الجمعة، 31 ديسمبر 2010

جهاد النفس وجهاد الشيطان

 

جهاد النفس وجهاد الشيطان



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أمّا بعد:

لما كان جهاد أعداء الله في الخارج فرعاً على جهاد العبد نفسه في ذات الله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:
«المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب» [رواه الترمذي وصححه الألباني]، كان جهاد النفس مقدماً على جهاد العدو في الخارج وأصلاً له، فإنّه ما لم يجاهد نفسه أولاً لتفعل ما أُُمرت به وتترُكَ ما نُهيَت عنه، ويحاربها في الله لم يمكنه جهاد عدوه في الخارج.

فكيف يمكنه جهاد عدوه والانتصاف منه، وعدوه الذي بين جنبيه قاهر له متسلط عليه لم يجاهده ولم يحاربه في الله؟ بل لا يمكنه الخروج إلى عدوه حتى يجاهد نفسه على الخروج.


وهناك عدو ثانٍ لا يمكنه جهاد نفسه وجهاد عدوه إلاّ بجهاده، وهو واقف بينهما يثبط العبد عن جهادهما ويخذله ويُرجف به، ولا يزال يُخيل له ما في جهادهما من المشاق وترك الحظوظ، وفوت اللذات والمشتهيات، ولا يمكنه أن يجاهد ذينك العدوين إلاّ بجهاده، فكان جهاده هو الأصل لجهادهما وهو الشيطان، قال تعالى:
{إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [سورة فاطر: 6]، والأمر باتخاذه عدواً تنبيه على استفراغ الوسع في محاربته ومجاهدته، وكأنّه عدو لا يفتر ولا يقصر عن محاربة العدو على عدد الأنفاس.

وجهاد النفس أربع مراتب:


إحداها:
أن يجاهدها على تعلم الهدى ودين الحق الذي لافلاح لها ولا سعادة في معاشها ومعادها إلاّ به، ومتى فاتها عمله شقيت في الدارين.

الثانية:
أن يجاهدها على العمل به بعد علمه، وإلاّ فمجرد العلم بلا عمل إن لم يضرها لم ينفعها.

الثالثة:
أن يجاهدها على الدعوة إليه وتعليمه من لا يعلمه، وإلاّ كان من الذين يكتمون ما أنزل الله من الهدى والبينات، ولا ينفعه علمه ولا ينجيه من عذاب الله.

الرابعة:
أن يجاهدها على الصبر على مشاق الدعوة إلى الله، وأذى الخلق، ويتحمل ذلك كله لله، فإن استكمل هذه المراتب الأربع صار من الربانيين، فإنّ السلف مُجمعون على أن العالم لا يستحق أن يُسمى ربانياً حتى يعرف الحق ويعمل به ويُعلِّمَه، فمن علم وعمل وعلّم فذاك يُدعى عظيماً في ملكوت السماوات.

وأمّا جهاد الشيطان فمرتبتان:


إحداهما:
جهاده على ما يُلقي إلى العبد من الشبهات والشكوك القادحة في الإيمان.

الثانية:
جهاده على دفع ما يُلقي إلى العبد من الإرادات الفاسدة والشهوات.

فالجهاد الأول يكون بعده اليقين، والثاني يكون بعده الصبر، قال تعالى:
{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ} [سورة السجدة: 24]، فأخبر سبحانه وتعالى أنّ إمامة الدين إنّما تنال بالصبر واليقين، فالصبر يدفع الشهوات والإرادات الفاسدة، واليقين يدفع الشكوك والشبهات.

ولا يتم هذا الجهاد إلاّ بهجرتين في كل وقت:


إحداهما:
هجرة إلى الله عز وجل بالتوحيد والإخلاص والإنابة والتوكل والخوف والرجاء والمحبة والتوبة.

ثانيهما:
هجرة إلى رسوله بالمتابعة والانقياد لأمره، والتصديق بخبره، وتقديم أمره وخبره على أمر غيره وخبره، وفرض عليه جهاد نفسه في ذات الله وجهاد شيطانه، فهذا كله فرض عين لاينوب فيه أحد عن أحد.

فالشيطان أحرص ما يكون على الإنسان عندما يهم بالخير أو يدخل فيه فهو يشتد عليه حينئذ ليقطعه عنه، ففي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه قال:
«إنّ عفريتا من الجن تفلت البارحة ليقطع علي صلاتي» [متفق عليه].

وكلما كان الفعل أنفع للعبد وأحب إلى الله تعالى كان اعتراض الشيطان له أكثر، ففي مسند الإمام أحمد من حديث سبرة بن أبي فاكه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه قال:
«إنّ الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه، فقعد له بطريق الإسلام فقال: تـُسلم، وتذر دينك ودين آبائك وآباء آبائك؟ فعصاه فأسلم، ثم قعد له بطريق الهجرة فقال: تهاجر وتدع أرضك وسماءك، وإنما مثل المهاجر كمثل الفرس في الطول؟ فعصاه فهاجر، ثم قعد له بطريق الجهاد فقال: تجاهد فهو جهاد النفس والمال، فتقاتل فتقتل فتنكح المرأة ويقسم المال؟ فعصاه فجاهد، فمن فعل ذلك كان حقا على الله أن يدخله الجنة، ومن قتل كان حقا على الله أن يدخله الجنة، وإن غرق كان حقا على الله أن يدخله الجنة، وإن وقصته دابته كان حقا على الله أن يدخله الجنة» [رواه أحمد والنسائي وصححه الألباني].

فالشيطان بالرصد للإنسان على طريق كل خير، فأمر سبحانه وتعالى العبد أن يُحارب عدوه الذي يقطع عليه الطريق، ويستعيذ بالله تعالى منه أولاً، ثم يأخذ في السير، كما أن المسافر إذا عرض له قاطع طريق اشتغل بدفعه أولاً، ثم اندفع في سيره، فقال تعالى:
{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)} [سورة الناس: 1-6]، وقال تعالى: {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ} [سورة المؤمنون: 97- 98]، وقال تعالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [سورة الأعراف: 200]، وقال تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [سورة النحل: 98].

ولما دعت امرأة العزيز يوسف عليه السلام إلى الفاحشة قال:
{مَعَاذَ اللَّهِ} [سورة يوسف: 23]، وقالت مريم عليها السلام لما جاءها الملك يبشرها بالمسيح عليه السلام: {إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيّاً} [سورة مريم: 18]، وقالت امرأة عمران: {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم} [سورة آل عمران: 36].

فالعبد ينبغي أن يأنف أن يكون تحت قهر عدوه؛ فإن الشيطان إذا رأى من العبد ضعف عزيمة وهمة، وميلاً إلى هواه طمع فيه وصَرَعَه، وألجمه بلجام الهوى، وساقه حيث أراد، ومتى أحس منه بقوة عزم وشرف نفس وعلو همة، لم يطمع فيه إلاّ اختلاساً وسرقة.


فالهوى ما خالط شيئاً إلاّ أفسده، فإن وقع في العلم أخرجه إلى البدعة والضلالة وصار صاحبه من جملة أهل الأهواء، وإن وقع في الزهد أخرج صاحبه إلى الرياء، وإن وقع في الحكم أخرج صاحبه إلى الظلم وصده عن الحق، وإن وقع في القسمة خرجت عن قسمة العدل إلى قسمة الجور، وإن وقع في الولاية والعزل أخرج صاحبه إلى خيانة الله والمسلمين، حيث يولي بهواه ويعزل بهواه، وإن وقع في العبادة خرجت عن أن تكون طاعة وقربة، فما قارن الهوى شيئاًَ إلاّ أفسده.


وليعلم أنّ الشيطان ليس له مدخل على ابن آدم إلاّ من باب هواه، فإنّه يطيف به من أين يدخل عليه حتى يفسد عليه قلبه وأعماله، فلا يجد مدخلاً إلاّ من باب الهوى، كما قال تعالى:
{فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ} [سورة القصص: 50].

وقد شبه الله تعالى أتباع الهوى بأخس الحيوانات صورة ومعنى، فشبههم بالكلب وبالحمر قال تعالى:
{وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ} [سورة الأعراف: 176]، وقال تعالى: {كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (50) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ} [سورة المدثر: 50-51]، وبيَّن الله تعالى أنّ كل من اتبع هواه فهو ظالم فقال تعالى: {بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [سورة الروم: 29]، وقد شبه الله تعالى متبع الهوى بعابد الوثن، وجعله في منزلته فقال تعالى: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [سورة الفرقان: 43]، قال الحسن البصري: "هو المنافق لا يهوى شيئاً إلاّ ركبه". وقال أيضا: "المنافق عبد هواه لا يهوى شيئاً إلاّ فعله".

ومخالفة الهوى تورث العبد قوة في بدنه وقلبه ولسانه.
قال بعض السلف: "الغالب لهواه أشد من الذي يفتح المدينة وحده". وفي الحديث الصحيح المرفوع: «ليس الشديد بالصرعة إنّما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب» [متفق عليه]، وكلما تمرن على مخالفة هواه اكتسب قوة إلى قوته والله عز وجل جعل الخطأ واتباع الهوى قرينين، وجعل الصواب ومخالفة الهوى قرينين، كما قال بعض السلف: "إذا أشكل عليك أمران لا تدري أيّهما أرشد فخالف أقربهما من هواك، فإنّ أقرب ما يكون الخطأ في متابعة الهوى".

والهوى داء ودواؤه مخالفته،
قال بعض العارفين: "إن شئت أخبرتك بدائك وإن شئت أخبرتك بدوائك، داؤك هواك ودواؤك ترك هواك ومخالفته".

وجهاد الهوى إن لم يكن أعظم من جهاد الكفار فليس بدونه، قال رجل للحسن البصري - رحمه الله تعالى-: يا أبا سعيد أي الجهاد أفضل؟ قال: جهادك هواك.

قال ابن القيم:
"وسمعت شيخنا - يعني ابن تيمية - يقول: جهاد النفس والهوى أصل جهاد الكفار والمنافقين فإنّه لا يقدر على جهادهم حتى يجاهد نفسه وهواه أولا حتى يخرج إليهم".

واتباع الهوى يغلق على العبد أبواب التوفيق ويفتح عليه أبواب الخذلان، فتراه يلهج بأن الله لو وفقه لكان كذا وكذا، وقد سد على نفسه طرق التوفيق باتباعه هواه،
قال الفضيل بن عياض: "من استحوذ عليه الهوى واتباع الشهوات انقطعت عنه موارد التوفيق".

فليعلم أنّ أعدى عدو للمرء شيطانه وهواه، وأصدق صديق له عقله والمَلَكُ الناصح له، فإذا اتبع هواه أعطى بيده لعدوه، واستأثر له وأشمته به، وساء صديقه ووليَّه، وهذا بعينه هو جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء.


وليعلم كذلك أنّ لكل عبد بداية ونهاية، فمن كانت بدايته اتباع الهوى كانت نهايته الذل والصغار والحرمان والبلاء بحسب ما اتبع من هواه؛ لأنّ اتباع الهوى مخالفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم وقد قال صلى الله عليه وسلم:
«بُعثت بالسيف بين يدي الساعة وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذل والصَّغار على من خالف أمري» [رواه أحمد وصححه الألباني]، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الصباح والمساء: «اللّهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة رب كل شيء ومليكَه أشهد أن لا إله إلاّ أنت، أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشركه، وأن أقترف على نفسي سوءا أو أجره إلى مسلم» [رواه أبو داود وصححه الألباني].


كتبه/ محمود عبد الحميد



الطريق إلى الولد الصالح (9)


كتبه/ عصام حسنين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فإن البناء النفسي الوسط للطفل يؤهله لأن يكون إنسانًا سويًا، يقوم بتكاليف الحياة بجد ونشاط وأمل، وحسن ظن بالله -تعالى-، وصبر وجلد عند الشدائد، يحب الخير للناس، ويسعى في إيصاله إليهم؛ بعيدًا عن ضد ذلك من حقد أو غل أو حسد، أو أنانية أو عدوانية إلى آخر ذلك من أخلاق فاسدة محرمة؛ من أسبابها فقدان الطفل للعاطفة أو البناء النفسي الوسط.
- تمتاز التربية في الإسلام بمنهج وسط يحقق الشخصية المؤمنة المتزنة، الملتزمة بدينها، والمصلحة لغيرها، قال الله -تعالى-: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (فصلت:33).
قال الحسن البصري -رحمه الله-: "هذا حبيب الله، هذا ولي الله، هذا صفوة الله، هذا خيرة الله، هذا أحب أهل الأرض إلى الله، أجاب الله في دعوته، ودعا الناس إلى ما أجاب الله فيه من دعوته، وعمل صالحًا في إجابته، وقال: إنني من المسلمين، هذا خليفة الله"!
قال ابن كثير -رحمه الله-: "هذه الآية عامة في كل من دعا إلى خير، وهو في نفسه مهتد، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- أولى الناس بذلك" التفسير.
ولكي يكون رجل الغد المشرق -إن شاء الله- بهذه المثابة التي يحبها الله -تعالى-، والذي هو غرض التربية، بل الغرض من هذا الوجود والزواج وإنجاب الذرية، وغيره.. (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات:56)؛ فلابد من هذا البناء النفسي الوسط بدون إفراط يؤدي إلى تدليل بغيض، أو تفريط يؤدي إلى: عقد نفسية، وأمراض جسدية واجتماعية.
أولاً: الدفء الأسري:
لابد أن يتقي الزوجان ربهما -تعالى- في معاملة كل منهما للآخر: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم:21)، وقال -تعالى-: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (البقرة:228).
وقال -صلى الله عليه وسلم-: (لا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ) (رواه مسلم).
- وإن كان من عتاب أو توجيه فليكن سرًا بعيدًا عن الأولاد، ولابد من كظم الغيظ وليستعن على ذلك بما ورد فيه من فضل، قال -تعالى-: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (آل عمران:134)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ) (متفق عليه)، وقال: (مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْفِذَهُ ، دَعَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رُءُوسِ الْخَلاَئِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ اللَّهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ مَا شَاءَ) (رواه أبو داود، وحسنه الألباني).
وعليهما أن يشيعا في البيت جو الحب والسرور؛ ليكون محضنًا دافئًا للمولود الجديد ولأطفالهم، وليس صوابًا ما يظن بعض الآباء أنه لابد وأن يعبس أو يرتفع صوته بالأمر والنهي ليهابه أهل البيت؛ فقد يتحقق ذلك، لكن خسارته كبيرة، خسارة حبهم لك، وهروبهم منك، ودمارهم النفسي أو انحرافهم والذي يؤدي إلى عواقب وخيمة فيما بعد.
- إن المحضن الدافئ الذي يشيع فيه الحب والسعادة بسبب طاعة الله: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (النحل:97)، فينشئ الولد تنشئة نفسية صحيحة تقيه المشكلات النفسية والجسدية كالتبول اللاإرادي، والخوف، والقلق عند النوم، والتلعثم عند الحديث، والعدوانية وغير ذلك.
2- الحنان والرحمة:
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الإِبِلَ نِسَاءُ قُرَيْشٍ أَحْنَاهُ عَلَى وَلَدٍ فِي صِغَرِهِ، وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ) (متفق عليه).
(أَحْنَاهُ عَلَى وَلَدٍ فِي صِغَرِهِ): ما أجمله من تعبير، يحمل معاني كثيرة تبين أساس التربية النفسية لأولادنا.
هذا الحنان الذي خرَّج لنا رجال الصحابة -رضوان الله عليهم- الذين تحملوا نصرة الدين (فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (الأعراف:157).
الذين كان لأمهاتهم في قلوبهم شأن عجيب، وهل هذه المكانة إلا نتاج الرحمة والحنان والحب الذي غرسته الأم في قلوبهم؟!
نعم الحنان والحب والرحمة.. أيها الأبوان! ولنا في رسولنا -صلى الله عليه وسلم- في هذا الجانب الأسوة الحسنة؛ فقد كان -صلى الله عليه وسلم- أرحم الناس بالعيال!
- يقول أنس -رضي الله عنه-: "مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَرْحَمَ بِالْعِيَالِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-" (رواه مسلم).
- وعن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- قال: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْخُذُنِي فَيُقْعِدُنِي عَلَى فَخِذِهِ وَيُقْعِدُ الْحَسَنَ عَلَى فَخِذِهِ الأُخْرَى ثُمَّ يَضُمُّهُمَا، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ ارْحَمْهُمَا فَإِنِّي أَرْحَمُهُمَا" (رواه البخاري).
- وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى سُوقِ بَنِي قَيْنُقَاعَ، مُتَّكِئًا عَلَى يَدِي فَطَافَ فِيهَا ثُمَّ رَجَعَ فَاحْتَبَى -"أي جلس على مقعدته وهو يشبك ذراعيه حول ركبتيه"- فِي الْمَسْجِدِ، وَقَالَ: (أَيْنَ لَكَاعٌ؟ ادْعُوا لِي لَكَاعًا). فَجَاءَ الْحَسَنُ، فَاشْتَدَّ حَتَّى وَثَبَ فِي حَبْوَتِهِ، فَأَدْخَلَ فَمَهُ فِي فَمِهِ، ثُمَّ قَالَ: (اللهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُ ثَلاثًا). (رواه البخاري ومسلم، وأحمد واللفظ له). واللكاع: هو الصغير قليل الجسم.
- وكان -صلى الله عليه وسلم- يرحم بكاء الصبي في الصلاة فيخففها؛ فعن أنس -رضي الله عنه- قال: "مَا صَلَّيْتُ وَرَاءَ إِمَامٍ قَطُّ أَخَفَّ صَلاةً وَلا أَتَمَّ مِنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَإِنْ كَانَ لَيَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَيُخَفِّفُ مَخَافَةَ أَنْ تُفْتَنَ أُمُّهُ" (متفق عليه).
- وكان -صلى الله عليه وسلم- يمسح رأس الطفل وخده؛ فعن أنس قال: "كان يَزُورُ الأَنْصَارَ وَيُسَلِّمُ عَلَى صِبْيَانِهِمْ، وَيَمْسَحُ رُؤُوسَهُمْ" (رواه النسائي في السنن الكبرى، وصححه الألباني).
- وعن جابر بن سمرة -رضي الله عنه- وهو من أطفال الصحابة، قال: "صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلاةَ الأُولَى -يعني: صلاة الظهر- ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَهْلِهِ وَخَرَجْتُ مَعَهُ فَاسْتَقْبَلَهُ وِلْدَانٌ فَجَعَلَ يَمْسَحُ خَدَّيْ أَحَدِهِمْ وَاحِدًا وَاحِدًا". قَالَ جَابِر: وَأَمَّا أَنَا فَمَسَحَ خَدِّي فَوَجَدْتُ لِيَدِهِ بَرْدًا أَوْ رِيحًا كَأَنَّمَا أَخْرَجَهَا مِنْ جُؤْنَةِ عَطَّارٍ" (رواه مسلم)، وجونة العطار: سُليلة مستديرة، مغشاة أدمًا يجعل فيها العطار عطره" اهـ من المنهاج النبوي ص315.
- وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا) (رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني).
- وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لاَ تُنْزَعُ الرَّحْمَةُ إِلاَّ مِنْ شَقِيٍّ) (رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وحسنه الألباني).
- وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- رجلٌ ومعه صبي، فجعل يضمه إليه. فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : (أترحمه؟). قال: نعم. قال: (فالله أرحم بك، منك به، وهو أرحم الراحمين) (رواه البخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني).
فعلى الأم أن تسقي ولدها مع اللبن الحنان والرحمة والحب بكثرة ضمه إلى صدرها عند إرضاعه وتقبيله وتربيِتَه "ربَّت الصبي: إذا ضربت بيدها على جنبه قليلاً قليلاً لينام".
يقول أحد الأطباء الإنجليز: "إن الرباط بين الطفل والأم إما أن يكون ركيزة الصحة النفسية أو يكون منطلقًا للمرض النفسي".
3- ومن مظاهر هذه الرحمة: تقبيله ومداعبته والتصابي له:
- عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: "كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَيَدْلَعُ لِسَانَهُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ، فَيَرَى الصَّبِيُّ حُمْرَةَ لِسَانِهِ ، فَيَبْهَشُ إِلَيْهِ" (رواه ابن حبان والبغوي في شرح السنة، وصححه الألباني)، يبهش إليه: يعجبه ويسرع إليه.
- وسبق أنه -صلى الله عليه وسلم- أدخل فمه في فم الحسن -رضي الله عنه-.
- وكان -صلى الله عليه وسلم- يحمله في الصلاة؛ فعن عبد الله بن شداد عن أبيه -رضي الله عنهما- قال: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي إِحْدَى صَلاتَيْ الْعِشَاءِ وَهُوَ حَامِلٌ حَسَنًا أَوْ حُسَيْنًا فَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوَضَعَهُ ثُمَّ كَبَّرَ لِلصَّلاةِ فَصَلَّى فَسَجَدَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ صَلاتِهِ سَجْدَةً أَطَالَهَا، فَرَفَعْتُ رَأْسِي وَإِذَا الصَّبِيُّ عَلَى ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ سَاجِدٌ فَرَجَعْتُ إِلَى سُجُودِي فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الصَّلاةَ؛ قَالَ النَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ سَجَدْتَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ صَلاتِكَ سَجْدَةً أَطَلْتَهَا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ قَدْ حَدَثَ أَمْرٌ أَوْ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْكَ. قَالَ: (كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ وَلَكِنَّ ابْنِي ارْتَحَلَنِي فَكَرِهْتُ أَنْ أُعَجِّلَهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ) (رواه أحمد والنسائي، وصححه الألباني).
- وعن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي بُرَيْدَةَ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَخْطُبُنَا إِذْ جَاءَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ -عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ- عَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ يَمْشِيَانِ وَيَعْثُرَانِ فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنَ الْمِنْبَرِ فَحَمَلَهُمَا وَوَضَعَهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ: (صَدَقَ اللَّهُ (إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ) فَنَظَرْتُ إِلَى هَذَيْنِ الصَّبِيَّيْنِ يَمْشِيَانِ وَيَعْثُرَانِ فَلَمْ أَصْبِرْ حَتَّى قَطَعْتُ حَدِيثِى وَرَفَعْتُهُمَا) (رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني).
- وعن البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاضِعًا الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَى عَاتِقِهِ وَهُوَ يَقُولُ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ) (متفق عليه).
4- وكذا ملاعبته بحب وسرور وفرح ومجاوبة؛ لأنه يشعره أنه مرغوب فيه، فيزيد من نشاطه ويشجعه على الاختلاط بالناس، وعلى الشجاعة الأدبية بحيث يعبر عما بداخله بطلاقة دون خوف من أحد.
- ولنا في هذه المواقف النبوية أسوة وقدوة، وفيها أيضًا زجر لهؤلاء الآباء الذين يظنون أن الرحمة خور، وأن التصابي للطفل تدليل، فلا يرى ولده منه إلا العبوس والزجر، وكسر النفس الذي يؤول بالطفل إلى الانطواء والوحدة والتلعثم والضعف، وهذا لا شك مذموم.
وهو خلاف هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي هو خير الهدي:
- فقد كان -صلى الله عليه وسلم- ضحوكًا بسامًا، يقول جرير -رضي الله عنه-: (وَلا رَآنِي إِلا تَبَسَّمَ فِي وَجْهِي) (متفق عليه)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني).
وانظر إلى عمر -رضي الله عنه- الذي كان جبارًا في الجاهلية والذي وأد بنتًا له صغيرة ماذا يقول: "ينبغي للرجل أن يكون في أهله كالصبي -أي في الأنس والبشر وسهولة الخلق والمداعبة مع أولاده-؛ فإذا التمس ما عنده وجد رجلاً".
واستعمل عمر رجلاً فرأى عمر يقبل صبيًا له، فقال: تقبله وأنت أمير المؤمنين؟! لو كنت أنا ما فعلته. فقال عمر: فما ذنبي إن كان الله نزع من قلبك الرحمة، إن الله لا يرحم من عباده إلا الرحماء". ونزعه عن عمله، وقال: "أنت لا ترحم ولدك؛ فكيف ترحم الناس"؟! المنهاج النبوي ص 315.
 - وكان -صلى الله عليه وسلم- يسابق عائشة -رضي الله عنها-، ويسرب لها صديقاتها ليلعبن معها، وكانت عندها بناتها "لعب"، تلعب بها عنده، وكان -صلى الله عليه وسلم- يزور أم سليم في بيتها، وفي البيت أبو عمير بن أبي طلحة -صغير أبي طلحة الذي مات-، كان له عصفور صغير يلعب به، ويقول له النبي -صلى الله عليه وسلم- ملاعبًا وملاطفًا له: (يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ؟) (متفق عليه).
- وكان -صلى الله عليه وسلم- يسلم على الصبيان وهم يلعبون.
- وكان -صلى الله عليه وسلم- يُلاعب الصغير ويداعبه بالكلمات الجميلة.
والطفل يحب ذلك ويعجبه، فعن أم خالد قالت: أُتِيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِثِيَابٍ فِيهَا خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ صَغِيرَةٌ فَقَالَ: (مَنْ تَرَوْنَ أَنْ نَكْسُوَ هَذِهِ؟). فَسَكَتَ الْقَوْمُ. قَالَ: (ائْتُونِي بِأُمِّ خَالِدٍ). فَأُتِيَ بِهَا تُحْمَلُ فَأَخَذَ الْخَمِيصَةَ بِيَدِهِ فَأَلْبَسَهَا وَقَالَ: (أَبْلِي وَأَخْلِقِي) (رواه البخاري)، وفي رواية له: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (سَنَهْ سَنَهْ). -وَهِيَ باللغة بِالْحَبَشِيَّةِ: تعني الحَسَنَةٌ، وداعبها -صلى الله عليه وسلم- بهذه الكلمة بلغة الحبشة؛ لأنها كانت مع أهلها في هجرة الحبشة، وهي تعرفها- قَالَتْ: فَذَهَبْتُ أَلْعَبُ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ فَزَبَرَنِي أَبِي. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (دَعْهَا) ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَبْلِي وَأَخْلِفِي ثُمَّ أَبْلِي وَأَخْلِفِي ثُمَّ أَبْلِي وَأَخْلِفِي). قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَبَقِيَتْ حَتَّى ذَكَرَ -"يعني من بقائها، يعني طال عمرها بدعوة النبي -صلى الله عليه وسلم-"-.
- فبالله عليكم: هل ينسى الطفل هذا الحنان أو هذه المواقف التي تنبع بالحنان والرحمة؟! وما أثرها على نفسه وما أثره فيما بعد على من غمره وأشبعه بهذا العطف والحنان؟! (هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَانُ) (الرحمن:60).
- وأن يخرج بأولاده إلى متنزه خال من المنكرات؛ فيلاعبهم ويسابق بينهم؛ ليعلمهم أدب اللعب من عدم الغضب، أو الحرص على أخيه، وعدم إيذائه وعدم التعصب، والفرح لأخيه إن غلب، فبهذا كله يقوي آصرة الأخوة والمحبة بين الأولاد.
5- مخاطبته بـ "يا بني"، "يا حبيبي"، و"باسمه"، وغيرها من الألقاب والأسماء التي فيها الشفقة والرحمة واستمالة القلب لسماع ما ينفعه، كما أنها تنشئ في الطفل احترام نفسه واعتزازه بها، وأدبه مع الكبار، فيناديهم بالألقاب المحترمة التي تدل على أنه محترم، ومؤدب، فيقبل بين الناس ويقبلون عليه.
- كان النبي -صلى الله عليه وسلم- ينادي أنسًا بـ"يا بني"؛ فعن أنس قال: " قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (يَا بُنَيَّ)" (رواه مسلم).
وقال لابن عباس -رضي الله عنهما-: (يا غلام)، وقال لأبي عمير: (يا أبا عمير).
6- وأن يعطيه حقه وأن يستأذن في حقه إن كان سيعطيه لغيره؛ لأن الطفل يستأثر بحاجته، فإن أخذت من دون استئذانه قد يأخذها في نفسه، وقد يشعر بظلم وقد يبغض من أعطيت له دونه خاصة إن كانوا إخوانه، وتعلم هذا السلوك التربوي المهم من الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ فعن سهل بن سعد -رضي الله عنه-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُتِيَ بِشَرَابٍ فَشَرِبَ مِنْهُ وَعَنْ يَمِينِهِ غُلامٌ وَعَنْ يَسَارِهِ أَشْيَاخٌ فَقَالَ لِلْغُلامِ: (أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَ هَؤُلاءِ؟) فَقَالَ الْغُلامُ: لا وَاللَّهِ لا أُوثِرُ بِنَصِيبِي مِنْكَ أَحَدًا. قَالَ: فَتَلَّهُ -وضعه- رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَدِهِ- (رواه البخاري ومسلم).
7- وألا نكثر من لومه وعتابه؛ لأنه يزيد من عناده وفعله القبيح، ويهون سماع الملامة عنده، ويضيع هيبة كلام الأبوين عنده، ولنا في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خير أسوة في ذلك؛ فعن أنس -رضي الله عنه- قال: " خَدَمْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَشْرَ سِنِينَ فَمَا قَالَ لِي: أُفٍّ، وَلا لِمَ صَنَعْتَ؟ وَلا: أَلا صَنَعْتَ؟" (متفق عليه).
وهذا يربي في نفس الطفل الحياء، وينمي الفضيلة والانتباه والملاحظة بشرط الالتزام معه منذ البداية بالتوجيه والإرشاد وعدم ترك ثغرات أو فعل مخالفات أو السكوت عن محظورات، فإذا أردنا أن نعالج نجد الوقت قد فات.
- وعلى الأم أن تخوِّف الطفل بالأب، وأن تزجره عن القبائح وألا تخفي شيئًا عن أبيه، فيتفاقم الخطأ ويصعب العلاج.
8- وأن يؤاكله لتعليمه وتوجيهه؛ فعن عمر بن أبي سلمة -رضي الله عنه- قال: كُنْتُ غُلامًا فِي حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَا غُلامُ سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِي بَعْدُ) (رواه البخاري ومسلم).
وهذه آداب الأكل يُعوَّد عليها الصبي، ويعود أيضًا إذا طعن في الطفولة:
ألا يحدق النظر إلى الطعام، ولا إلى غيره ممن يأكل معه.
- ألا يسرع إلى طعام قبل غيره.
- ألا يسرع في الأكل وأن يجيد المضغ.
- وألا يوالي بين اللقم.
- وألا يلطخ وجهه وثوبه بالطعام.
- وألا يذم طعامًا فإن أعجبه أكله وإلا تركه.
- أن يعوَّد أن يؤثر غيره ببعض طعامه، وخير وسيلة في ذلك السلوك العملي فيطعم الأب ابنه وزوجته ببعض طعامه ثم يفعله معه؛ فيكون رد الطفل هنا أنه يطعمك ثم تطعم أمه ثم إخوانه، وهكذا يشيع الحب والإيثار بين أفراد الأسرة، ثم يتعداه فيما بعد إلى غيرها.
- وأن يعود في بعض الأحيان الطعام الخشن حتى يقوى عوده، ولا يكون الطعام مبلغ علمه.
- وأن يقبح عنده كثرة الطعام، وأن نمنعه من صفة الشره.
- وأن يعود حمد الله -تعالى- في نهاية طعامه.
- وننبه إلى أهمية الإقناع عند الأمر أو النهي وهذا نستفيده من توجيهات النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: أَخَذَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ فَجَعَلَهَا فِي فِيهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (كِخْ كِخْ ارْمِ بِهَا أَمَا عَلِمْتَ أَنَّا لا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ) (متفق عليه).
9- وأن يعدل بين أولاده؛ لأمره -صلى الله عليه وسلم- بذلك، حيث قال: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلادِكُمْ) (متفق عليه). وعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: سَأَلَتْ أُمِّي أَبِي بَعْضَ الْمَوْهِبَةِ لِي مِنْ مَالِهِ، ثُمَّ بَدَا لَهُ فَوَهَبَهَا لِي، فَقَالَتْ: "لا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-"، فَأَخَذَ بِيَدِي وَأَنَا غُلامٌ فَأَتَى بِيَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "إِنَّ أُمَّهُ بِنْتَ رَوَاحَةَ سَأَلَتْنِي بَعْضَ الْمَوْهِبَةِ لِهَذَا"، قَالَ: (أَلَكَ وَلَدٌ سِوَاهُ؟)، قَالَ: "نَعَمْ"، قَالَ: فَأُرَاهُ قَالَ: (لا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ) (متفق عليه).
وقال -صلى الله عليه وسلم-: (اعْدِلوا بَيْنَ أوْلادِكُمْ في النِّحَلِ كما تُحِبُّونَ أنْ يَعْدِلوا بَيْنَكُمْ في البِرِّ واللُّطْفِ) (رواه الطبراني، وصححه الألباني).
وعن أنس -رضي الله عنه- كَانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلٌ فَجَاءَ ابْنٌ لَهُ فَقَبَّلَهُ وَأَجْلَسَهُ عَلَى فَخِذِهِ ثُمَّ جَاءَتْ بِنْتٌ لَهُ فَأَجْلَسَهَا إِلَى جَنْبِهِ قَالَ: (فَهَلا عَدَلْتَ بَيْنَهُمَا؟!) (أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار، وحسنه الألباني).
فبينت هذه الأحاديث أن العدل بين الأولاد يكون في الهبة والقبلة ومكان الجلوس، وأنه لا فرق بين الذكر والأنثى؛ وهذا له أعظم الأثر في شيوع المحبة والألفة بين الإخوة، ويمنع الحسد والكراهية، ويعينهم على -فيما بعد- على بر الوالدين والدعاء لهما.
- وهنا جواب عن كيفية تهيئة الطفل لاستقبال المولود الجديد؛ ينبغي التعرف على نفسية الطفل في أطوار سنه المختلفة، وكيفية التعامل معها؛ فطفل السنتين يميل إلى اللعب؛ فلاعبه، وأنصت لحديثه، وتمتع به؛ لتنمي ثروته الكلامية واللغوية، وبناؤه النفسي.
- وطفل السنتين ونصف يميل إلى عناد قليل مستخدمًا عبارة: "لا"، التي يسمعها من والديه، ويريد أن ينفذ ما يريده بنفسه.
- وأما ابن الثالثة فيشعر بالأمان والاستقرار ويعود إلى طاعته وانسيابه فنطمئنه من مخاوفه، ويسأل: هل تحبني؟
فنضمه ونقبله ونقول: نعم.
- وتزداد غيرته من إخوانه أو من المولود الجديد الذي أخذ والديه منه.
وهذا خطر لابد من الانتباه إليه، ومحاولة وضع سبل الوقاية قبل الوصول إلى علاج لمشكلة نفسية خطيرة.
- فينبغي أن تهيئ نفسية الطفل منذ بداية الحمل الجديد بأنه سيولد له أخ سيلعب معك، وتعلمه، وأنه بحاجة إلى اهتمامك ورعايتك.
- تزداد عناية الوالدين بطفلهما الكبير أكثر مما مضى من ملاعبة وكلام واهتمام.
- الحديث من آن لآخر عن هذا المولود الجديد، بأنك ستقوم على شأنه، وأنه سيلعب معك.
- عدم العناية بالصغير أمامه خاصة وأنه ما زال رضيعًا لا يدرك معاني الغيرة بعد، وهذا من رحمة الله.
- تطلب الأم من الكبير مساعدتها في العناية بالصغير مع إظهار الفرح والرضا بذلك.
- إذا دخلتَ متجرًا فأعطه مالاً لشراء هدية للصغير، واطلب منه أن يقدمها له مع إظهار فرحك بذلك، وتقبيله والثناء عليه، وأن تقول له: إن الصغير يشكرك على هذه الهدية، وهو يحبك لذلك.
- وأن تشتري للكبير هدية، وتقول له: الصغير يهديك هذه الهدية، وأنا ألعب معك بدلاً منه؛ لأنه لا يستطيع الآن، وهذا ليس من الكذب؛ بل هو وليهما ووكيل عنهما.
- وعلى كل فلابد من مراعاة التوازن والعدل، وإشاعة جو الحب والصفاء على أهل البيت جميعًا، وهذا هو الحادي الذي يحدو بالأسرة المسلمة إلى سعادتها واستقرارها. والله المستعان.
10- وأن تُنمي في نفس طفلك ثقته بنفسه واحترامها وعدم احتقارها؛ فقد كان -صلى الله عليه وسلم- يستعمل الشباب، وكان ابن عباس -رضي الله عنهما- يحضر مجلس عمر -رضي الله عنه- وكان أصغرهم، ويطلب منه الكلام، ويقول: "يَا ابْنَ أَخِي قُلْ وَلا تَحْقِرْ نَفْسَكَ" (رواه البخاري).
- وأن تحترمه في الكلام وبخاصة طفل العاشرة الذي يميل إلى حب التقدير ونيل المكانة عند والديه، وألا تستهزئ به أو تحتقره أو تعيبه بنحو: أنت لا تفهم، أنت بليد، أنت.. وأنت.. من قاموس التحقير الذي يؤدي إلى تحطيم نفسية الطفل، بل ويؤدي إلى تصديق الطفل كلام والديه؛ فيظن أنه لن يفهم ولن يتقدم ولن يكون محترمًا -عياذًا بالله من ذلك-، فالحذر الحذر.. فكم من أب جنى على ابنه هذه الجناية الفظيعة!
- وأن تستمع لحديثه حتى ينتهي منه فتثني على الجيد والطيب من كلامه ورأيه، وتصلح وترشد إلى المعوج أو الخطأ؛ بحيث يتعلم منك أنت أدب الحوار.. وهذه من مسئوليتك.
11- وإن أخطأ فعلينا معالجة خطأه بالحكمة والإقناع؛ فقد ذكر للنبي -صلى الله عليه وسلم- غلام يرمي نخلاً للأنصار، فأتي به فقال -صلى الله عليه وسلم-: (يَا غُلاَمُ، لِمَ تَرْمِي النَّخْلَ؟). قَالَ: آكُلُ. قَالَ: (فَلاَ تَرْمِ النَّخْلَ، وَكُلْ مِمَّا يَسْقُطُ فِي أَسْفَلِهَا)، ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ فَقَالَ: (اللَّهُمَّ أَشْبِعْ بَطْنَهُ) (رواه أبو داود وابن ماجه، وضعفه الألباني). والحديث وإن كان ضعيفًا، لكن له شواهد.
وأن نحلم معه "عدم المعاجلة بالعقوبة" مع تعليمه وإرشاده، ولمزيد من النصح حول هذه النقطة المهمة راجع مقالنا: "من صفات المربي".
- هذا والله -تعالى- أعلم، وأسأل الله -تعالى- أن يصلحنا وأن يصلح لنا أولادنا وأولاد المسلمين. آمين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. 

مداخل الشيطان على ملتزمات الشبكة


مداخل الشيطان على ملتزمات الشبكة

تظلُّ الشبكة العنكبوتية المتنفس الأول بلا منازع لأصحاب الدعوات الصادقة، والقيم الفاضلة لبث ما لديهم من العلوم والآداب والفوائد في عصر استحوذ الفساد على كل القنوات الإعلامية المتاحة في العالم.

ولأنَّ طبيعة الشبكة القابلة لاحتواء كلّ الأطياف الدينية والفكرية والتوجيهية في أصقاع المعمورة دون تمييز في مساحات الفرص المتاحة إلاّ بحسب الجهد الذاتي, والهمة الشخصية والقدرة المادية فقد هبّ الصالحون من علماء وطلاّب علم ودعاة رجالاً ونساءً إلى استغلال الشبكة تعلماً وتعليماً ودعوة واحتساباً وكان للنساء الصالحات من ذلك حظ وافر, وجهد مشكور في الجملة, بيد أنَّ الطبيعة البشرية والجبلة الإنسانية والعوارض الفطرية تظل لصيقة بالجميع لا تنفك إلاّ بمجاهدة شاقة, ومقاومة دائمة ومن أبرز العقبات وأخطر الآفات الكفيلة بتعويق المسيرة الدعوية وتشتيت الجهود العلمية والاحتسابية.
بل ربما حدوث النكسة الأخلاقية, واللوثة الفطرية هو التوسع في إقامة العلاقات بين الجنسين المتجاذبين أساسا في أصل الفطرة.
فالرجل يبقى رجلاً والمرأة تظل امرأة وإن صدقت التوجهات وسلمت النوايا.


ولذا لم يكن ضرباً من الحصار الفكري ذلك التوجيه القرآني البديع لنساء النبي صلى الله عليه وسلم بعدم الخضوع بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض.
فإذا كان خير نساء العالمين يُحذرن مغبة إثارة شهوات الرجال الأولين في خير القرون فكيف بنساء الزمان وإن كُنّ داعيات فاضلات, وطالبات علم تقيات؟

ومن زعمت أنّها تأمن الفتنة منها وبها فهي واهمة بل مغرورة للأسف الشديد.

وواقع الحال يسجل بمرارة حوادث مؤسفة نجمت عن علاقة بدأت بريئة لخدمة الدعوة وانتهت بفاجعة يرتجف القلم قبل تسطير حقيقة وقوعها؛ كلُّ ذلك بسبب التوسع في إنشاء العلاقات البريئة والأخوية وتحت مظلة التعاون على البر والتقوى.

وفيما يلي سرد لبعض مداخل الشيطان على الملتزمات العاملات في الشبكة دعوة واحتساباً:
1/ المدخل الأول:
قبول العمل إشرافاً على منتدى أو عضوية فيه, مع رجال لا تعرفهم, ولم تسمع بهم من قبل.
فبعض أصحاب المواقع يعرضون على الفتيات مهمة الإشراف أو المراقبة على بعض منتدياتهم, ويتبادلون معهن أرقام الهواتف وعناوين البريد الإلكتروني لإنجاز العمل.
وقد تكون النوايا في الغالب سليمة لكن مع مرور الوقت يتجرأ كلُّ طرف على الآخر, وتخرج المحادثات عن نطاق المهام الدعوية إلى تقصي الحقائق الشخصية وربّما آل الأمر في نهاية المطاف إلى المصير المحتوم لأمثال هذه العلاقات.

2/ المدخل الثاني:
تقوم بعض الملتزمات بتصفح بعض المواقع والمنتديات المختلطة وربما استهواها أحد الموضوعات فكتبت تعقيباً من وجهة نظرها.
وحيث أنَّ المشاركات ممنوعة إلاَّ بعد تسجيل البريد الإلكتروني فهنا زيّن الشيطان لبعض القائمين على تلك المواقع تشجيع هذه المشاركة الجادة فأرسل رسالة تهنئة, بعبارات عطرة, ومشاعر دافئة, وعرض خاص بأن تكون صاحبة المشاركة عضواً فعالاً بالترقي إلى الإشراف على أحد المنتديات وبمرور الزمن يؤول الأمر إلى ما هو معلوم.
وقد تكون التهنئة من أحد الأعضاء الذكور عبر بريدها الإلكتروني أو الرّد المباشر على موضوع المشاركة, ومع الوقت يحدث الأمر المشين.

3/ المدخل الثالث:
قد تدخل بعض الملتزمات أحد المنتديات باسم مستعار وبشخصية رجل فتتعرف على شخص ينتحل شخصية امرأة فيراسلها مع غلبة ظنه أنها امرأة لخبرتهم في الدهاء والمكر ويطلب مساعدتها في التوجيه والإرشاد واستفتائها, وربما آل الأمر بعد ذلك إلى طلب اللقاء بها واستضافتها في منزله وهنا قد تستجيب الملتزمة بعد أن تظهر شخصيتها الأنوثية وتكون قد وثقت بصديقتها الرجل وهنالك تحدث المأساة.

4/ المدخل الرابع:
قد يستهوي بعض الملتزمات استفتاء أو استشارة بعض مدعي العلم والخبراء التربويين الذين ركبوا موجة الفُتيا جذباً للزبائن، فتبث لهم همومها ومشكلاتها الخاصة, وأوضاعها العائلية, وربما استدرجها المفتي المزعوم أو الخبير التربوي إلى الإفصاح له عن أخص الخصوصيات تمهيداً لوصف العلاج الناجح, وتقديم الفتيا الملائمة, والإستشارة المناسبة, حتى إذا ما حصل مراده وتحقق أمله في جمع ما يُحب من المعلومات والخصوصيات بدا مسلسل الابتزاز والمساومة أو التهديد والترهيب وهنا تكون مزلة الأقدام, ومصرع الفضيلة.

5/ المدخل الخامس:
وقريباً من سابقه وقوع الملتزمة ضحية بعض مدعي تعبير الرؤى فالمعبرون في عصرنا يتكاثرون بشكل لافت للنظر فما المانع لدى البعض أن يتلاعب بالنبوة طالما أنها تجذب له الجمهور وتحقق له الشهرة, وتنقله إلى مصاف الوجهاء النبلاء ومن هنا تقع الكثيرات ضحايا خداع المعبرين الذين يجعلون من التعبير مصيدة يصطادون من خلالها كلّ ضعيفة همة وناقصة عقل ودين.
ولا ينبغي أن يُفهم من هذه اللفتات أننا نُعمم في أحكامنا أو نبالغ في أقوالنا أو نرجم بالغيب, فالواقع المشاهد يدل على صحة ما ذهبنا اليه ولفتنا الأنظار إلى خطورته.
لذا لا ينبغي أن نُغلّب جانب الثقة في الجميع دون تمييز مهما كان المظهر العام.
وهاهم جهابذة علم الحديث من أسلافنا الكرام لم يزالوا في تمحيص وتدقيق في أحوال الرواة ليميزوا المقبول من المردود من حديث المصطفى عليه السلام, مع كون كثير من الرواة, ورجال الأسانيد على دين وعبادة وما ذاك إلاّ حماية لميراث النبوة الشريف وللعلم باندساس كثير من الوضاعين والكذابين في صفوف المحدثين.
فإذا كان الناس منذ القدم يكذبون على النبي صلى الله عليه وسلم ويضعون عليه أحاديث لم ينطق بها يوماً من الدهر أفلا يكون الكذب على غيره في هذا الزمان بطريق التعبير وغيره أولى وأحرى؟

6/ المدخل السادس:
غرف المحادثة (الشات):
تُعدُّ غرف المحادثة أخطر وأخبث ما ابتكره دهاقنة الفساد, وسماسرة الأعراض, وهي مراتع لانتهاك كلّ فضيلة, ووأد كلّ حياء.
ولا إله إلاّ الله كم هتك من خلال هذه الغرف من عرض وكم اُغتيل من شرف, وكم صُبّت في الأرحام من نطف نجسة حرام.
هذه الغُرف المشؤومة تدخلها بعض الفتيات الصالحات بتسويل من الشيطان بدعوى الفضول أحياناً واكتشاف المجهول وبحجة الدعوة في أحيان أخرى والمسألة لا تكلف سوى اختيار اسم مستعار ومن ثم الدخول إلى غرف الخنا والفاحشة حيث يقابلها عبارات في غاية الأسفاف, وألفاظ غاية في البذاءة وربما تجلدت المسكينة واحتسبت البقاء في هذا الجو العاصف من السفه والمجون بقصد الإصلاح والنصيحة.
ثم بدأت ترسل عبارات التذكير والوعظ على استحياء لكنها لا تلبث أن تنهار أمام العبارات الجارحة للحياء, المنتهكة للفضيلة, ومع كثرة الإمساس تثور الشهوات, وتتحرك الفتن ويحدث المحذور.
وأخيرا أقول مرة ثانية وثالثة أنني لا أعمم في أحكامي ولا أبالغ في مقالي ولكني أغار على بنات قومي, وأخواتي في الدين والعقيدة.


اللهم احفظ علينا ديننا ياكريم


كتبه: الدكتور رياض بن محمد المسيميري.
صيد الفوائد

 

 

هنا

وجوب بر الوالدين



وجوب بر الوالدين


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

فإن الله عز وجل قرن حق الوالدين بحقه في آيات كثيرة، مثل قوله عز وجل:
{ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا } [1]، 

وقوله عز وجل: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [2]،
وقوله سبحانه: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي 
عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} [3]، والآيات في هذا المعنى كثيرة، وهذه الآيات تدل على وجوب برهما، والإحسان إليهما وشكرهما على إحسانهما إلى الولد من حين وجد في بطن أمه إلى أن استقل بنفسه وعرف مصالحه، وبرهما يشمل الإنفاق عليهما عند الحاجة، والسمع والطاعة لهما في المعروف، وخفض الجناح لهما، وعدم رفع الصوت عليهما، ومخاطبتهما بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، كما قال الله عز وجل في سورة بني إسرائيل: { وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا } [4]، وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل: « أي العمل أفضل؟ قال: الصلاة على وقتها، قيل: ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قيل: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله »، وقال صلى الله عليه وسلم: « رضا الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين » خرجه الترمذي، وصححه ابن حبان والحاكم، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، والأحاديث في وجوب برهما والإحسان إليهما كثيرة جداً.

وضد البر: هو العقوق لهما، وذلك من أكبر الكبائر؛ لما ثبت في الصحيحين، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثاً: قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس فقال: ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور »، وفي الصحيحين أيضاً عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « من الكبائر شتم الرجل والديه، قيل يا رسول الله: وهل يسب الرجل والديه؟ قال: نعم، يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه »، فجعل صلى الله عليه وسلم التسبب في سب الوالدين سباً لهما، فالواجب على كل مسلم ومسلمة العناية ببر الوالدين، والإحسان إليهما، ولاسيما عند الكبر والحاجة إلى العطف والبر والخدمة، مع الحذر كل الحذر من عقوقهما والإساءة إليهما بقول أو عمل، والله المسئول أن يوفق المسلمين لكل ما فيه رضاه، وأن يفقههم في الدين، وأن يعينهم على بر والديهم، وصلة أرحامهم، وأن يعيذهم من العقوق والقطيعة للرحم، ومن كل ما يغضب الله ويباعد من رحمته، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه.


--------------------------------------------------------------------------------

[1] سورة النساء الآية 36.
[2] سورة الإسراء الآية 23.
[3] سورة لقمان الآية 14.
[4] سورة الإسراء الآيتان 23 – 24.



سماحة الشيخ: عبدالعزيز بن باز رحمه الله

هنا

إعداد الزوجة الناجحة فن، هل نتقنه؟!



إعداد الزوجة الناجحة فن، هل نتقنه؟!


للكاتب : رحمة أبو إسماعيل


ليس الطلاق لوحده فقط مؤشر فشل المرأة في أن تكون زوجة ناجحة، فهناك الخلافات الزوجية، والعنوسة، وإعراض الشباب عن الزواج بسبب ما يلمسونه في الأسر المتزوجة. وهناك عنف بين الصغار لعدم مقدرة الأم على تربية صغارها والقيام بمسؤولياتها الزوجية. وهناك أيضًا العلاقات المتوترة بين الأهل والأقارب وزوجة الابن والحماة.

إن معظم هذه المشاكل سببه الرئيسي الزوجة، ذلك أن محور نجاح الأسرة وأساس استقرارها يقع جزء كبير منه على عاتق المرأة. فكيف نعلِّم الفتاة منذ الصغر وفي مرحلة المراهقة أن تكون زوجة ناجحة. وما هو فن إعداد الزوجة؟ وعلى من تقع المسؤولية في إعداد الزوجة الناجحة؟

• أعمال المنزل ضرورية:

يقول د/ خالد السلمي -طبيب-: "لقد اخترت زوجتي على أساس الكفاءة العلمية، فهي طبيبة أسنان، وأسرتها على قدر كبير من الأخلاق ووالدتها (حماتي) تعمل مدرسة وإنني لا أعيب على زوجتي سوء خلق، لكنها ليست قائمة على مسؤوليات البيت بشكل يسعدني، بل نكاد نعيش في تعاسة. فالحقيقة أن حماتي انشغلت بعملها عن الأولاد برغم أنها كانت حريصة على متابعة دروسهم بصورة جيدة جعل معظمهم أطباء وطبيبات، لكن المشكلة أن زوجتي تهتم بصورة غير طبيعية بعملها خارج المنزل، وهي لا تتقن مطلقًا إعداد الطعام، وهذا جعلني بين الحين والآخر أذهب إلى أمي لتناول بعض الأكلات التي أحبها. ومن ناحية أخرى فإن البيت سوق كبير وغير منظم تمامًا، وعندما أدخل إلى بيوت بعض الأقارب والأصدقاء أجد اختلافًا كثيرًا، ثم إن زوجتي أيضًا تدلل ابنتي كثيرًا وتلبي لها معظم طلباتها ولذا فإن الابنة عنيدة وأنانية. وهكذا فإن التقييم الكلي لزوجتي تجاهي وتجاه البيت وأولادنا سلبي جدًا".

أما خديجة عبد الباقي -ربة منزل- فتقول: "لقد حصلت على تعليم متوسط لأن أمي منذ صغري وهي تقول البنت لزوجها وبيتها، وقد جهزت لي أثاث منزلي وبه كل التفاصيل الصغيرة، وكانت دؤوبة على ذلك منذ صغري، وطَوال حياتي وأنا أهتم بآخر صيحات الموضة ولا أحب القراءة لكني مدمنة لمشاهدة التلفاز. تزوجت بمن اختارته لي أمي، وفي فترة الخطوبة كنت سعيدة، لكن بعد الزواج فوجئت بالعديد من المسؤوليات تجاه البيت وتجاه زوجي، وبرغم أنني لا أعمل إلا أنني لا أتحمل القيام بمهام المنزل خصوصًا عندما تزورني حماتي أو أهل زوجي، وزوجي أيضًا صرت أختلف معه كثيرًا، وعندما يشتد الخلاف معه أو مع أحد من أهله أترك البيت وأذهب إلى أمي بعض الوقت ثم أعود مكرهه لمسؤولياتي الزوجية".

• العناد والندية مدخل للشيطان:

صالح محمود -مهندس- يقول: "تزوجت من زميلتي في العمل، وهي تقوم بمهام البيت مع عملها بصورة جيدة، وهي فنانة في المطبخ لأنها مدربة منذ صغرها وهي في بيت أهلها على إعداد الأكلات المميزة، إلا أن كل هذه الأشياء لا تعنيني بصورة أساسية قدر طاعتها لي، فهي برغم أنها مهندسة وطباخة ماهرة إلا أنها عنيدة، كلمة حاضر ملغاة من قاموسها. وهذا العناد سبب لنا مشاكل عديدة مع الأهل والجيران وفي العمل أيضًا ودائمًا أهلها يناصرونها في مشاغباتها هذه، ويتعاطفون معها، وهو ما أدى إلى تدهور حياتنا الزوجية".

أما محمد الفولي -مدرس ثانوي- فيقول: "إنني دائمًا أدعو لوالد زوجتي ووالدتها لأنهما أحسنا تربيتها. فهي دائمًا مطيعة وعندما يكون لها رأي مخالف لرأيي تصمت حتى ينتهي غضبي وتحاول إقناعي بعد حين بلين ولطف، ولذا فإنني أحترم طلباتها وآراءها، وعندما أجدها مرهقة في أمور المنزل أحاول مساعدتها قدر الإمكان وحسب استطاعتي".

ابتهال حسين -مديرة دار حضانة- تقول: "كانت الأمهات والجدات منذ زمن غير بعيد يحرضن الفتيات على التمسك بالزوج والحفاظ على الأسرة ويساهمن في تقليص هوة الخلافات الزوجية، ومهما بلغت حدة الزوج يوصين المرأة بالتمسك به مهما كانت عيوبه وتقول الأم لابنتها: "يكفيك من زوجك أنه أجير لك بالنهار وحارسك بالليل".
لكن يبدو أن الفتيات الصغيرات الآن قد غابت عنهن تلك الوصايا البليغة وصرن فريسة للبث الإعلامي الضار، وحكايات الحب والهيام التي تنطفئ عند أول خلاف، فالبيوت لا تقام على مجرد العواطف الوهمية والأحلام الخيالية والطموحات المادية، ولكنها تقام على استبسال المرأة في الدفاع عن بيتها من أي تأثير داخلي أو خارجي".

• إعداد الزوجة الناجحة مسؤولية المجتمع:

د/ بسام الحسن -أستاذ علم الاجتماع- يقول: "هناك معاهد لإعداد القادة، وجامعات في شتى العلوم الإنسانية لإعداد الكوادر في مختلف المجالات، لكن أهم مؤسسة تربوية في المجتمع هي إعداد الفتاة للزوجية، ويجب أن تتكاتف الجهود سواء من البيت أو المدرسة أو الجامعة لإعداد وتربية الفتاة على تحمل مسؤولية الأسرة، فنجاح أي مجتمع قائم على استقراره الأسري".

د/ أحمد عبد الهادي -أستاذ التربية- يؤكد أن المرأة لها حقوق كثيرة عند الرجل، ويجب أن يقوم بها، وفي المقابل مسؤولية وشرف الزوجية له تبعات كثيرة، والفتاة يجب أن تُربَّى منذ الصغر علي كيفية تحمل مسؤولية البيت وطاعة الزوج، فالزواج ليس مجرد عرس وفستان، لكنه تربية أجيال، فالزوجة يجب أن تكون مدرسة، راعية لزوجها ولأولادها.

ويرى د/ أحمد عبد الهادي أن أولويات الزوجة الناجحة هي طاعة الزوج بالكلمة الطيبة وحفظ أسراره وحفظه في غيابه وفي حضوره وحسن التدبير في المنزل، وهذه الأمور أكثر أهمية من إعداد كَمِّ من الأطباق والأواني والأثاث. فهذه الأمور المادية يمكن التغلب عليها وتعويضها، لكن إعداد الزوجة الصالحة مسؤولية كبيرة يجب أن تهيَّأ لها الفتاة منذ الصغر، ويجب أيضًا ألَّا تثير خلافات مع أهل زوجها احترامًا وتقديرًا لزوجها.

إن الدراسات الميدانية تؤكد وجود ارتفاع مخيف في حالات الطلاق وبالذات من حديثي الزواج، وهذا يدل على أن الفتيات برغم أنهن يحصلن على الشهادات العلمية إلا أن معظمهن غير مدركات لمسؤولياتهن الزوجية، والفتاة اليوم هي نتاج التأثير الإعلامي الذي يركز فقط على العواطف والحب دون الاهتمام بالبناء العقلي والوجداني، ويجب أن تتضافر جهود الأسرة مع مؤسسات المجتمع التعليمية والإعلامية لإعداد الفتاة للزوجية.

• فصاحة امرأة مسلمة:

د/ محمد رأفت عثمان -أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر- يقول: "كانت المرأة تذهب إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- تسأله ما حق الزوج على زوجته لكي تتعلم تكاليف الزواج ومسؤوليته، ويجب أن تتعلم الفتاة من الأم المسؤولية عن رعيتها وحقوق الزوجية. وقد فصل الإسلام بشكل دقيق في تلك المسألة فرُوِيَ عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قوله: «إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحصنت فرجها وأطاعت زوجها دخلت من أي أبواب الجنة شاءت»، وقد جاءت امرأة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقالت: "بأبي أنت وأمي، إني وافدة النساء إليك وإنا معشر النساء محصورات مقصورات، قواعد بيوتكم ومقضى شهواتكم، وحاملات أولادكم، وإنكم معاشر الرجال فُضِّلْتم علينا بالجمعة والجماعات وعيادة المرضى وشهود الجنائز، والحج بعد الحج وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله، وإن الرجل منكم إذا اخرج حاجًا أو معتمرًا أو مرابطًا، حفظنا لكم أموالكم وغزلنا لكم أثوابكم، وربينا لكم أولادكم فما نشارككم في الأجر يا رسول الله؟" فالتفت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى أصحابه ثم قال: «هل سمعتم مقالة امرأة قط أحسن من مسألتها في أمر دينها من هذه»، وقال لها النبي -صلى الله عليه وسلم-: «انصرفي أيتها المرأة وأَعْلِمي مَنْ خَلْفَكِ من النساء أن حسن تبعل إحداكن لزوجها، وطلبها مرضاته، واتباعها موافقته تعدل ذلك كله»، فأدبرت المرأة وهي تُكَبِّر.
فمن من فتيات المسلمين الآن يدركن ذلك؟ وهل شرفُ وفنُّ الزوجية قائم على أثاث فاخر وأواني وأطباق وفرش وملابس، أم مجرد عواطف وكلمات حب زائفة، أم على عناد ومكابرة وندية وتشاجر؟ علينا أن نعود لديننا وقيمنا لنصحح المنظومة الأسرية".

• فاقد الشيء لا يعطيه:

د/ أحمد المجدوب -الخبير الاجتماعي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية- يقول: "كيف تُعِدُّ المرأةُ اليوم فتاتها لكي تكون زوجة صالحة وهي غير قادرة على ذلك؟ فمن خلال لقاءاتي مع سيدات جامعيات وجدت أن نسبة الإدمان منتشرة بين أبنائهن حيث انشغلنَ بالعمل عن تربية أبنائهن وهن لا يدركن جيدًا معنى المسؤولية الأسرية وحقوق الزوجية. هذا إلى جانب كثرة الخلافات والمناوشات الأسرية وهذا يؤثر حتمًا في الأولاد".

ومن ناحية أخرى فإن فن إعداد الفتاة لكي تكون زوجة صالحة ومسؤولة عن أسرة يستلزم القدوة الحيَّة وتلك هي لُبُّ القضية، أما التغير الذي لحق بالفتاة اليوم فسببه الأساسي التحولات الاقتصادية وما لحق بها من تغيرات اجتماعية أدت إلى تراجع القيم الأسرية المحافظة وتقدم قيم جديدة لا تأخذ في الاعتبار التربية. ومن العوامل المؤثرة سلبًا في المرأة والأسرة غياب التدين الحقيقي المترجم في سلوك عام، ولعلاج ذلك كله لابد من العودة إلى الدين.




قصة دخلتُ قلب زوجي من بوَّابة أمه



دخلتُ قلب زوجي من بوَّابة أمه

 

عشتُ في بيْت أبي حياةً لا رُواءَ فيها، أتلظَّى من قسوة البَيْداء القاحلة التي فرضتْها عليَّ زوجةُ أبي، التي لم تعرِفْ أنَّ هناك في مكانٍ ما من قاموس الإنسانية كلمةً تعني الرحمة، فلم تكتفِ بالسطو المسلَّحِ على مشاعري التي ذَبُلتْ قبل تفتُّحها، بل حالتْ بيني وبيْن أبي، وشرعَتْ من أول يوم لها في بيتنا في بناء حواجزَ فولاذيةٍ مِن الجفاء والقطيعة بيْننا، رغم محاولاتي المستميتة للوصول إلى قَلْبِه، ولكنَّها كانتْ قد أحكمتْ إغلاقَه في وجهي بجدارة.

تربَّيْتُ في هذا الجفاف أُعاني سنواتٍ من الجدب بلا قَطرةِ ماء تروي عطشَ قلْبي لكلمةٍ حانية، أو ضمَّة مطمئنَّة، وحلقة ضيِّقة، تكاد تُجهِز على نفسي المتطلِّعة للغدِ "المُنِقذ" بجسد مُسهِد، وعين أجهدها الأرَق، ورُوح ثائِرة تتمنَّى أن تحلِّق بعيدًا في سماء ليستْ كهذه السماء، وأرْض لم يطأها غيري؛ هربًا من تبعات قانون الطوارئ الذي كانت تُطبِّقه عند أي بادرة خطأٍ مني، وفي أيِّ وقت!

وتزوجتُ بعدَ نزيف للعَقْل والقَلْب، ومجاهدةٍ أشبهَ بهدم قلعة مُحصَّنة بعدَ اقتتالٍ مرير، خرجتْ منه رُوحي منهكَةً تكاد قَدمِي تحملني وأنا أدخل بيتَ الزوجية، ولحسن حظِّي أنِّي وجدتُ زوجي رجلًا كريمًا حنونًا، ولم يكنْ يقِف في وجه سعادتي سوى تدخُّلِ أمِّه الدائم في حياتي، فقد كنَّا نسكن في الطابق الذي يعلو بيتَ أمِّه في العقار الذي يمتلكه والدُه، فكانت تتفرَّغ لإحداثِ المشكلات بيْني وبيْنه، فكان في عودته اليوميَّة لا يحمل لي كيسًا من الفاكِهة، وإنما يحمل الكَدَر، ووجهًا عابسًا رُسِمتْ على ملامحِه مشكلةٌ صدَّرتها لي والدتُه، التي كانت تتربَّص بي، وتُعدِّد أمامَه عيوبي، والتي تراها بعين الأمِّ التي استولتْ على ابنها الوحيد، فمرَّةً لا أجيد الطبخ، ومرةً ملابسي تفتقر إلى الذَّوْق، ومراتٍ لا أهتمُّ بها!

وهكذا تدقُّ أجراسُ الحرْب اليومية في بيتي الهادئ، وزوجي يتأثَّر أحيانًا، وأحيانًا يلتزم الصمتَ، وأنا غارقة في حَيْرتي، فعقدتُ العزم ألا تكونَ حياتي امتدادًا لوخْز الألَم النفسي المتصاعِدة وتيرتُه كل يوم، لا بدَّ من العلاج.

فلَمْ أقِفْ طويلًا أمام طنين الحرْب، واشتعال أجيجها، ورُحتُ أُدير عقلي في كلِّ اتجاه كيف أُنقِذ بيتي من جحيم الغزو، والتلويح اليومي بالهجوم؛ كي أحتفظَ بزوجي الحبيب، فطيبتُه تستحقُّ مني المحاولة، وسعادةُ بيتي تستحقُّ اتخاذَ قرارات جادَّة وحاسمة، ووضْع ضمادة حولَ الجرح؛ كي يقفَ هذا النزفُ اليومي، فلَمْ أجدْ سوى الحبِّ سلاحي؛ لوقف أسلحة الدمار الشامِل الصاعدة لي كلَّ يوم كي تضعَ الحرب أوزارها.

فعقدتُ اتفاقيةً لوقْفِ هذا النزف من التدخُّلِ اليومي في حياتي الزوجيَّة، وجلستُ جِلسة وُدٍّ مع حماتي، وأخذتُ معي طبقًا من (البسبوسة الغارقة في القشدة) التي تُفضِّلها، وسبقَتْني ابتسامتي، ففتحتْ لها قلبي، وكيف أني حُرمتُ من أمِّي صغيرةً، وذقت مرارةَ الفقد، وأريد أن تُعوِّضني بحنانها، وتُزوِّدني بحِكمتها، وأن يكون حديثُها معي إذا وجدتْ ما يَضيرها مني وليس مع الزوج العائدِ منهكًا من عملِه، واتفقْنا على أن نُصبِحَ صديقتَيْن، ووقَّعْنا عقد الوفاء بكتابة أولِ سطر في فصول الهُدنة، وبدأْنا بتطبيق البنود، ووضعْنا قوانينَها أن نجعل يوم إجازتِنا من العمل نقضيه كلَّه معها، فتحوَّل مقياس ريختر -الذي فاق العَشرة وكان لا يتوقَّف عن زلزلة حيَاتي- إلى الصِّفر!

والآن دخل حلبة السباقَ ليُصبحَ في أدْنى معدلاته لتتوقَّفَ الزلزلة نهائيًّا، ويعود زوجي لابتسامةِ الرِّضا الذي فارقتْه طويلًا، والآن أصبحتْ حماتي لا ترتاح سوى بالحديث معي، ولا يَطيبُ لها الخروجُ إلا برفقتي، وأصبحتْ تناديني باسم دلالي -كما يفعل زوجي- ودائمًا تقول عني: إنِّي الابنة التي لم تلدْها، فدخلتُ قلْب زوجي مِن باب أمِّه المتسع لي.

عزيزتي:

اجعلي الكلمةَ الطيبة سلاحَكِ، أشهريه في وجْه الأحباء؛ لتزدادَ المحبَّة، ووجهِ الأعداء؛ لتكون مصدًّا لسهامهم، وتذكَّري دائمًا أنَّ الحماةَ أُمٌّ أخرى، قد تقسو وقد تحنو.

منقول

قصة الشيخ الوقور





هل سمعتم بقصة الشيخ الوقور وركاب القطار ؟؟

إذا فاقرءوها الآن فكم هي شيقة !! وكم هي معبرة !! وكم هي خاصة بكل واحد منا
فأنا وأنت وهو وهي قد عايشناها لحظة بلحظة
حصلت هذه القصة في أحد القطارات

ففي ذات يوم أطلقت صافرة القطار مؤذنة بموعد الرحيل .. صعد كل الركاب إلى القطار فيما عدا شيخ وقور وصل متأخرا .. لكن من حسن حظه أن القطار لم يفته, صعد ذلك الشيخ الوقور إلى القطار فوجد أن الركاب قد استحوذوا على كل مقصورات القطار. ..
توجه إلى المقصورة الأولى
فوجد فيها أطفالا صغارا يلعبون و يعبثون مع بعضهم .. فأقرأهم السلام وتهللوا لرؤية ذلك الوجه الذي يشع نورا وذلك الشيب الذي أدخل إلى نفوسهم الهيبة والوقار فقالوا له أهلا أيها الشيخ الوقور سعدنا برؤيتك .. فسألهم إن كانوا يسمحون له بالجلوس ؟؟
فأجابوه : مثلك نحمله على رؤسنا .. ولكن !!! ولكن نحن أطفال صغار في عمر الزهور نلعب ونمرح مع بعضنا لذا فإننا نخشى ألا تجد راحتك معنا ونسبب لك إزعاجا .. كما أن وجودك معنا قد يقيد حريتنا .. ولكن إذهب إلى المقصورة التي بعدنا فالكل يود استقبالك
توجه الشيخ الوقور إلى المقصورة الثانية

فوجد فيها ثلاثة شباب يظهر انهم في آخر المرحلة الثانوية .. معهم آلات حاسبة ومثلثات .. وهم في غاية الإنشغال بحل المعادلات الحسابية والتناقش في النظريات الفيزيائية .. فأقرأهم السلام .... ليتكم رأيتم وجوههم المتهللة والفرحة برؤية ذلك الشيخ الوقور .. رحبوا به وأبدوا سعادتهم برؤيته .. أهلا بالشيخ الوقور .. هكذا قالوها .. فسألهم إن كانوا يسمحون له بالجلوس
فأجابوه لنا كل الشرف بمشاركتك لنا في مقصورتنا ولكن !!! ولكن كما ترى نحن مشغولون بالجا والجتا والمثلثات الهندسية .. ويغلبنا الحماس أحيانا فترتفع أصواتنا ونخشى أن نزعجك أو ألا ترتاح معنا .. ونخشى أن وجودك معنا جعلنا نشعر بعدم الراحة في هذه الفرصة التي نغتنمها إستعدادا لإمتحانات نهاية العام ولكن توجه إلى المقصورة التي تلينا .. فكل من يرى وجهك الوضاء يتوق لنيل شرف جلوسك معه.
أمري إلى الله .. توجه الشيخ الوقور إلى المقصورة التالية

فوجد شاب وزوجته يبدو أنهم في شهر عسل .. كلمات رومانسية .. ضحكات .. مشاعر دفاقة بالحب والحنان ... أقرأهما السلام .. فتهللوا لرؤيته .. أهلا بالشيخ الوقور .. أهلا بذي الجبين الوضاء .. فسألهما إن كانا يسمحان له بالجلوس معهما في المقصورة ؟؟؟
فأجاباه مثلك نتوق لنيل شرف مجالسته .. ولكن كما ترى نحن زوجان في شهر العسل .. جونا رومانسي .. شبابي نخشى ألا تشعر بالراحة معنا .. أو أن نتحرج متابعة همساتنا أمامك .. كل من في القطار يتمنى أن تشاركهم مقصورتهم
توجه الشيخ الوقور إلى المقصورة التي بعدها

فوجد شخصان في آوخر الثلاثينيات من عمرهما .. معهما خرائط أراضي ومشاريع ويتبادلان وجهات النظر حول خططهم المستقبلية لتوسيع تجارتهما .. وأسعار البورصة والأسهم, فأقرأهما السلام ... فتهللا لرؤيتة .. وعليك السلام ورحمة الله وبركاته أيها الشيخ الوقور .. أهلا وسهلا بك يا شيخنا الفاضل .. فسألهما إن كانا يسمحان له بالجلوس ؟؟؟

فقالا له : لنا كل الشرف في مشاركتك لنا مقصورتنا ... بل أننا محظوظين حقا برؤية وجهك الو ضاء ولكن "يالها من كلمة مدمرة تنسف كل ما قبلها " .. كما ترى نحن في بداية تجارتنا وفكرنا مشغول بالتجارة والمال وسبل تحقيق ما نحلم به من مشاريع.. حديثنا كله عن التجارة والمال .. ونخشى أن نزعجك أو ألا تشعر معنا بالراحة اذهب للمقصورة التي تلينا فكل ركاب القطار يتمنون مجالستك 

 
وهكذا حتى وصل الشيخ إلى آخر مقصورة 

 
وجد فيها عائلة مكونة من أب وأم وأبنائهم و لم يكن في المقصورة أي مكان شاغر للجلوس
قال لهم : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. فردوا عليه السلام .. ورحبوا به ... أهلا أيها الشيخ الوقور
وقبل أن يسألهم السماح له بالجلوس .. طلبوا منه أن يتكرم عليهم ويشاركهم مقصورتهم .. محمد اجلس في حضن أخيك أحمد .. أزيحوا هذه الشنط عن الطريق.. تعال يا عبد الله اجلس في حضن والدتك .. أفسحوا مكانا له .. حمد الله ذلك الشيخ الوقور .. وجلس على الكرسي بعد ما عاناه من كثرة السير في القطار



توقف القطار في إحدى المحطات...

 
وصعد إليه بائع الأطعمة الجاهزة .. فناداه الشيخ وطلب منه أن يعطي كل أفراد العائلة التي سمحوا له بالجلوس معهم كل ما يشتهون من أكل .. وطلب لنفسه سندويتش بالجبنة ... أخذت العائلة كل ما تشتهي من الطعام .. وسط نظرات ركاب القطار الذين كانوا يتحسرون على عدم قبولهم جلوس ذلك الشيخ معهم.. كان يريد الجلوس معنا ولكن...
صعد بائع العصير إلى القطار .. فناداه الشيخ الوقور .. وطلب منه أن يعطي أفراد العائلة ما يريدون من العصائر على حسابه وطلب لنفسه عصير برتقال .. يا الله بدأت نظرات ركاب القطار تحيط بهم
وبدأوا يتحسرون على تفريطهم..آه كان يريد الجلوس معنا ولكن..
صعد بائع الصحف والمجلات إلى القطار .. فناداه الشيخ الوقور وطلب مجلة الزهرات أمل هذه الأمة .. للأم ... ومجلة كن داعية .. للأب ومجلة شبل العقيدة للأطفال .... وطلب لنفسه جريدة أمة الإسلام .. وكل ذلك على حسابه.
ومازالت نظرات الحسرة بادية على وجوه كل الركاب ... ولكن لم تكن هذه هي حسرتهم العظمى.
توقف القطار في المدينة المنشودة
واندهش كل الركاب للحشود العسكرية والورود والإحتفالات التي زينت محطة الوصول ولم يلبثوا حتى صعد ضابط عسكري ذو رتبة عالية جدا .. وطلب من الجميع البقاء في أماكنهم حتى ينزل ضيف الملك من القطار .. لأن الملك بنفسه جاء لاستقباله .. ولم يكن ضيف الملك إلا ذلك الشيخ الوقور .. وعندما طلب منه النزول رفض أن ينزل إلا بصحبة العائلة التي استضافته وان يكرمها الملك فوافق الملك واستضافهم في الجناح الملكي لمدة ثلاثة أيام أغدق فيها عليهم من الهبات والعطايا .. وتمتعوا بمناظر القصر المنيف .. وحدائقه الفسيحة.
هنا تحسر الركاب على أنفسهم أيما تحسر .. هذه هي حسرتهم العظمى .. وقت لا تنفع حسرة.
والآن بعد أن استمتعنا سويا بهذه القصة الجميلة بقي أن أسألكم سؤالا ؟؟؟
من هو الشيخ الوقور ؟
ولماذا قلت في بداية سرد القصة, وكم هي خاصة بكل واحد منا !! فأنا وأنت وهو وهي قد عايشناها لحظة بلحظة.

أعلم إنكم كلكم عرفتموه .. وعرفتم ما قصدت من وراء سرد هذه القصة... لم يكن الشيخ الوقور إلا الدين.

إبليس عليه لعنة الله إلى يوم الدين توعد بإضلالنا .. وفضح الله خطته حينما قال في كتابه الكريم ( ولأمنينهم)
إبليس أيقن انه لو حاول أن يوسوس لنا بأن الدين سيئ أو انه لا نفع منه فلن ينجح في إبعادنا عن الدين ... وسيفشل حتما.. ولكنه
أتانا من باب التسويف .. آه ما أجمل الإلتزام بالدين .. ولكن مازالوا أطفالا يجب أن يأخذوا نصيبهم من اللعب واللهو .. حرام نقيدهم .. عندما يكبرون قليلا سوف نعلمهم الدين ونلزمهم به.
ما أجمل الالتزام بالدين ولكن .. الآن هم طلبة مشغولون بالدراسة بالواجبات والامتحانات.. بعد ما ينهوا دراستهم سيلتزمون بالدين .. وسيتعلمونه..
أو مازلنا في شهر العسل .. الدين رائع ولكن سنلتزم به غدا
مازلنا نكون أنفسنا بعد أن أقف على رجلي في ساحة التجارة سأهتم كثيرا بديني .. وسألتزم به ..
ولا ندري هل يأتي غدا ونحن أحياء .. أم نكون وقتها تحت الثرى!
التسويف هو داء نعاني منه في أمورنا كلها .. نؤمن بالمثل القائل : لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد ولكننا لا نطبق ما نؤمن به على أرض الواقع .. لذا نفشل في بناء مستقبلنا في الدنيا .. كما في الآخرة..
فالعمر يمضي ونحن نردد غدا سأفعل .. سأفعلها ولكن بعد أن أفرغ من هذه .. مازلت صغيرا إذا كبرت سأفعلها .. بعد أن أتزوج سألتزم بالدين .. بعد أن أتخرج .. بعد أن أحصل على وظيفة .. بعد أن .. بعد أن..
يقول الله تعالى في كتابه العزيز:
بِسْم الله الرحمن الرحيمِ
((أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ* حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ * كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ *كلا لو تعلمون علم اليقين * لترون الجحيم * ثم لترونها عين اليقين *ثم لتسألن يومئذ عن النعيم ))



منقول

الخميس، 30 ديسمبر 2010

هل يجوز دفع الزكاة لشاب يريد الزواج ؟



هل يجوز دفع الزكاة لشاب يريد الزواج ؟






السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يقول السائل :
هل يجوز طلب المعونة في تجميع المهر ؟
هل يجوز أن يطلب منهم زكاة أموالهم .. أم تعتبر صدقه .. أم عطية .. نرجو التفصيل في المسألة ..
وجزاكم الله كل خير مقدماً ..



الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا .

يجوز طلب الإعانة في الْمَهْر إذا كان الشخص لا يستطيع توفير المهر بِنفسه .
ولذلك أصل في السنة ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لَمَّا أمَر ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه بالزواج ، سأله بعد ذلك حينما رآه حزينا : مالك يا ربيعة ؟ فقلت : يا رسول الله أتيت قوما كراما فزوجوني وأكرموني وألطفوني ، وما سألوني بينة ، وليس عندي صداق ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا بريدة الأسلمي ، اجمعوا له وزن نواة مِن ذهب . قال : فجمعوا لي وزن نواة من ذهب ، فأخذت ما جمعوا لي فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : اذهب بهذا إليهم ، فقل : هذا صداقها ، فأتيتهم فقلت : هذا صداقها ، فَرَضُوه وقَبِلُوه ، وقالوا : كثير طيب . قال : ثم رجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم حزينا ، فقال : يا ربيعة مالك حزين ؟ فقلت : يا رسول الله ما رأيت قوما أكرم منهم ، رضوا بما أتيتهم وأحسنوا ، وقالوا : كثيرا طيبا ، وليس عندي ما أُولِم . قال : يا بريدة ! اجمعوا له شاة . قال : فجمعوا لي كبشا عظيما سمينا ، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : اذهب إلى عائشة فقل لها فلتبعث بالمكتل الذي فيه الطعام ، قال : فأتيتها ، فقلت لها ما أمرني به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : هذا المكتل فيه تسع آصع شعير ، لا والله إن أصبح لنا طعام غيره ، خذه ، فآخذته ، فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرته بما قالت عائشة فقال : اذهب بهذا إليهم فقل : ليصبح هذا عندكم خبزا ، فذهبت إليهم وذهبت بالكبش ومعي أناس من أسلم فقال : ليصبح هذا عندكم خبزا ، وهذا طبيخا ، فقالوا : أما الخبز فسنكفيكموه ، وأما الكبش فاكفونا أنتم ! فأخذنا الكبش أنا وأناس من أسلم فذبحناه وسلخناه وطبخناه ، فأصبح عندنا خبز ولحم ، فأولمت ودعوت رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه الإمام أحمد .1

وسُئلت اللجنة الدائمة هذا السؤال :
هل يجوز صرف الزكاة لشاب يريد الزواج من أجل إعفاف فرجه؟ وهل هناك فرق بين من تعدى سن الزواج المعتاد وبين من لم يبلغ العشرين سنة؟ وإذا كان يريد الزواج من أجل خدمة والدته كبيرة السن فهل يجوز له صرف الزكاة؟
فأجابت :
الفقير الملتزم بالإسلام الناكح هو الذي تدفع له الزكاة إعانة له على النكاح، وأما غير الملتزم بالإسلام فلا يعطى من الزكاة . اهـ .

والله أعلم .

المجيب الشيخ / عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد




_______________ 
1
الراوي: ربيعة بن كعب الأسلمي المحدث: الهيثمي - المصدر: مجمع الزوائد - الصفحة أو الرقم: 4/259
خلاصة حكم المحدث: فيه مبارك بن فضالة وحديثه حسن ، وبقية رجال أحمد رجال الصحيح