه ومد في عمرك


لوصوله، فالواجب استشعار هذه النعمة واغتنام


هذه الفرصة؛ فإنها إن فاتت كانت حسرة ما بعدها


حسرة، وخسارة ما بعدها خسارة.


وأي حسرة أعظم من أن يدخل الإنسان شهر


رمضان ويخرج منه وذنوبه مازالت جاثمة على صدره،


وأوزاره مازالت قابعة في كتاب عمله؟!.


وأي مصيبة أكبر وأعظم وأجل من أن يدخل الإنسان

 فيمن عناهم جبريل الأمين والنبي الكريم في دعائهما:



* عـن كعـب بـن عُجْـرَة ـ رضي الله عنه ـ قـال :


قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :


" احضـروا المنبــر " فحضـرنا ، فلمـا ارتقى درجـة


قـال ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم : " آمـين "


فلمـا ارتقـى الدرجـة الثانيـة قـال ـ صلى الله عليه وعلى


آله وسلم ـ : " آمـين " فلمـا ارتقـى الدرجـة الثالثـة


قـال ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " آمـين "


فلمـا نـزل قـلنا : يـا رسـول الله ! لقـد سـمعنا منـك


اليـوم شـيئًا مـا كنـا نسمعـه قــال ـ صـلى الله عليـه


وعلى آلـه وسلم ـ إن جبريـل عـرض لـي فقـال :


بَعُــدَ مــن أدرك رمضــان فلـم يغفـر لـه قلـت آمـين ،


فلمـا رقيـت الثانيـة قـال : بَعُـدَ مــن ذُكِـرْتُ عنــده


فلـم يصـل عليـك فقـلت : آمـين . فلمـا رقيـت الثالثـة


قـال : بَعُــدَ مـن أدرك أبويـه الكبـر عنـده


أو أحدهمـا فلـم يدخـلاه الجنـة 0 قلـت آميـن .


رواه الحاكم وصححه الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ فـي صحيح التـرغيب والتـرهيب :
( 9 ) ـ كتاب : الصوم / ( 2 ) ـ باب : الترغيب في صيام رمضان ..... /
 حديث رقم : 981 / ص : 488 .


بُعداً لمن أدرك رمضان فلم يغفر له، إذا لم


يغفر له فيه فمتى؟


نسأل الله العافية


وكيف لا يبعده الله وهو لم ينل المغفرة في زمانها،


ولم تبلغه التوبة في أوانها، والنبي - صلى الله عليه


وسلم - يقول عن رمضان في الأحاديث الصحيحة:


ـ من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه.


ـ من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه.


ـ من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه.


- من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه.


فلنشكر النعمة أولاً


فليكن أول ما يكون منه أن يحمد الله سبحانه وتعالى


على نعمته وجميل فضله وجليل منته ، ويسأله سبحانه


أن يبارك له في هذه النعمة ؛ لأنك إذا شكرت نعمة


الله ؛ بارك الله لك فيها ،


ولما غفل الناس عن شكر الله ؛ سلب الله الكثير

 بركة النعم . فاحمد الله إذا بلغت رمضان فانظر إلى

 مقدار نعمةالله عليك حتى تحس بفضل هذا الشهر،


ويمكنك بعد ذلك أن تقوم بحقه وحقوقه .


تذكّر الميت الذي كان يتمنى بلوغ رمضان ، والله أعطاك


الحياة ، وأمد لك في العمر ..!!


وتذكّر المريض الذي يتأوه من الأسقام والآلام والله


أمدك بالصحة والعافية ..!!


ثانيا :


أن تدخل هذا الشهر بنية صادقة خالصة وعزيمة قوية


على الخير ، فكم من عبد نوى الخير فبلّغه الله أجره


ولم يعمل به ، حيل بينه وبين العمل العذر، فقد يكون


الإنسان في نيته أن يصوم ويقوم فتأتي الحوائل أو تأتي


آجال أو تأتي أقدار تحول بينه وبين ما يشتهي ،


ويسأل الله العظيم يكون في قلبه وقرارته أن ينوي الخير


وأن يفعل الخير وأن يكون هذا الرمضان صفحات بر


وإقبال على الله وإنابة إليه ، وإذا نويت ذلك وحال


بينك وبين ذلك شيء من الأقدار والآجال؛ كتب الله


لك الأجر، وكتب الله لك الثواب ؛ كما ثبت في


الحديث الصحيح أن النبي قال (حبسهم العذر )


*قال أبو داود في سننه


حدثنا موسى بن إسماعيل،قال:حدثنا حماد ،عن


حميد،عن موسى بن أنس بن مالك ،عن أبيه أن


رسول الله صلى الله عليه وسلم قال


"لقد تركتم بالمدينة أقوامًا ما سرتم مسيرًا ولا


أنفقتم من نفقة ولا قطعتم من واد إلا وهم معكم

 فيه" قالوا: يا رسول الله وكيف يكونون معنا وهم


بالمدينة؟ فقال :"حبسهم العذر"
سنن أبي داود / تحقيق الشيخ الألباني / كتاب الجهاد/ باب في الرخصة
في القعود من العذر / حديث رقم : 2508 / صحيح
مكتبة الألباني الإصدار الأول

ثالثًا



التخلية قبل التحلية

فلنخل أنفسنا من الحقوق والذنوب وأدرانها قبل


تحليتها بطاعة ربها ومولاها عز وجل


فعلينا بالتأمل والمحاسبة والتقويم في بداية الشهر


وأقصد تقويم أعمال الإنسان لنفسه فما كان منها خير


يحمد الله تعالى عليه ، وما كان غير ذلك فيصححه ،


وهذا التأمل يجعل المسلم يحدد نقطة البداية القوية فيسير


مع الله تعالى في هذا الشهر المبارك وصفحته بيضاء ،


وقد عزم على المواصلة في الأعمال الخيرية من


فرائض ومستحبات ، والتوبة عن الخطايا و الآثام .


~فلنبدأ بإبراء الذمة


إبراء الذمة من كل ما يلزمها من حقوق للخلق


بأنواعها


إبراء الذمة من كل ما يلزمها من حقوق للخالق


بكل أنواعها


مثل الزكاوات والصيام الواجب


عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ : سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَقُولُ :


كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ


أَقْضِيَ إِلا فِي شَعْبَانَ .


قال: يعني الشغل من النبي أو بالنبي صلى الله عليه وسلم


رواه البخاري في صحيحه /30- كتاب الصوم / 40- باب متى يقضى قضاء


رمضان ؟ / حديث رقم ( 1950 ) / ص: 220


قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله- :


ويؤخذ من حرصها على ذلك في شعبان أنه لا يجوز


 تأخير القضاء  حتى يدخل رمضان آخر .


" فتح الباري " ( 4 / 191 ) .

~ثم نثني بالتوبة والاستغفار

التوبة التوبة



اعلموا أن الذنوب والمعاصي باب كلنا ولجناه ..وبحر


كلنا سبحنا فيه


ولا ينجو من ذلك إلا المعصومين ممن اصطفاهم الله


واجتباهم من الأنبياء والرسل عليهم السلام


فليست التوبة كما يظن البعض أنها خاصة بأهل


المعاصي كلا بل هي عامة لنا جميعاً .




قال الله تعالى :


{َتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }


(النور-13).




وقال الله تعالى:{ اسْتَغْفِرُواْرَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ }


(هود-90) .


*وجاء في الصحيح من حديث الأغَرَّ المزَني


أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ قال :


-" يا أيها الناس توبوا إلى الله فإني أتوب


في اليوم  إليه مائة مرة " .


صحيح مسلم / 18 –كتاب الذكر والدعاءوالتوبة
والاستغفار / 12- باب : استحباب الاستغفار
والاستكثار منه / حديث رقم : 42 - (2702) / ص : 685


*وقال صلى الله عليه وسلم :


"إنه ليغان على قلبي ، وإِني لأستغفر الله في


اليوم مائة مرة "


صحيح مسلم / 18 – كتاب الذكر والدعاءوالتوبة والاستغفار /


12- باب : استحباب الاستغفار والاستكثار منه /
حديث رقم : 41 - (2702) / ص : 685


هل تعلم الفرق بين التوبة والاستغفار ؟


التوبة


تتضمن أمراً ماضياً وحاضراً ومستقبلاً ،


فالندم على الماضي والإقلاع عن الذنب في الحاضر


والعزم على عدم العودة في المستقبل .


والاستغفار طلب المغفرة ،


وأصله : ستر العبد فلا ينفضح ،


ووقايته من شر الذنب فلا يُعَاقب عليه ،


فمغفرة الله لعبده تتضمن أمرين :


ستره فلا يفضحه


ووقايته أثر معصيته فلا يؤاخذ عليها


وبهذا يعلم أن بين الاستغفار والتوبة فرقاً


فقد يستغفر العبد ولم يتب ،كما هو حال كثير


من الناس ، لكن التوبة تتضمن الاستغفار .


الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد

هنا
فهيا نتوب ونستغفر الله في هذا الشهر المبارك


لعل الله يرحمنا ونفوز بالعتق من النار


قال ابن القيم في



[مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين]


(313/1)


وتوبة العبد إلى ربه محفوفة بتوبة من الله عليه


قبلها،و توبة منه بعدها، فتوبته بين توبتين من الله
سابقة ولاحقة فإنه تاب عليه أولاً [إذنًا و توفيقًا و إلهامًا]


فتاب العبد فتاب الله عليه ثانيا [قبولاً وإثابةً]


ا.هـ
وقال رحمه الله


والعبد تواب والله تواب ،فتوبة العبد :


رجوعه إلى سيده بعد الإباق


وتوبة الله نوعان :


[إذن وتوفيق] و [قبول وإمداد].


ا.هـ


قال تعالى


لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ الَّذِينَ
 اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ
 فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ*
وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ
 بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ
مِنَ اللَّهِ إِلا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ
هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ


سورة التوبة : 117، 118


*قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي
رحمه الله في تفسيره
تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان


يخبر تعالى أنه من لطفه وإحسانه تَابَ عَلَى النَّبِيِّ


محمد صلى الله عليه وسلم (وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأنْصَارِ)


فغفر لهم الزلات، ووفر لهم الحسنات، ورقاهم


إلى أعلى الدرجات، وذلك بسبب قيامهم


بالأعمال الصعبة الشاقات، ولهذا قال:


(الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ) أي:


خرجوا معه لقتال الأعداء في وقعة"تبوك"


وكانت في حر شديد، وضيق من الزاد والركوب،


وكثرة عدو، مما يدعو إلى التخلف.


فاستعانوا باللّه تعالى، وقاموا بذلك


(مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ) أي:


تنقلب قلوبهم، ويميلوا إلى الدعة والسكون،


ولكن اللّه ثبتهم وأيدهم وقواهم. وزَيْغُ القلب


هو انحرافه عن الصراط المستقيم، فإن كان


الانحراف في أصل الدين، كان كفرًا، وإن كان


في شرائعه، كان بحسب تلك الشريعة، التي


زاغ عنها، إما قصر عن فعلها، أو فعلها


على غير الوجه الشرعي.


وقوله (ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ) أي: قبل توبتهم


(إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) ومن رأفته ورحمته أن مَنَّ


عليهم بالتوبة، وقبلها منهم وثبتهم عليها.
(و) كذلك لقد تاب الله (عَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا) عن
 الخروج مع المسلمين، في تلك الغزوة، وهم:
 "كعب بن مالك"وصاحباه، وقصتهم مشهورة
 معروفة، في الصحاح والسنن.



(حَتَّى إِذَا) حزنوا حزنًا عظيمًا، و (ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ
الأرْضُ بِمَا رَحُبَتْ) أي: على سعتها
ورحبها (وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ) التي هي أحب إليهم
 من كل شيء، فضاق عليهم الفضاء الواسع، والمحبوب
 الذي لم تجر العادة بالضيق منه، وذلك لا يكون
 إلا من أمر مزعج، بلغ من الشدة والمشقة ما لا يمكن
 التعبير عنه، وذلك لأنهم
 قدموا رضا اللّه ورضا رسوله على كل شيء.


(وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلا إِلَيْهِ) أي: تيقنوا وعرفوا
 بحالهم، أنه لا ينجي من الشدائد، ويلجأ إليه،
 إلا اللّه وحده لا شريك له، فانقطع تعلقهم بالمخلوقين،
 وتعلقوا باللّه ربهم، وفروا منه إليه، فمكثوا بهذه
الشدة نحو خمسين ليلة.


(ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ) أي: أذن في توبتهم ووفقهم لها
(لِيَتُوبُوا) أي: لتقع منهم، فيتوب
 اللّه عليهم، (إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ) أي: كثير التوبة والعفو، والغفران عن الزلات والعصيان، (الرَّحِيمُ) وصفه
 الرحمة العظيمة التي لا تزال تنزل على العباد في
 كل وقت وحين، في جميع اللحظات، ما تقوم به أمورهم
 الدينية والدنيوية.


وفي هذه الآيات دليل على أن توبة اللّه على العبد
 أجل الغايات، وأعلى النهايات، فإن  اللّه جعلها
نهاية خواص عباده، وامتن عليهم بها،
حين عملوا الأعمال التي يحبها ويرضاها.


ومنها: لطف الله بهم وتثبيتهم في إيمانهم عند
الشدائد والنوازل المزعجة.


ومنها: أن العبادة الشاقة على النفس، لها فضل
ومزية ليست لغيرها، وكلما عظمت المشقة عظم الأجر.


ومنها: أن توبة اللّه على عبده بحسب ندمه وأسفه
 الشديد، وأن من لا يبالي بالذنب ولا يحرج إذا فعله،
فإن توبته مدخولة، وإن زعم أنها مقبولة.


ومنها: أن علامة الخير وزوال الشدة، إذا تعلق القلب
 بالله تعالى تعلقًا تامًا، وانقطع عن المخلوقين.


ومنها: أن من لطف اللّه بالثلاثة، أن وسمهم بوسم،
 ليس بعار عليهم فقال: (خُلِّفُوا) إشارة إلى أن المؤمنين
خلفوهم، [أو خلفوا عن من بُتّ في قبول عذرهم،
أو في رده] وأنهم لم يكن تخلفهم رغبة عن الخير،
 ولهذا لم يقل: "تخلفوا". ا.هـ
هنا


فهيا نطوف مع هذه النفحة المباركة
 في بستان الطاعات



وتسديد الطعنات لعدونا اللدود الذي يعلن


عداوته لنا وحربه علينا
*قال تعالى
"وَقُل لِّعِبَادِى يَقُولُواْ ٱلَّتِى هِىَ أَحۡسَنُ‌ۚ إِنَّ ٱلشَّيۡطَـٰنَ
يَنزَغُ بَيۡنَہُمۡ‌ۚ إِنَّ ٱلشَّيۡطَـٰنَ كَانَ لِلۡإِنسَـٰنِ عَدُوًّ۬ا مُّبِينً۬ا"
الإسراء (٥٣)


*قال تعالى


{قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى
يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلا قَلِيلاً }


الإسراء62


(قال أرأيتك) أي أخبرني (هذا الذي كرمت)


فضلت (علي) بالأمر بالسجود له وأنا خير


منه خلقتني من نار (لئن) لام قسم (أخرتن


إلى يوم القيامة لأحتنكن) لأستأصلن (ذريته)
بالإغواء (إلا قليلاً) منهم ممن عصمته


اللهم اجعلنا من هذه الشرذمة القليلة التي


تنجو من هذا العدو اللدود ،أعاذنا الله منه


ومن شرور أنفسنا


*قال تعالى
"قَالَ ٱذۡهَبۡ فَمَن تَبِعَكَ مِنۡهُمۡ فَإِنَّ جَهَنَّمَ
جَزَآؤُكُمۡ جَزَآءً۬ مَّوۡفُورً۬ا (٦٣) وَٱسۡتَفۡزِزۡ
مَنِ ٱسۡتَطَعۡتَ مِنۡہُم بِصَوۡتِكَ وَأَجۡلِبۡ عَلَيۡہِم
بِخَيۡلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكۡهُمۡ فِى ٱلۡأَمۡوَٲلِ وَٱلۡأَوۡلَـٰدِ
وَعِدۡهُمۡ‌ۚ وَمَا يَعِدُهُمُ ٱلشَّيۡطَـٰنُ إِلَّا غُرُورًا" (٦٤)
إِنَّ عِبَادِى لَيۡسَ لَكَ عَلَيۡهِمۡ سُلۡطَـٰنٌ۬‌ۚ وَكَفَىٰ
بِرَبِّكَ وَڪِيلاً۬ "


الإسراء (٦٥)


اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه


فالحذر الحذر ياعباد الله من عدونا الذي


لاييأس ولا يكل ولا يمل عن غوايتنا


ولنعلم أنه رغم أسلحته المتنوعة ورغم


نجاحه الفائق الذي نحققه نحن له رغم


هذا فكيده ضعيف ونحن الذين نعاونه


على النجاح والغواية


*قال تعالى


{ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ يُقَـٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ‌ۖ


وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْيُقَـٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱلطَّـٰغُوتِ


فَقَـٰتِلُوٓاْ أَوۡلِيَآءَ ٱلشَّيۡطَـٰنِ‌ۖ إِنَّ كَيۡدَ ٱلشَّيۡطَـٰنِ كَانَ ضَعِيفًا}


النساء76


نسأله سبحانه أن يمدنا بعزم لا يأخذه


فتور ولا ملل, وأن ينفي عن قلوبنا اليأس


ويقوي منا الأمل,


استغفرك ربي وأتوب إليك


التوبة هي التخلية ثم تتبعها التحلية


بالأعمال الصالحة


اللهم اجعلنا من التوابين المتطهرين ،


اللهم اعتقنا من رقَّ الذنوب ، وخلصنا


من أشر النفوس


اللهم ارزقنا قلوب المحبين


والآن مع أولى خطوات التحلية

قلوب المحبين





إن قلوب المحبين لها عيون ترى ما لا


يراه الناظرون،


فكل حركة وسكنة في هذا الكون تذكرهم بالله


والدار الآخرة،فتعلوا هممهم إلى مزيد من


القرب من مولاهم رب الأرض والسماوات،


وتزيد رغبتهم فيما عند ربهم الكريم الذي


يجازي على الإحسان إحسانًا،


(وهَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَانُ . فَبِأَيِّ


آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ)


الرحمن:60-61


لا تغفل قلوبهم عن يوم التلاقي


فهم متى لامست وجوههم نسمات السحر وذاقوا


برده ؛تذكُّروا الجنة ونسيمها فصبروا على ألم


العبادة واحتسبوه




وأعين المحبين ترى من الحرِّ ما لا تراه أعين الغافلين


فالغافلون لا يرون من الحرإلا الألم والعطش، والتأفف،




والتطلع إلى انتهاء النهار،




فحيث يشتد العطش بالصائمين، ويزداد


نصبهم بطول النهار،




وإن كانت قلوب كثير من الناس معلَّقة بوقت




الإفطار والتفكير في ألم العطش؛




فإن المحبين لهم شأن آخر؛


ففضلاً عن تذكرهم أحوال الآخرة والموقف


بين يدي الله، والموقف يوم تدنو الشمس من الرؤوس،




ويشتد الظمأ في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة؛




فإنهم يعلمون علم اليقين أن الجزاء من جنس العمل


" هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَانُ "


فمن ذاق حلاوة الطاعة هان عليه الألم


ومن زاد شوقه تلذذ بظمإ الهواجر وجوع النهار الطويل،


فالفرق كبيرٌ والبون شاسعٌ بين من صام في




حرِّ الصيف ولم يعرف من صومه إلا الجوع والعطش،


ومن صام وذاق لذة ظمإ الهواجر


فهذا الألم الناشئ من أعمال الطاعات يثاب عليه


صاحبه,كما قال تعالى في المجاهدين :




"مَا كَانَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأَعْرَابِ أَنْ


يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ


ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي


سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ


عَدُوٍّ نَيْلا إِلا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ


أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ "


التوبة (١٢٠)


















فلنعزم على الفوز ، والفرار من النار،وإذا لم










نفز في هذا الشهر المبارك فأنى لنا الفوز ،


فلا تغتر بحلاوتها الزائفة


منقول بتصرف

كيف نحقق هذا وما معيار الفوز


نعيش مع سلفنا الصالح لحظات نسترشد بسلوكهم


للفوز في الدارين


حيـن خَلُصَـت نفـوس المؤمنيـن بـ


" لا إله إلا الله " مـن ألـوان الشـرك المختلفـة ،
 فقـد حـدث فـي نفوسـهم تحـول هائـل


كأنـه ميـلاد جديـد


لـم يكـن مجـرد التصديـق ، ولا مجـرد الإقـرار . لقـد كـان كأنـه إعـادة ترتيـب ذرات نفوسـهم علـى وضـع جديـد ، كمـا يعـاد ترتيـب الـذرات فـي قطعـة الحديـد ، فتتحـول إلـى طاقـة مغناطيسـية كهربائيـة ، كـان الاهتـداء إلـى " الحـق "
 هائـل الأثـر فـي كـل جوانـب حياتهـم .


لقـد صـارت " لا إله إلا الله " هـي مفتـاح
 التجمـع والافتـراق ، هـي الربـاط الـذي


يربـط القلـوب التـي آمنـت بهـا ،


ويفصـل بينهـا وبيـن غيرهـا مـن القلـوب .




ـ ولـم ينحصـر مفهـوم " لا إله إلا الله " فـي
 حسـهم فـي نطـاق الشـعائر التعبديـة وحدهـا ،
 كمـا انحصـر فـي حـس الأجيـال المتأخـرة
 التـي جـاءت بفهـم للإسـلام غريـب عن الإسـلام .




إن شـعائـر التعبـد لا يمكـن بداهـةً أن تكـون
هـي كـل " العبـادة " المطلـوبـة مـن الإنســان .




فمـا دامـت غايـة الوجـود الإنسـاني كمـا تنـص
 الآيـة الكريمـة ، محصـورة فـي عبـادة الله .
{ وَمَـا خَلَقْـتُ الْجِـنَّ وَالإِنـسَ إِلاَّ لِيَعْبُـدُونِ } .
 سورة الذاريات / آية : 56 .






فأنـى يستطيـع الإنسـان أن يوفـي العبـادة المطلوبـة
بالشعـائر التعبديـة فحسـب ؟


كـم تستغـرق الشعـائر مـن اليـوم والليلـة ؟
وكـم تستغـرق مـن عمـرالإنسـان ؟


وبقيـة العمـر؟ وبقيـة الطاقـة ؟ وبقيـة الوقــت ؟
أيـن تُنفَـق ، وأيـن تذهــب ؟




ـ كـان فـي حسـهم أن حياتهـم كلهـا عبــادة ، وأن
الشعـائر إنمـا هـي لحظـات مركـزة ، يتــزود
الإنسـان فيهـا بالطاقـة الروحيـةالتـي تعينـه علـى
أداء بقيـة العبــادة  المطلوبـة منـه .




كانـوا يقومـون بالعبـادة وهـم يمارسـون الحيـاة
 فـي شتَّـى مجالاتهـا ، كانـوا يذكـرون الله فيسـألون
 أنفسهـم : هـل هـم فـي الموضـع الـذي يُرضـي الله ،
 أم فيمـا يُسـخط الله ؟ !




فإن كانـوا فـي موضـع الرضـى حمـدوا الله ، وإن كانـوا
 علـى غيـر ذلـك اسـتغفروا الله وتابـوا إليـه .


ـ وكانـوا يذكـرون اللـه ، فيسـألون أنفسـهم : مـاذا يريـد
الله منـا فـي هـذه اللحظـة ؟ !


أي : مـا التكليـف المفـروض علينـا فـي هـذه اللحظـة ؟ !


§ إذا كـان التكليـف : { ... وَعَاشِـرُوهُنَّ بِالْمَعْـرُوفِ ... }
سورة النساء / آية : 19

كـان ذكـر الله مؤديـًا إلـى القيـام بهـذا الواجـب الـذي
أمـر بـه الله تجـاه الزوجـات .




وإذا كـان التكليـف : { ... قُـوا أَنفُسَـكُمْ وَأَهْلِيكُـمْ نَـاراً ... }
 سورة التحريم / آية : 6


كـان ذكـر الله مؤديـًا إلـى القيـام بتربيـة الأهـل
والأولاد علـى النهـج الربانـي الـذي يضبـط سـلوكهم
 بالضوابـط الشـرعية .




وإذا كـان التكليـف : { ... فَامْشُـوا فِـي مَنَاكِبِهَـا
وَكُلُـوا مِـن رِّزْقِـهِ وَإِلَيْـهِ النُّشُـورُ }
سورة الملك / آية : 15

كـان مقتضـى ذكـر الله ، هـو المشـي في مناكـب




الأرض وابتغـاء رزق الله في حـدود الحـلال الـذي




أحلَّـهُ الله ، لأنـه إليـه النشـور فيحاسـب النـاس




علـى مـا اجترحـوا في الحيـاة الدنيـا .




وهكـذا ؛ فقـد فهمـوا أن الصـلاةَ والنُّسُـك
( أى : الشـعائر ) إنمـا هـي المنطلـق


الـذي ينطلـق منـه الإنسـان ليقـوم ببقيـة العبـادة التـي

 تشـمل  الحيـاة كلهـا ، بـل المـوت كذلـك .


فالشـعائر مجـرد محطـات شـحن للانطـلاق


إلـى بقيـة العبـادة ، ويشمـل ذلـك المـوت


المـوت فـي حـد ذاتـه لا يمكـن أن يكـون عبـادة
 بطبيعـة الحـال ، لأنـه لا خيـار للإنسـان فيـه ... ولكـن
المقصـود فـي قولـه تعالـى :


{ ... وَمَحْيَـايَ وَمَمَاتِـي للهِ رَبِّ الْعَالَمِيـنَ *
لاَ شَـرِيكَ لَـهُ ... } .


سورة الأنعام / آية : 162 ، 163


هـو أن يمـوت الإنسـان غيـر مشـرك بالله ، وذلـك
 هـو الحـد الأدنـى الـذي يكـون بـه الإنسـان ( فـي موتـه )
عابـدًا لله ، أمـا الحـد الأعلـى فهـو أن يكـون موتُـه
 فـي سـبيل الله




هذا حالهم في حياتهم كلها


فما بالنا في رمضان




لقد كان السلف الصالح يهتمون برمضان اهتماماً بالغاً،


ويحرصون على استغلاله في الطاعات والقربات،

 كانوا سباقين إلى الخير، تائبين إلى الله من الخطايا

 في كل حين، فما من مجال من مجالات البر إلا

ولهم فيه اليد الطولى،وخاصة في مواسم الخيرات،


عن السائب بن يزيد قال أمر عمر أبي بن كعب وتميمًا
الداري أن يقوما للناس في رمضان بإحدى عشرة
 ركعة فكان القارئ يقرأ بالمئين حتى كنا نعتمد على العصا
 من طول القيام فما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر .


رواه مالك وصححه الشيخ الألباني في : مشكاة المصابيح /ج1 / كتاب الصلاة /
الفصل الثالث /  حديث رقم :1302


وقد كان للسلف في كل باب من أبواب القربات أوفر
 الحظ، وكانوا يحفظون صيامهم من الضياع في
القيل والقال وكثرة السؤال . لذا تجد ;كثيراً منهم قد لازم
 المسجد ليحفظ صيامه وينقطع عن الناس ويتفرغ للعبادة




وكانوا حريصين على استثمار أوقاتهم ، واغتنام ساعات
الليل والنهار. وكان أحدهم أشح على وقته من صاحب
المال على ماله . قال ابن مسعود رضي الله عنه :
 ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه
نقص فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي.




وقال ابن القيم رحمه الله : إضاعة الوقت أشد من
الموت لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار
 الآخرة والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها




وخلاصة حال السلف في رمضان:


الإمساك عن تعاطي جميع المفطرات الحسية والمعنوية،
 وفعل ما يرضي الله، يحتسبون نومتهم كما
يحتسبون قومتهم، يتنافسون في الطاعات والقربات،
 ويفرون من مقاربة المعاصي والسيئات، يحفظون
صيامهم من جميع المفطرات، يعملون بكتاب الله
وسنة رسوله، ويوصي بعضهم بعضاً بألا يكون يوم
 صوم أحدهم كيوم فطره، فعن جابر بن عبد الله
-رضي الله عنه- قال: "إذا صمت فليصم سمعك وبصرك،
 ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع أذى الجار، وليكن
عليك وقار وسكينة يوم صومك، ولا تجعل يوم
 صومك ويوم فطرك سواء".فلا بد أن نذكر أنفسنا
 بشيء من حياتهم، حتى يزداد إيماننا، وتقوى
صلتنا بخالقنا، وحتى تقوى عزائمنا، وتشحذ هممنا،
 فنقتدي بهم -نرجو من الله ذلك-.


نسأل الله أن يجعلنا متأسين بسنة نبيه صلى الله
عليه وسلم ، مهتدين بهديه ، نسير على ما سار
عليه صالحوا سلف الأمة من الصحابة والتابعين
 ومن تبعهم بإحسان . وأن يستعملنا في طاعته،
ويجنبنا معصيته، وأن يرزقنا الإخلاص في القول
 والعمل، وأن يوفقنا لقيام رمضان وصيامه إيماناً
 واحتساباً ويتقبله منا، ويجعلنا ممن وفق لقيام ليلة
 القدر، وأن يعلي هممنا، ويقينا شرور أنفسنا.

آمين اللهم آمين.










منقول من عدة مصادر بتصرف