الأربعاء، 27 أبريل 2011

الفتن من علامات الساعة


ظهور الفتن
من علامات الساعة التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم ظهور الفتن ,وكثرة وقوعها وانتشارها .
والفتنة : هي كل أمر مكروه أو آيل إلى مكروه؛ كالإثم والكفر والقتل والفضيحة, وسائر البلاء والمحن.
وقد حذّر النبي صلى الله عليه وسلم أمته من الفتن وأمرهم بالتعوذ منها؛ فقال صلى الله عليه وسلم: ( تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن ) ومما يعظم شأن الفتنة أنها إذا وقعت أدت إلى اختلاف العقول واختلال الموازين, فتطيش بسببها العقول, وتسلب الألباب, ويحتار منها أولوا الألباب.
قال حذيفة رضي الله عنه : ( ما الخمر صرفاً بأذهب بعقول الرجال من الفتن )، وقال رضي الله عنه: ( ستكون فتنة بعدها جماعة, ثم يكون بعدها جماعة؛ ثم تكون فتنة لا تكون معها جماعة, ترفع فيها الأصوات, وتشخص الأبصار, وتذهل العقول, فلا تكاد ترى رجلاً عاقلاً ). والفتنة إذا وقعت لم يميز المرء بسببها الحق من الباطل ولا الخطأ من الصواب؛ لاشتباه الأمور, وكثرة تزويق الباطل حتى يقدم بصورة الحق؛ وهذا من أعظم الفتن التي تحير أولي العقول والنهى, سئل حذيفة رضي الله عنه: أي الفتن أشد؟ قال : أن يُعرَض عليك الخير والشرّ فلا تدري أيهما تركب، وقد لا يميز المرء الفتنة حين تقبل عليه فيسارع إلى الخوض فيها ويكون جزءاً منها, فإذا انقشعت تبين له أنه سقط في الفتنة.
قال مطرف بن عبد الله: قلنا للزبير في قصة الجمل، يا أبا عبدالله: ما جاء بكم؟ ضيعتم الخليفة- أي: عثمان رضي الله عنه في المدينة, ثم جئتم تطلبون بدمه بالبصرة؟ فقال الزبير رضي الله عنه: إنا قرأنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( واتقوا فتنة لا تصيبنَّ الذين ظلموا منكم خاصة )، فلم نكن نحسب أنا أهلها حتى وقعت منا حيث وقعت.
والفتن تتفاوت في درجاتها وقوتها, فمنها فتن شديدة مظلمة ومنها فتن صغيرة, وقد تنوعت الفتن التي حلت في هذه الأمة في أمر دينها ودنياها, وكلما تقدم الزمن فإذا بالفتن تنتشر وتقوى، قال الزبير بن عدى: (أتينا أنس بن مالك فشكونا إليه ما يلقون من الحجاج, فقال: اصبروا, فإنه لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده أشرّ منه حتى تلقوا ربكم, سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم).
وقد جعل الله عز وجل لخروج الفتن وفتح بابها على الناس علامة ظاهرة تتمثل بموت عمر بن الخطاب رضي الله عنه, فقد كان عمر رضي الله عنه هو الباب الفاصل بين الناس وبين وقوع الفتن، فلما قتل شهيداً انكسر الباب كسراً شنيعاً, وانفتحت على الناس أنواع الفتن والبلايا, وقد جاء رجل إلى خالد بن الوليد رضي الله عنه فقال: يا أبا سليمان اتق الله, فإنَّ الفتن ظهرت, فقال: أما وابن الخطاب حي فلا, إنما تكون بعده, فينظر الرجل فيفكر هل يجد مكاناً لم ينـزل به مثل ما نزل بمكانه من الفتنة والشر فلا يجد, فتلك الأيام التي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يدي الساعة أيام الهرج).
ولا تزال الفتن تموج بالناس حتى تجعل الحليم حيراناً, ويضعف الدِّين حتى يعود الدين غريباً, ويبحث المسلم الصادق عن مكان يعبد الله فيه فلا يجد ذلك إلا بشق الأنفس، ولا يكاد يظفر بمطلوبه, فتضيق عليه الأرض بما رحبت, وتزيغ الأبصار وتبلغ القلوب الحناجر خوفاً على دينها من الضياع, وتجده يقلِّب بصره ليجد مكاناً خلا من الفساد فلا يكاد يجده، وهذا من أعظم الفتن على المسلم, وأشد ما يضعف دينه؛ وتنهار بسببه قواه.
قال خالد بن الوليد رضي الله عنه:(الفتنة أن تكون في أرض يُعمل فيها بالمعاصي, وتريد أن تخرج منها إلى أرض لم يُعمل فيها بالمعاصي فلا تجدها).
فلله نشكو ما نحن فيه من غربة الدِّين وضعفه في قلوب أهله وكثرة المحاربين له من أمم الكفر الداعين إلى الانحلال والفجور في كل زواية من زوايا المعمورة, وتكريس جهودهم على بلدان المسلمين ليغرقوهم بالشهوات, وكلما رأوا بلداً أكثر تمسكاً بالأخلاق, كلما كان الضرب عليه أكبر، وتوجيه السهام أشد وأشد، ويجدون من يعينهم على تحقيق أهدافهم ممن يلبسون لباس أهل الإسلام ومن أهل جلدتهم ويتسمون بأسمائهم؛ وهم أشد خبثاً ومكراً (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين).
ولا يزال البلاء يشتد على المؤمن وتستحكم عليه الغربة حتى يأتيه زمن يغبط فيه صاحبَ القبر على موته ويتمنى أنْ لو كان مكانه.
قال صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول: ياليتني مكانه).
قال أبو ذر رضي الله عنه: يوشك أن تمر الجنازة في السوق على الجماعة فيراها الرجل فيهز رأسه, فيقول: يا ليتني مكان هذا, قلت: يا أبا ذر، إنَّ ذلك لمن أمرٍ عظيم, قال: أجل.
ومن أعظم الأسباب التي تدفع الفتن عن العبد، لزوم الدعاء لله والاستعانة بالله رب العالمين أنْ يثبت قلبه وأن يقيه شر الفتن ما ظهر منها وما بطن، قال صلى الله عليه وسلم: (تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن).
ومن الوسائل المنجية من الفتن الابتعاد عنها, فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الدجال وهو أعظم فتنة فأمر بالفرار منه فقال صلى الله عليه وسلم: (من سمع بالدجال, فلينأ عنه, فو الله إنَّ الرجل ليأتيه وهو يحب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به الشبهات).
فينبغي للمسلم أنْ يعالج كل ما يرى أنه فتنة له بهذا العلاج النبوي, ولا يجعل دينه ساحة تجارب.
ومما يدفع المسلم الفتن مبادرتها بالأعمال الصالحة فيكثر من أعمال البر التي تكون له زاداً عند حلول الفتن الخاصة والعامة, قالت أم سلمة رضي الله عنها:( استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة يقول: سبحان الله, ماذا أنزل الله من الخزائن, وماذا أُنزِل من الفتن؟ من يوقظ صواحب الحجرات- يريد أزواجه-كي يصلين؟ ربَّ كاسية في الدنيا عارية في الآخرة).
وهذا فيه الندب والتضرع عند نزول الفتنة ولا سيما في الليل لرجاء وقت الإجابة لتُكتشف أو يسلم الداعي ومن دعا له.
ومما تدفع فيه الفتن الاجتهاد في إصلاح الناس ودعوتهم إلى الله عز وجل بالعلم الشرعي المستمد من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم على فهم سلف الأمة من الصحابة والتابعين, لأنهم أعمق الناس فهماً, وأصدقهم لهجةً وحكماً, وأثبتهم ديانةً وعلماً.
فالاجتهاد في إصلاح الناس في عقيدتهم وأخلاقهم وسلوكياتهم مما يحقق الأمن في المجتمعات ويدفع عنها فتن الدين والدنيا؛ ومخالفة الناس لأمر الله تعالى وتعدي حدوده كفيل بأنْ تحل بهم الفتن الظاهرة والباطنة في الدين والدنيا؛ قال تعالى: (ولو أنَّ أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركاتٍ من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما يكسبون * أفأمن أهل القرى أنْ يأتيهم بأسنا بياتاً وهم نائمون* أوَأَمن أهل القرى أنْ يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون* أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون).
نسأل الله تعالى أن يعصمنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن

هنا

الاثنين، 25 أبريل 2011

" الساكت عن الحق شيطان أخرس " هل هو حديث نبوي ؟


" الساكت عن الحق شيطان أخرس " هل هو حديث نبوي ؟

الحمد لله وبعد ؛
عبارة " الساكت عن الحق شيطان أخرس " نسمعها كثيرا ، بل بعضهم ينسبها إلى النبي صلى الله عليه وسلم على أنها حديث نبوي !!!!!
فهل هذه النسبة صحيحة ؟؟؟؟؟

يجيب عن هذا السؤال الشيخ محمد عمرو عبد اللطيف في كتابه " تبيض الصحيفة بأصول الأحاديث الضيعيفة " القسم الثاني ( ص 71) بقوله :   

لم أقف له على أصل صحيح ولا ضعيف عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ولا موقوفا على أحد من الصحابة أو التابعين ومتقدمي السلف رضوان الله عليهم ، ولا رأيت أحدا من المصنفين في " الأحاديث المشهورة " تعرض له بنفي أو إثبات ، هلى الرغم من اشتهاره جدا في أيامنا هذه . ومن طالع الصحف الجادة بانتظام وجد كثيرا من المقالات قد صُدِّر بها هذا الكلام ، وألصق بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم إلصاقا بصيغة الجزم ! سواء من أصحاب العمائم البيضاء أو غيرهم من أهل الفضل والصلاح ، ومن الذين يظن بهم أنهم على قدر من الثقافة الإسلامية والتمييز العلمي .

نعم ، المصدر الوحيد الذي وجدت فيه هذا الكلام ، هو " الرسالة القشيرية " للإمام أبي القاسم القشيري رحمه الله إذ قال ( ص 62 : باب الصمت ) : " ... والسكوت في وقته صفة الرجال ، كما أن النطق في موضعه من أشرف الخصال . سمعت الأستاذ أبا علي الدقاق يقول : من سكت الحق ، فهو شيطان أخرس " .ا.هـ. موضع الشاهد .

وقال في الحاشية ( ص 74) :
وفاجأني أحد الأخوة بأنه وجد حديث " الساكت عن الحق شيطان أخرس " في " الجواب الكافي " للإمام ابن القيم رحمه الله ، وأنه في " مسند الإمام أحمد " وأنه خرجه من سنتين أثناء تحقيقه للكتاب ، وأن علته إما : " باذام بن صالح " أو الانقطاع ، وذلك بعد أن أريته ما سطرت عن هذا الحديث ، فنزل علي قوله كالصاعقة . فكلفت أحد الكرام بإحضار الكتاب ، فإذا ابن القيم يقول : ( ص 136) - حكاية عن الشيطان أعاذنا الله منه - : " ثم يقول : قوموا على ثغر اللسان ، فانه الثغر الاعظم ، وهو قبالة الملك ... " حتى قال : " ويكون لكم في هذا الثغر أثر ان عظيمان لا تبالون بايهما ظفرتم : أحدهما : التكلم بالباطل ، فإنما المتكلم بالباطل أخ من إخوانكم ومن أكبر جندكم وأعوانكم . الثاني : السكوت عن الحق : فإن الساكت عن الحق أخ لكم أخرس كما أن الاول أخ لكم ناطق ، وربما كان الاخ الثاني أنفع إخوانكم لكم ، أما سمعتم قول الناصح المتكلم بالباطل شيطان ناطق ، والساكت عن الحق شيطان أخرس ؟ ..." أسأل الله لي ولأخي هذا أن يغفر زلاتنا ، ويستر عوراتنا ، ويؤمن روعاتنا . إنه سميع عليم .ا.هـ.

وبعد هذا التقرير يُعلم أنه لا يصح نسبة هذا القول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نرى بعضا من الرواد يستشهد بهذا العبارة على أنها من كلام النبي صلى الله عليه وسلم .
 
عبد الله زقيل


صيد الفوائد

هنا


________________ 

قال الشيخ ابن باز 

سمعت أن الساكت عن الحق شيطان أخرس، هل هذا صحيح؟


نعم، هذا قاله بعض السلف، ليس حديثاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم –، إنما قاله بعض العلماء، قالوا: "الساكت عن الحق شيطان أخرس، والناطق بالباطل شيطان ناطق" فالذي يقول الباطل ويدعو إلى الباطل هذا من الشياطين الناطقين، والذي يسكت عن الحق مع القدرة ولا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن منكر ولا يغير ما يجب تغييره ويسكت وهو يستطيع أن يتكلم هذا يقال له شيطان أخرس من شياطين الإنس يعني؛ لأن الواجب على المؤمن إنكار الباطل والدعوة إلى المعروف وإذا استطاع هذا وجب عليه كما قال الله جل وعلا : وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (آل عمران:104) وقال سبحانه: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ(التوبة: من الآية71)، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم – : (إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه) 1
وقال عليه الصلاة والسلام : ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان)2 
أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، 
فهذا يبين لنا وجوب إنكار المنكر على حسب الطاقة باليد ثم اللسان ثم القلب، فالذي يسكت عن إنكار المنكر وهو قادر ليس له مانع هذا هو الشيطان الأخرس. 
هنا 

1- - إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه
الراوي: أبو بكر الصديق المحدث: الألباني - المصدر: شرح الطحاوية - الصفحة أو الرقم: 504
خلاصة حكم المحدث: صحيح 
 
 
 2- أول من بدأ بالخطبة ، يوم العيد قبل الصلاة ، مروان . فقام إليه رجل . فقال : الصلاة قبل الخطبة . فقال : قد ترك ما هنالك . فقال أبو سعيد : أما هذا فقد قضى ما عليه . سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده . فإن لم يستطع فبلسانه . فإن لم يستطع فبقلبه . وذلك أضعف الإيمان " .
الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 49
خلاصة حكم المحدث: صحيح 
 

________________________


السؤال


 جزاكم الله خيرا على كل حرف تكتبون - سماحة الشيخ – ما هو مصدر عبارة (الساكت عن الحق شيطان أخرس) هل للرسول صلى الله عليه وسلم أو أي من الصحابة رضي الله عنهم علاقة بها؟ هل مصدرها إسلامي؟ وإن صحت بصورة عامة فما ذلك الحق الذي بالسكوت عليه يصبح الإنسان شيطانا؟ - هدانا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه


الإجابــة


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: 
 
فإن القول المذكور أورده غير واحد من أهل العلم في سياق حديثه عن ذم السكوت على المنكر وعدم إنكاره. ففي مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية يقول رحمه الله تعالى: قال الله تعالى: فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا. ولوى لسانه: أخبر بالكذب، وأعرض: سكت وكتم الحق، والساكت عن الحق شيطان أخرس. ويقول ابن القيم رحمه الله: وأي دين وأي خير فيمن يرى محارم الله تنتهك وحدوده تضاع ودينه يترك! وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب عنها! وهو بارد القلب ساكت اللسان، شيطان أخرس، كما أن من تكلم بالباطل شيطان ناطق.

وقال عبد الحي بن محمد العماد الحنبلي في "شذرات الذهب في أخبار من ذهب" ومن كلامه يعني الحسن بن علي النيسابوري: من سكت عن الحق فهو شيطان أخرس.
كما نسبه إليه النووي في شرح مسلم نقلا عن أبي القاسم القشيري قال: وسمعت أبا علي الدقاق يقول: من سكت عن الحق فهو شيطان أخرس.

وعلى هذا، فلعل أبا علي الدقاق النيسابوري الشافعي المتوفى سنة ست وأربع مائة هو أول من تكلم بهذه الجملة.

والحق الذي لا يجوز السكوت عنه هو بإجمال: كل ما جاء في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من الأوامر والنواهي والآداب.

ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 9358، 15554، 43762.
والله أعلم.

__________________________ 


فضل وأوقات التسوك بالسواك



فضل وأوقات التسوك بالسواك

فضل السواك:
- عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( السواك مطهرة للفم مرضاة للرب) 1 رواه البخاري .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (لولا أن أشق على أمتي- أو على الناس- لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة)2 رواه البخاري وفي رواية ( عند كل وضوء) 3-  رواه البخاري .
- عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم ( كان إذا دخل بيته بدأ بالسواك)4 - رواه مسلم .
- عن حذيفة رضى الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم (إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك) رواه البخاري . ( يشوص : يدلك أسنانه وينقيها) .
- قال  صلى الله عليه وسلم : ( عشر من الفطرة : قص الشارب ، وإعفاء اللحية ، والسواك ، واستنشاق الماء ، وقص الأظفار ، وغسل البراجم ، ونتف الإبط ، وحلق العانة ، وانتقاص الماء) رواه مسلم .

أوقات تأكد السواك:

السواك مستحب في كل وقت ، ويتأكد استحبابه في المواضع التالية :
- عند الوضوء . لحديث أبي هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء) رواه البخاري .
- عند القيام للصلاة . لحديث أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (لولا أن أشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة) رواه البخاري .
- عند القيام من النوم . لحديث حذيفة رضى الله عنه قال : (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك) رواه البخاري .
- عند دخول المنزل . لحديث عائشة رضي الله عنها (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل بيته بدأ بالسواك) رواه مسلم
- عند تغير الفم واصفرار الأسنان . لحديث عائشة رضي الله عنها (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : السواك مطهرة للفم مرضاة للرب) رواه البخاري .
- عند قراءة القرآن الكريم : وذلك لما روى عن علي رضى الله عنه أنه أمر بالسواك وقال : قال صلى الله عليه وسلم : ( إن العبد إذا تسوك ثم قام يصلي قام الملك خلفه فيستمع إلى قراءته فيدنو منه – أو كلمة نحوها – حتى يضع فاه على فيه فما يخرج من فيه شىء من القرآن إلا صار في جوف الملك فطهروا أفواهكم للقرآن ) رواه البيهقي . وقال البزار رجاله ثقات .

منقول بتصرف 
______________ 


1 - صحيح البخاري - كِتَاب الصَّوْمِ - بَاب سِوَاكِ الرَّطْبِ وَالْيَابِسِ لِلصَّائِمِ- معلقًا
بَاب سِوَاكِ الرَّطْبِ وَالْيَابِسِ لِلصَّائِمِ: وَيُذْكَرُ عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَاكُ وَهُوَ صَائِمٌ مَا لَا أُحْصِي أَوْ أَعُدُّ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ " وَيُرْوَى نَحْوُهُ عَنْ جَابِرٍ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" وَلَمْ يَخُصَّ الصَّائِمَ مِنْ غَيْرِهِ" وَقَالَتْ عَائِشَةُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ" وَقَالَ عَطَاءٌ وَقَتَادَةُ يَبْتَلِعُ رِيقَهُ 
 هنا 


2 - فتح الباري شرح صحيح البخاري - كِتَاب الْجُمُعَةِ - لولا أن أشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة
بَاب السِّوَاكِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَنُّ


847 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي أَوْ عَلَى النَّاسِ لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلَاةٍ"

هنا

3- فتح الباري شرح صحيح البخاري - كِتَاب الصَّوْمِ - من توضأ وضوئي هذا ثم يصلي ركعتين لا يحدث نفسه فيهما بشيء إلا غفر له
بَاب سِوَاكِ الرَّطْبِ وَالْيَابِسِ لِلصَّائِمِ وَيُذْكَرُ عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ :رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَاكُ وَهُوَ صَائِمٌ مَا لَا أُحْصِي أَوْ أَعُدُّ
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ "
 وَيُرْوَى نَحْوُهُ عَنْ جَابِرٍ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَخُصَّ الصَّائِمَ مِنْ غَيْرِهِ وَقَالَتْ عَائِشَةُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ " وَقَالَ عَطَاءٌ وَقَتَادَةُ يَبْتَلِعُ رِيقَهُ


معلقًا 


هنا

253- صحيح مسلم بشرح النووي - كِتَاب الطَّهَارَةِ - كان إذا دخل بيته بدأ بالسواك 
 
وَحَدَّثَنِي
أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ الْعَبْدِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ
"
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ بَدَأَ بِالسِّوَاكِ"


 

السبت، 23 أبريل 2011

هل يمكن التشهُّد بدون جلوس؟



يقول الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع ما نصه :

وقوله: «وجلسته» بفتح الجيم، 


ولا يصحُّ أن نقول «وجِلسته» بكسر الجيم ـ لأنَّك لو قلت: «وجِلسته» بكسر الجيم، لزم أن تكون هيئة الجلوس واجبة وهي الافتراش، والافتراش ليس واجباً، بل هو سُنَّة، والواجب هو الجلوس على أيِّ صفة.

قال ابن مالك رحمه الله في الألفية:


وفَعْلَة لمرَّة كجَلسة


وفِعْلة لهيئة كجِلسة


إذا أُريد الصفة والكيفية قيل: فِعْلَة بكسر الفاء، وإذا أُريد المرَّة قيل: فَعْلَة، بفتحها.


والمراد هنا: الجلوس وليس الهيئة، فلو جَلَسَ للتشهُّدِ الأول متربِّعاً أجزأ.

 

وقوله: «جَلسته» هل يمكن التشهُّد بدون جلوس؟

الجواب: يمكن أن يتشهَّد وهو قائم، أو يتشهَّد وهو ساجد، فلا بُدَّ أن يكون التشهُّدُ كُلُّه في حال الجلوس.


 

الجمعة، 22 أبريل 2011

متى يكون الدعاء في صلاة الاستخارة



متى يكون الدعاء في صلاة الاستخارة
السؤال:
إذا صلى المسلم صلاة الاستخارة فهل يدعو دعاء الاستخارة بعد التشهد وقبل الخروج منها أو بعد التسليم من الصلاة ؟
الجواب :
الحمد لله
المشروع في دعاء الاستخارة أن يكون بعد الفراغ من الصلاة ، وبهذا قال جمهور العلماء. 

 
جاء في "الموسوعة الفقهية" (3/245) : قال الحنفية ، والمالكية ، والشافعية ، والحنابلة : يكون الدعاء عقب الصلاة ، وهو الموافق لما جاء في نص الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " انتهى .



وقال الشيخ ابن باز رحمه الله : " المشروع للمسلم إذا صلى صلاة الاستخارة ، أن يدعو بعد السلام منها لقوله - صلى الله عليه وسلم : ( إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ، ثم ليقل : اللهم إني أستخيرك بعلمك ) الحديث.
وهذا يدل على أن الدعاء يكون بعد السلام من الصلاة " انتهى من "مجموع الفتاوى" (11/389)

وسئل علماء "اللجنة الدائمة" (8/162) : هل دعاء الاستخارة يكون قبل التسليم، أم بعد التسليم والخروج من الصلاة؟

فأجابوا : " دعاء الاستخارة يكون بعد التسليم من صلاة الاستخارة " انتهى.


وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " دعاء الاستخارة بعد السلام؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( فليصل ركعتين ثم ليقل ) وذكر الدعاء "



انتهى من "لقاء الباب المفتوح" لقاء رقم (20) .

والله أعلم


الإسلام سؤال وجواب




قال الإمام البخاري في صحيحه
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِي
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ يَقُولُ :إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ
مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ،ثُمَّ لِيَقُلْ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ ،وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ فَإِنَّكَ 
تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ ،وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ
اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي
دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ عَاجِلِ أَمْرِي
وَآجِلِهِ فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ،ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ
وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي
وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي -أَوْ قَالَ:
فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي 
عَنْهُ وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ أَرْضِنِي
قَالَ: وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ "
صحيح البخاري - كتاب التهجد
باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى- رقم1113
-------------------------------------------

مفاهيم خاطئة فى صلاة الاستخارة
من محاسن شريعتنا الغرّاء ( الشريعة الإسلامية ): صلاة الاستخارة، التي جعلها الله لعباده المؤمنين بديلاً عمّا كان يفعله أهل الجاهليّة من الاستقسام بالأزلام والحجارة الصمّاء، التي لا تنفع ولا تضرّ،

قال البخاري في صحيحه


حَدَّثَنِي ‏ ‏إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ ،قال:‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏مَعْنُ بْنُ عِيسَى ‏قال: ‏حَدَّثَنِي ‏ ‏عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِي ‏، ‏قَالَ :سَمِعْتُ ‏ ‏مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ ‏ ‏يُحَدِّثُ ‏ ‏عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَسَنِ ‏ ‏يَقُولُ: أَخْبَرَنِي ‏ ‏جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّلَمِيُّ ‏ ‏قَالَ ‏ :

{كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏يُعَلِّمُ أَصْحَابَهُ ‏ ‏الِاسْتِخَارَةَ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا كَمَا يُعَلِّمُهُمْ السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ يَقُولُ

‏" ‏ إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلْ ‏ ‏اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ اللَّهُمَّ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ هَذَا الْأَمْرَ ثُمَّ تُسَمِّيهِ بِعَيْنِهِ خَيْرًا لِي فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ قَالَ أَوْ فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ"}



وعلى الرغم من أهميّة هذه الصلاة، وعِظَم أثرها في حياة المؤمن، إلا أنّ كثيراً من الناس قد زهد فيها، إمّا جهلاً بفضلها وأهميتها، وإمّا نتيجة لبعض المفاهيم الخاطئة التي شاعت بين الناس ممّا لا دليل عليه من كتاب ولا سنّة، وهذا ما أردت التنبيه إليه في هذه العجالة،

فمن هذه المفاهيم الخاطئة:

أولا : اعتقاد بعض الناس أنّ صلاة الاستخارة إنّما تُشرع عند التردد بين أمرين، وهذا غير صحيح، لقوله في الحديث: (( إذا همّ أحدكم بالأمر..)).
ولم يقل ( إذا تردد )، والهمّ مرتبة تسبق العزم، كما قال الناظم مبيّناً مراتب القصد:
مراتب القصد خمس: (هاجس) ذكروا فـ (خاطر)، فـ (حديث النفس)
يليه ( همّ ) فـ ( عزم ) كلها، رُفعتْ سوى الأخير ففيه الأخذ قــد
فإذا أراد المسلم أن يقوم بعمل، وليس أمامه سوى خيار واحد فقط قد همّ بفعله، فليستخر الله على الفعل ثم ليقدم عليه، فإن كان قد همّ بتركه فليستخر على الترك، أمّا إن كان أمامه عدّة خيارات، فعليه أوّلاً ـ بعد أن يستشير من يثق به من أهل العلم والاختصاص ـ أن يحدّد خياراً واحداً فقط من هذه الخيارات، فإذا همّ بفعله، قدّم بين يدي ذلك الاستخارة.

ثانيا : اعتقاد بعض الناس أنّ الاستخارة لا تشرع إلا في أمور معيّنة، كالزواج والسفر ونحو ذلك، أو في الأمور الكبيرة ذات الشأن العظيم، وهذا اعتقاد غير صحيح، لقول الراوي في الحديث: (( كان يعلّمنا الاستخارة في الأمور كلّها.. )).
ولم يقل: في بعض الأمور أو في الأمور الكبيرة، وهذا الاعتقاد جعل كثيراً من الناس يزهدون في صلاة الاستخارة في أمور قد يرونها صغيرة أو حقيرة أو ليست ذات بال؛ ويكون لها أثر كبير في حياتهم.
ثالثا :اعتقاد بعض الناس أنّ صلاة الاستخارة لا بدّ لها من ركعتين خاصّتين، وهذا غير صحيح، لقوله في الحديث: (( فليركع ركعتين من غير الفريضة.. )).
فقوله: "من غير الفريضة" عامّ فيشمل تحيّة المسجد والسنن الرواتب وصلاة الضحى وسنّة الوضوء وغير ذلك من النوافل، فبالإمكان جعل إحدى هذه النوافل ـ مع بقاء نيتها ـ للاستخارة، وهذه إحدى صور تداخل العبادات، وذلك حين تكون إحدى العبادتين غير مقصودة لذاتها كصلاة الاستخارة، فتجزيء عنها غيرها من النوافل المقصودة.
رابعا : اعتقاد بعض الناس أنّه لا بد من انشراح الصدر للفعل بعد الاستخارة، وهذا لا دليل عليه، لأنّ حقيقة الاستخارة تفويض الأمر لله، حتّى وإن كان العبد كارهاً لهذا الأمر، والله عز وجل يقول: (( وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ)) (البقرة:216)
وهذا الاعتقاد جعل كثيراً من الناس في حيرة وتردد حتى بعد الاستخارة، وربّما كرّر الاستخارة مرّات فلا يزداد إلا حيرة وتردّداً، لا سيما إذا لم يكن منشرح الصدر للفعل الذي استخار له، والاستخارة إنّما شرعت لإزالة مثل هذا التردد والاضطراب والحيرة.
وهناك إعتقاد أنه لابد من شعور بالراحة أو عدمها بعد صلاة الإستخارة وهذا غير صحيح فربما يعتري المرء شعور بأحدهما وربما لا ينتابه أي شعور فلا يردده ذلك بل الصحيح أن الله يسير له ما أختاره له من أمر ويتمه. والله أعلم...
خامسا : اعتقاد بعض الناس أنّه لا بدّ أن يرى رؤيا بعد الاستخارة تدله على الصواب، وربّما توقّف عن الإقدام على العمل بعد الاستخارة انتظاراً للرؤيا، وهذا الاعتقاد لا دليل عليه، بل الواجب على العبد بعد الاستخارة أن يبادر إلى العمل مفوّضاً الأمر إلى الله كما سبق، فإن رأى رؤيا صالحة تبيّن له الصواب، فذلك نور على نور، وإلا فلا ينبغي له انتظار ذلك.
هذا ومن أراد الاستزادة في هذا الموضوع فليراجع كتاب: ( سرّ النجاح ومفتاح الخير والبركة والفلاح وهو كتيّب صغير الحجم، ففيه المزيد من المسائل المهمة، والشواهد الواقعية الدالة على أهمية هذه الصلاة، وفهم أسرارها ومراميها، والله تعالى أعلم.


للشيخ د محمد بن عبدالعزيز المسند

  ________________ 

صلاة الاستخارة عن الغير

سؤال هل يجوز أن أصلي صلاة الاستخارة لغيري، وأغيِّرصيغة الدعاء

بحيث يأتي على هذا النمط

"اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر هو خيرٌلها أو له

في دينه أو دنياها"، وهكذا؟

 


ج -لا أعلم في هذا دليلاً، إنما جاءت السنة فيمن أراد الشيء

(إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين

ثم يقول : اللهم إني أستخيرك
بعلمك... )(1)

فالسنة لمن همَّ بالأمر وأشكل عليه يستخر هو

أما فلان يستخير لفلان لا أعلم له أصلاً

ولكن الرجل أو المرأة كلٌ منهم يستخير لنفسه

ويدعو بالدعاء الذي يعرف

إذا كان ما يعرف الدعاء الوارد في الحديث

يسأل ربه اللهم يسر لي الأصلح

اللهم اشرح صدري للأصلح للأحب إليك
،
لما فيه صلاحي

يدعو بالدعوات التي تناسبه والحمد لله.



المصدر: موقع الشيخ عبد العزيز بن باز –رحمه الله




قال الإمام البخاري في صحيحه
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِي
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ يَقُولُ :إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ
مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ،ثُمَّ لِيَقُلْ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ ،وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ فَإِنَّكَ 
تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ ،وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ
اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي
دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ عَاجِلِ أَمْرِي
وَآجِلِهِ فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ،ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ
وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي
وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي -أَوْ قَالَ:
فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي 
عَنْهُ وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ أَرْضِنِي
قَالَ: وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ "
صحيح البخاري - كتاب التهجد
باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى- رقم 
1113


هل يقال " ما شاء الله " عند رؤية ما يعجبه ؟


هل يقال " ما شاء الله " عند رؤية ما يعجبه ؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله 1- السنة أن يبرك الإنسان إذا رأى ما يعجبه . 
 
" إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة فٍان العين حق " . رواه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " ص 168 والحاكم 4 / 216 وصححه شيخنا الألباني في " الكلم الطيب " 243 


. وعن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال : مر عامر بن ربيعة بسهل بن حنيف وهو يغتسل فقال: لم أر كاليوم ولا جلد مخبأة ، فما لبث أن لبط به فأتي به النبي صلى الله عليه وسلم فقيل له : أدرك سهلاً صريعاً قال : مَن تتهمون به ؟ قالوا : عامر بن ربيعة ، قال : علام يقتل أحدكم أخاه ؟ ! إذا رأى أحدكم من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة ، ثم دعا بماء فأمر عامراً أن يتوضأ فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين وركبتيه وداخلة إزاره وأمره أن يصب عليه . 1

 رواه ابن ماجه 3509 وأحمد 15550 ومالك 1747 . 
 
2- وبعض الناس إذا أعجبه شيء قال " ما شاء الله لا قوة إلا بالله " ! ويستدلون لذلك بالآية من سورة الكهف وبحديث . 
أما الآية وهي قوله تعالى { ولولا إذ دخلتَ جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله } : فلا دليل فيها ، إذ لا علاقة للحسد بالموضوع ، وإنما أهلك الله جنتيه بسبب كفره وطغيانه . 
وأما الحديث : فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من رأى شيئاً فأعجبه فقال : ما شاء الله لا قوة إلا بالله : لم تصبه العين " . والحديث ضعيف جدّاً ! قال الهيثمي : رواه البزار من رواية أبي بكر الهذلي ، وهو ضعيف جدّاً . 
" مجمع الزوائد " 5 / 21 . والله أعلم  .
   

 هنا  

 

_____________ 

 

1 قال ابن ماجه في سننه 

  حدثنا هشام بن عمار،قال: حدثنا سفيان ،عن الزهري ،عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال :

 

مر عامر بن ربيعة بسهل بن حنيف وهو يغتسل فقال لم أر كاليوم ولا جلد مخبأة فما لبث أن لبط به فأتي به النبي صلى الله عليه وسلم فقيل له :أدرك سهلا صريعا ،قال :"من تتهمون به؟" قالوا عامر بن ربيعة قال:" علام يقتل أحدكم أخاه إذا رأى أحدكم من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة ثم دعا بماء فأمر عامرا أن يتوضأ فغسل وجهه ويديه إلى المرفقين وركبتيه وداخلة إزاره وأمره أن يصب عليه" قال سفيان قال معمر عن الزهري وأمره أن يكفأ الإناء من خلفه  

سنن ابن ماجه / تحقيق الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله /  كتاب الطب / باب العين / حديث رقم: 3509/ التحقيق : صحيح

الخميس، 21 أبريل 2011

مهارات فقه الدعوة الفردية أ.عمر سعيد دجال*



أ.عمر سعيد دجال*


إنها لسعادة غامرة حقًا، تلك التي يعيشها قلب الداعية المؤمن حين يطرق سمعه نداء نبي الهدى له من وراء السنين: "لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير مما طلعت عليه الشمس".


إنها سعادة المستبشر الطامع في ذلك الثواب الجزيل الذي وعد الله جل وعلا به كل عامل نشيط أعطى المجهود من نفسه في دلالة الخلق على ربه، ولمثل هذه السعادة كان أحد الصالحين يقول:"إذا رأيت وجه مريد صادق قد أفلح على يدي شبعت وارتويت واكتسيت كيف خرج مثله من تحت يدي".


أجل، فهذا ريّ الداعية الصادق وذاك شبعه وتلك كسوته، يوم أن يوفقه الله في نقل مسلم من ركب الهوى والضلال، إلى رحاب الإيمان والالتزام، محدثًا بذلك اختلالاً في ميزان القوة بين أولياء الرحمن وحزب الشيطان،


ثم تتوالى الانتشالات تجر من بعدُ اختلالات، حتى يأتي ذلك اليوم الموعود الذي يشفي الله فيه صدور دعاة مؤمنين، فتطيش فيه كفة الباطل المزهوة أمام كفة الحق الراسخ التليد، كان ذلك في يقين الدعاة حتمًا مقضيًا "فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ" (الرعد: 17).


ولكن دون هذا الأجر الجزيل وذاك النصر المأمول مفاوز وفلوات لا يجيد شق طريقها، والسير عبر دروبها إلا كل داعية بصير، ذو رأي سديد، وبصر حديد، تستقبل العقول الضمأء كلماته، وتحتضن القلوب الحيرى توجيهاته وتصويباته، القائمة على منهج الرحمة والتيسير، ...مستلهما كل ذلك من توجيه القرآن: "قُُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ" (يوسف:108).


تأتي هذه المقالة في إطار بيان دور الدعوة الفردية، وأسسها وأساليبها، ومراحلها.علَّها تكون خير دليل لمن يسلك هذا الدرب الصعب، أو يرنو إلى اقتحامه، وإنه يسير لمن يسَّره الله عليه.


1-أهمية الدعوة وضرورتها:


حاجة المسلم إلى توجيه أخيه المسلم وإرشاده حاجة لا تنقطع أبداً، وحاجة الأمة إلى تناصح أفرادها وتآزرهم بما يكفل لهم حفظ أمتهم ويستبقيها رفيعة العماد وطيدة الأركان، تُعدُّ أولى الاهتمامات، وأساس الضروريات.


هذا المدخل يفرض علينا طرح سؤال ملحِّ:من يتحمل عبء التبليغ والتوجيه والتعريف بالله ونبيه، وبالدين إجمالاً ؟


الجواب:إنها الأمة الإسلامية، فوظيفتها أن تدعم الخير، وأن تعلي من صوت المعروف، وأن تحمي قواعد الإيمان، وأن تجعل من كيانها موئلاً للفضائل، وأن تكره الآثام وتنكر لفاعليها، وتعقِّب على أخطائهم وخطاياهم بالتفنيد والرد. وظيفة هذه الأمة حراسة وحي السماء وإبقاء مناره عالياً يومض بالإشعاع الهادي كي يهتدي به السائرون في ظلمات البر والبحر: "ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون" (آل عمران: 104)، بل إن هذه الوظيفة هي دلالة الخيرية الواردة في الآية القرآنية: "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله" (آل عمران 110).


فكما جاء الرسول(ص) من عند الله معلما ومبشراً ونذيراً، وكما أخرج هذه الأمة من العمى إلى الهدى، فعلى أتباعه أن يشيعوا الحق الذي شرفوا به، وأن ينشروا الرسالة التي نزلت بينهم، وأن يكونوا جسراً تعبر عليه الهداية لتعم أرجاء الأرض "وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً"(البقرة 143).


لقد فهم السلف الصالح هذه الوظيفة وأدرك أبعادها وجليل آثارها: فهم أن آداء الدعوة واجب، وأن إبلاغ رسالات الله حق، وأن حبس أنوار الإسلام عن التائهين والحيارى جريمة...فهموا كل هذا فانطلقوا ينشرون الخير ويوجِّهون الخلق ويرسمون للحائرين المنهج.


2-تعريف الدعوة الفرديَّة: عبارةٌ عن علاقةٍ موجَّهةٍ بين الداعي والمدعو قائمةٍ على الاحتكاك المباشر والاتصال القويِّ الذي يهدف إلى توجيه فكر المدعوِّ وسلوكه وفق المنهج الإسلاميّ.


فهي لا تحتاج إلى خطيبٍ بارع، ولا إلى عالمٍ فقيه، بل تحتاج إلى مسلمٍ ملتزمٍ بإسلامه فهماً وسلوكاً تمثَّل وصف الله تعالى لنبيِّه(ص): "عزيزٌ عليه ما عنتُّم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم" (التوبة 128).


فالدعوة بهذا المفهوم كالمستشفى، تعالج المرضى بالمعاصي لا الأصحاء بالطاعات، فهل يُعقل أن يستقبل المستشفى الأصحاء ويترك المرضى! فالداعي كالطبيب، لا يعقل أن يعطي الدواء لصحيح وبترك مريضاً ؟ أو أن يقاطع الطبيب المريض لأنه مريض ؟!


إن العاصي مريض يتألَّم بالأضرار التي يجنيها من معاصيه (كذب، سرقة، زنا،...) ثم هو لا يجد من يلجأ إليه غير الدعاة، أفيلجأ إلى مريض مثله أو أكثر مرضاً ؟


لو قاطع كل الدعاة من يدعونهم، فمن يدعون إذن ؟وكيف ستصل دعوتهم للناس؟! إن الكل سيشقى-دعاة ومدعوين- لغياب نظام الإسلام في حياتهم.


3-ميزات الدعوة الفردية:


هناك ميزات عدة للدعوة الفردية كما يلي:


1- الدعوة الفردية توجِّه المدعو توجيهاً متكاملاً، فلا تقتصر على جانب واحد وتهمل الباقي، وهذا ما يُعرَف بالشمولية في التربية،فمن خلالها يمكن التنبيه على كثير من الأخطاء التي يقع فيها المدعو.


2- تُحدث الدعوة الفردية صلة بين المدعو والداعية مما يهيئ المدعو للاستجابة، بخلاف الدعوة الجماعية التي لا تواصل فيها في غالب الحالات.


3- بالدعوة الفردية يمكن الرد على كثير من الشبهات التي تُلْقى على مسامع الأفراد، والتي لا يمكن التحدث بها في الدعوة الجماعية.


4 - بالدعوة الفردية يمكن إيصال الحق إلى الذين نفروا- أو نُفِّرُوا- عن سماعه وعن مجالسة الدعاة.


5- الدعوة الفردية لا تحتاج إلى غزارة علم بقدر ما تحتاج إلى حكمة في الدعوة، فالطالب في مدرسته، والموظف في مكتبه، والعامل في مصنعه، وهكذا يمكن القيام بها في أي مكان وفي أي وقت، فهي تتميَّز بالحرية المطلقة في كل الحالات والظروف.


6- تُكسب الداعية خبرة ومعرفة بأحوال الناس، وتكسر الحاجز الوهمي الذي تضعه بين الناس.


7 - تتيح للداعية أن يطبق ما تعلمه من مفاهيم؛ كالصبر، والتضحية، وهي في نفس الوقت عملية بناء لشخصيته الاجتماعية.


4- عناصر الدعوة الفردية:


أ.الداعية:


1-الصلة بالله:فهي الدعامة الأولى في أخلاق"الدعاة"، إذ كيف تدعو الناس إلى أحد صِلاتك به واهية، ومعرفتك به قليلة.


فالداعية الذي يكرِّس أوقاته لله، ويدفع الناس إلى سبيله، لابد أن يكون شعوره بالله أعمق، وارتباطه به أوثق، ورقابته له أوضح. ومن الصلة بالله إعزاز كتابه ومداومة تلاوته وتدبر معانيه، فقرب الداعية من كتاب الله يجب أن يكون متعة لروحه، وسكنا لفؤاده، وإشعاعاً لعقله ووقودا لحركته، أضف إلى ذلك امتلاء القلب بخشية الله و تعظيمه، فقد اعتبره الله من صفات أهل الإيمان في قوله: "الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون" وقوله سبحانه: "الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله". وكان من حكم الأسلاف قولهم: " إذا سكن الخوف قلب المؤمن أحرق مواطن الشهوات"


2-إصلاح النفس:إن نفس الداعية ينبغي أن تكون حقل تجارب وإصلاحات، ومن النتائج المستفادة يعرف أفضل البذور، وأنسب الأوقات، وأجدى الأساليب.


ومن أعجب النقائض أن نجد من الدعاة من يحسب أن ما يقول لغيره من علم إنما هو أمر يخص المخاطبين فحسب، وقد يعني الناس أجمعين ولا يعنيه، فهو ناقل فقط، كالشريط المسجل أو الأسطوانة المعبأة، تدور بعض الوقت ليستمع الناس إليها، ثم تودع مكانها لتدار مرة أخرى إذا احتيج إليها.


3-الإخلاص: في حقيقته قوة إيمانية، تدفع صاحبه إلى التجرد من المصالح الشخصية، والترفع عن الغايات الذاتية، والقصد من العمل وجه الله –سبحانه-


وإذا كان الإخلاص فريضة على كل عابد وهو في محرابه الخاص، يتعامل مع ربه فحسب، فإن الأمر إذا اتصل بالدعاة يصبح فريضة أوكد، وعقيدة أوثق.


وضعف الإخلاص يعود إلى قلة المعرفة بالله، أو إلى سوء الظن به في مسائل الرزق والأجل. فالداعية المخلص يقوم بواجبه بدافع اليقين بالله، دون اكتراث برضا أو سخط، ودون تحرِّ لإجابة رغبة أو كبحها.


4-الشجاعة والجرأة والصبر والتفاؤل: قوى نفسية رائعة يستمدها الداعية من الإيمان بالله الواحد، ومن الحق الذي يعتنقه، ومن القدر الذي يستسلم له، ومن المسؤولية التي يستشعر بها.فهو مؤمن أن حق الله لابد أن يسود، وأن هديه لابد أن يعلوا وأن منهجه لابد أن تتضح معالمه وترسو دعائمه.


كل هذا يكسبه روحاً مقاومة للخور والاستكانة والضعف، وتجمِّله بالصمود والثبات أمام الفتن والشدائد، وأمام المحن والمكاره. ويجعله ينظر إلى الغد بابتسامة أمل، ويسير إلى الغاية المرجوة بروح القائد الشجاع، وبنفسية العزيز المنتصر، دون أن يعتريه يأس، أو يستحوذ عليه قنوط.


ولا بأس في هذا الإطار، أن نقف وقفة تأملية في قصة "صديق المستشفى"1 .وفي تجربة الدكتور عبد الرحمن السميط في إغاثة فقراء إفريقيا ، حتى تسمى بخادم فقراء إفريقيا2، كان متفائلاً محباً للخير، إيجابياً في فكره، حركياً في فعله، هكذا الدعاة الربانيون.


5-الثـقافة :تزوُّد الدعاة بالعدة الفكرية، والثقافة الدعوية، هي من أبرز خصائصهم، ومن أظهر ملامح نضجهم وقوة شخصيتهم.ومن المسلَّم به لذوي العقول والألباب أن الذي لم يكن عنده علم ولا ثقافة كيف يفيد غيره وينفعهم ويقوم بواجب الإصلاح والتغيير ؟ففاقد الشيء لا يعطيه، ومن لم يملك النصاب كيف يعطي أو يُزكِّي ؟ ويمكن أن نذكر هنا بعض الثقافات التي يجب على الدعاة امتلاك ناصيتها:الثقافة الإسلامية،الثقافة الإنسانية،الثقافة الواقعية.


ب.المـدعو:حتى نستطيع دعوة الآخر والتأثير فيه، لابد من معرفة شخصيته واهتماماته وظروفه، حتى نتمكَّن من تحديد الوسائل التي بها نستطيع فتح قلبه، والتأثير فيه، ونقل الالتزام إليه تدريجياً.


أ.شخصية المدعو(الأنماط الاجتماعية): و ويمكن تقسيمهم إلى أربعة أنماط:


الودي ....


هادئ ومساند ومتعاون.


مستمع جيـد.


يسهل مصاحبته.


يتجنبون الصراعات والمخاطر والقرارات السريعة.


التعبيري....


يقود الحديث ويحب المرح.


يحب الجمهور


يعبِّر بوضوح عن مشاعره ويشجِّع بحرارة.


يُضحِّي من أجل الآخرين.


التحليلي ....


مواظب في علاقاته مع الآخرين.


يدع الآخرين يأخذون زمام المبادرة.


نظامي يميل إلى الاستقلال


المنفرد .....


حريص على تحقيق النتائج.


مبادر وسريع الرد


يقود ولا يحب أن يقاد.


لا يتردَّد في تصحيح أو مواجهة الآخرين.


ب.اهتمامات المدعو: فقد يقابل الداعي المهتمَّ بالصحة، والمهتم بالأبناء، أو بالعلاقات الاجتماعية، أو بالعلم، أو بالشعر أو بالقصص...وهكذا.


ج.ظروفـه: فقد يقابل الداعية كثير العيال، أو من لا عمل له، أو المتزوِّج، أو الفقير، أو من له خلافات وظيفية أو عائلية أو مع جيرانه،...


فإذا ما حدَّد الداعية تقريباً شخصية المدعو واهتماماته وظروفه أمكنه التعامل معه بسهولة ويسر، وبأسلوب يؤتي نتيجة عاجلة ومؤثرة.


أمثـلة:


*إذا كان المدعو من نمط (المتفرِّد) فهذا يعني أنه لا يحب التفاصيل ولا الحديث المسترسل، بل يحب الدخول في لب الموضوع دون مقدِّمات، وهو إنسان عملي لا يحب تضييع الوقت، كما أنه يعتزُّ برأيه كثيراً


فعندما تبدأ معه الحديث بذكر مقدمات طويلة وعاطفية، فإنه يكره ذلك، ويتضايق، وربما يرفض ويملُّ الحديث.


ولكن عندما تشرح له باختصار، وتركِّز على النتائج وأثرها بالمنطق المقنع دون إطالة، فإن ذلك أدعى لقبوله.


*بخلاف التعبيري (العاطفي) الذي يحتاج إلى كثرة السؤال وعذوبة الحديث، والاسترسال فيه، مع التركيز على ما يثير العاطفة، ويؤجِّجها.


فالداعية يُنوِّع في أسلوب دعوته حسبما تقتضيه الظروف والأحوال حتى يُحسن عرض إسلامه لكل الناس على اختلاف طبائعهم، مراعياً في ذلك اختلاف البيئات عامة، فبيئة المجتمعات الغربية غير بيئة المجتمعات الإسلامية، وبيئة الحضر غير بيئة البدو.


ج.وسـائل الدعوة:


سنقف في هذا العنصر عند بعض الوسائل التي نستعين بها في أداء الدعوة الفردية، منهـا:


أ-القـدوة الحسنة:صلاح المؤمن وتقواه، هما أبلغ خطبة يدعو بها الناس إلى الإيمان، فخلقه الفاضل هو السحر الذي يجذب إليه الأفئدة ويجمع حوله القلوب.


ولا يكفي للمرء أن يتظاهر بالصالحات، أو يتجمَّل بالطيبات، فإن التزوير والتظاهر لا يصلح في ميدان الدعوة، ولابد أن ينكشف المخبوء على امتداد الأيام وطول المعاملة، وسرعان ما يبدو معدنه على حقيقته العارية.


لقد استحق المسلمون أن يتأسى بهم الناس، وأن يُقلِّدوهم في أعمالهم وأقوالهم يوم كانوا يُمثلون نهضة مجددة راشدة، والمعجب بك يذوب فيك، وهذا ما حدث للفرس والروم يوم زحفت عليهم جيوش المسلمين.


لكن من الغباء البالغ أن ننتظر من أحد أن يؤمن بفكرنا ويتأسى بأفعالنا عقب انتصار في معركة جدل، أو انتصار في ميدان حرب.فالمقهور في كلا الميدانيين قد يستسلم راضياً أو ساخطاً، غير أنه لن يتبعنا عن إخلاص.


ب-الترغيب:الحث على فعل الخير وأداء الطاعات وترشيد الخلق جاء في الكتاب والسنة مقروناً ببشريات كثيرة.وسنذكر جملة من أمثلة الإقناع بالترغيب:


1-عن طريق طلب الطاعة من الناس، لأن أمر الله يجب أن يطاع، فهو ولي النعمة:الخالق من عدم، المطعم من جوع، الكاسي من عري،المغدق للنعم بغير حساب،...فحقُّه إذا أمر أن نسارع إلى إجابته:"أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباءكم الأقدمون...يوم الدين" (الشعراء75-82) .


2-أن نطلب من الناس التحلي بمكارم الأخلاق، والتزام العدالة في الأحكام، ونغريهم بأن هذه الأشياء حسنة أمرنا الله بها، وهو لا يأمر إلا بالحسن:"إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعماَّ يعظكم به..." (النساء 58). وفي بيان أسرار ذلك الحسن يمكن أن نوضِّح معنى الخير في الصدق والعفة، أو في لصلاة والصوم.كاشفين حقيقة الوصايا الإلهية التي لا يمكن أن تنطوي على شر أبداً:"إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون" (الأعراف 28).


3-وقد نُرَغِّب الناس إلى الإيمان والعمل الصالح، لأنها سبيل العيش والطمأنينة وضمان الحياة السعيدة، والمرء بطبيعته يحب النفع العاجل فيستجيب.


وعندما نتأمل القرآن نجد بأن الإطماع بسعة العيش ويسر الرزق ينتقل في شتى الرسالات، فنوح يقول لقومه:"استغفروا ربكم إنه كان غفاراً يرسل السماء عليكم مدراراً..." (نوح 10-12).ثم يجيء الخطاب على لسان رسولنا(صلى الله عليه وسلم):"وان استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعاً حسناً..." (هود 3).


4-وقد ندفع الناس إلى الرضا بالمكاره واحتمال تكاليف الإيمان:بما قد ينتظرهم هناك في الدار الآخرة من نعيم مقيم ونزل كريم.فالدنيا منقضية لا محالة، إذ من الذي خلد قبلنا ؟


كما أن الألوان الزاهية التي اصطبغت بأوصاف الجنة، تجعل العاقل يستكثر من الخير ويدَّخر:"وإذا رأيت ثمَّ رأيت نعيما وملكاً كبيراً عاليهم ثياب سندس خضر واستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شراباً طهوراً إن هذا كان لكم جزاءً وكان سعيكم مشكوراً" (الإنسان 20-22).


وقد اطرد في القرآن والسنة نعت الجنة بما يجعلها أمنية المتقين، والترغيب في الصالحات بهذا النمط مفيد جداً.


جـ- الترهيب:فكما تقاد النفس عن طريق الرغبة، تقاد عن طريق الرهبة، فتكف عن الرذيلة وجلاً مما يعقبها من منغصات.وهذه بعض المسالك التي ينهجها الداعية في هذه الوسيلة:


1- قمع صورة اللذة المحرمة في نفس المذنب بتذكيره بذي الجلال، وكذا تخويف المستهين بالحقوق بذي لجبروت، الذي إذا سخط عليه خسف به، فالله -سبحانه- قوي عزيز، ذو انتقام. فالتخويف بالله حق، وأثره بعيد المدى، فالتاجر الذي يخشى الإفلاس بضاعف نشاطه،...ولذلك قال يحي بن معاذ:"مسكين ابن آدم لو خاف النار كما يخاف الفقر لدخل الجنة وترك المعاصي تهيباً من الله".فمن حق الله أن يُخشى ويهاب، وفي حكم الصالحين:" لا تنظر إلى صغر ما اقترفت، ولكن أنظر إلى عظمة من عصيت".


2- الترهيب بما في الآثام من قذارة وقبح:فقد يعمد الداعية إلى إبراز ما في معصية كذا من قذارة لا تليق بالإنسان العالي الشأن.فالإسلام يسمي المعاصي قاذورات، وينأى بالفطرة السليمة أن تقترب منها.


والمتأمل لأحوال العصاة والمجرمين يرى مسخاً غريبا في أنفسهم، حتى لكأنهم يتحولون إلى سباع فتكا وهتكا ووحشية، وإن ظلُّوا في زي البشر. فالمرء الذي يتمرَّن على الرذيلة ويواظب عليها تصل به إلى درك لا أمل بعده فس سلامة.


والكشف عما في الرذيلة من قبح، شائع في الكتاب والسنة، ومثال ذلك نصح الرسول (صلى الله عليه وسلم) للرجل الذي يحب الزنا، قال له:أترضاه لأختك، قال:لا،...


3- التخويف من المعصية ببيان ضررها في جسم الإنسان وأهله وولده:وبذلك ينزجر الإنسان عن اقترافها خشية ما يلحقه من بلائها.والواقع أن المعاصي مفتاح لمصائب فادحة، والرتع فيها يجر الويلات على الأفراد والجماعات:"وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير".


ولولا أن الله يمنح لخلقه فسحة ليقلعوا ويتوبوا لكان الجزاء السريع قد لحقهم:"ولو يُؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة...".ومن ذلك حديث النبي:«من زنى يُزنى ولو بجدار بيته».


4- التخويف بذكر الآخرة وما فيها من عذاب شديد:فبذلك نمنعهم عن ضروب الشر:"فكيف تتقون إن كفرتم يوماً يجعل الولدان شيباً..." (المزمل 17).وفي الحديث:"دخلت امرأة النار في هرة حبستها، فلا هي أطعمتها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض".


والتخويف بالنار ، ووصف صنوف العذاب المعدة للعصاة استغرقت جزءً كبيراً من الكتاب والسنة.


د.الأساليب والوسائل العملية: من الضروري أن يتعرَّف الداعية على الأساليب العملية الصحيحة في الدعوة الفردية، وأن يتدرَّب على الاستفادة منها واستخدامها عملياً، ومن جملة الأساليب ما يأتي:


1- الحوار المتبادل والنقاش المفتوح: فهو من أهم وسائل نقل المعاني والأفكار والمفاهيم، إذ يتيح للمدعو أن


يسأل ويستفسر عما لم يفهمه، ويعترض عما لا يقتنع به، ويكشف عما بداخله من شبهات وتساؤلات.


والداعية الموفَّق هو من كانت فكرته واضحة في ذهنه، بصورة مرتَّبة عميقة، لديه القدرة على مخاطبة المدعو، ونقلها إليه في سهولة، تتناسب مع مستواه الذهني والثقافي وقدرته على الاستيعاب.


ومن الأمثلة الجيدة للحوار المتبادل، ما جرى بين الرسول (صلى الله عليه وسلم) والحصين بن عمران


قال حصين: ما هذا الذي بلغنا عنك أنك تشتم آلهتنا وتذكرهم.


فقال: يا حصين، إن أبي وأبك في النار، يا حصين كم تعبد من إله ؟


قال: سبعاً في الأرض وواحداً في السماء.


قال النبي: فإذا أصابك الضر من تدعو ؟


قال: الذي في السماء.


فقال النبي: فإذا هلك المال من تدعو ؟


قال: الذي في السماء.


فقال النبي: فيستجيب لك وحده وتشركهم معه.


ثم قال له : يا حصين، أسلم تسلم.


قال:إن لي قوماً وعشيرة، فماذا أقول ؟


فقال النبي: قال اللهم أستهديك لأرشد أمري، وزدني علماً ينفعني.....فلم يقم حتى أسلم.


2-الخواطر والتعليقات: الدعوة ليس لها وقت محدد أو مكان معيَّن، ولكن حيث وجد الداعية المدعو تحت أي ظرف أو أي مكان، وجب أن يقوم بدعوته.


والداعية الموفق هو الذي يستطيع أن يربط كل شيء في الحياة بدعوته وفكرته، ويستفيد من كل موقف أو حدث..في لطف ورفق وحكمة.


ولنا في حياة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- مواقف كثيرة، منها هذا الموقف الذي يرويه عمر بن الخطاب –رضي الله عنه - قال: قُدم على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بسبي، فإذا امرأة من السبي تسعى، إذا وجدت صبياً في السبي فأخذته فألزقته ببطنها، فأرضعته فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):«أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار ؟ قال: لا والله، فقال:« لله أرحم بعباده من هذه بولدها».


نموذج عملي:


قرأ أحد الدعاة في جريدة هذا الخبر: "انتقل إلى رحمة الله فقيد الشباب...الطالب بمدرسة..." وعلَّق قائلاً:" سبحان الله...هو الموت، يأتي بغتة، ربما سبق إلى الشباب قبل الشيوخ، ألا نستعد للقاء الله، ألا نبادر بالتوبة، ترى هل مات هذا الشاب طائعاً لله أم عاصياً ومسوِّفاً...".


ففي الكون من حولنا، وفي واقعنا الذي نعيشه، وفيما ينشره الإعلام من أخبار وحوادث...في كل ذلك مادة خصبة تحتاج داعية له قلب حي وعقل يقظ، فيتأمَّلها ويُحسِن استلهام العبر منها.


3-المشاركة والمصاحبة والتفقد:


أ.المشاركة والمصاحبة: فتشارك المدعو في تنفيذ الواجبات، وتصاحبه في أداء الأعمال، ولا تكتفي بمجرد التوجيه والنصيحة، وهذا الأسلوب ضروري لغرس الالتزامات العبادية والسلوكية في نفس المدعو، وإعانته على أدائها وتشجيعه على الالتزام الدائم بها.


وقد كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يُكثر من استعمال هذا الأسلوب اما فيه من خير ونفع، فمما حُفظ عن علي بن أبي طالب قوله:" كثيراً ما كنت أسمع رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) يقول: «كنت وأبو بكر وعمر، وفعلت وأبو بكر وعمر، وانطلقت وأبو بكر وعمر».


ويُوجِّه النبي أصحابه إلى التخلق بهذا الخلق مع بعضهم البعض، حتى الزوج مع زوجته، وفي الأوقات التي تكون أدعى إلى التكاسل والتثاقل، فيقول: «إذا أيقظ الرجل أهله من الليل، فصلَّيا أو صلى ركعتين، كتبا في الذاكرين والذاكرات».


وفي تطبيق عملي رائع، يقول ابن عمر:" كنا جلوساً عند رسول الله(صلى الله عليه وسلم) إذ جاء رجل من الأنصار فسلَّم عليه ثم أدبر الأنصاري فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): يا أخا الأنصار، كيف سعد بن عبادة ؟ فقال: صالح، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): من يعوده منكم ؟ فقام وقمنا معه ونحن بضعة عشر...».وعلى هذا النهج سلك الصحابة، وبذلك الخلق اتسموُّا، فكانت الكلمة المأثورة عن كثير منهم: "اجلس بنا نؤمن ساعة"، ولعلها اشتهرت على لسان عبد الله بن رواحة، حتى قال فيه النبي (صلى الله عليه وسلم): «رحم الله ابن رواحة، إنه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة».


ب.التفقد والتعهد: فتتفقد حال المدعو وتتعرف عليها عن واقع ومعايشة، وترى بنفسك مدى التزامه بالواجبات، وتحول المعاني والمفاهيم إلى واقع في حياته وسلوكه،فعن عبد الرحمن بن عوف، قال: افتقد رسول الله (صلى الله عليه وسلم)رجلاً من أصحابه فقال:«أين كنت، فإني لم أرك، ألم تشهد الصلاة ؟» قال: بلى ولكني جئت وقد ثبت الناس فكرهت أن أتخطى رقاب الناس، قال:«أحسنت».وعن أبي موسى الأشعري أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال له: «لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود»، وفي رواية: أن رسول الله قال له: «لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة».


4-الوصايا العملية المتبادلة: لما كان الداعية لا يقضي وقته كلَّه مع المدعو ولا يستطيع ذلك، بل بقضي معه جزءً من الوقت، ثم ينصرف كلاهما إلى حياته وشؤونه، وجب ألا تنقطع تلك العلاقة بانتهاء اللقاء، بل تبقى آثارها حاضرة في ذهن المدعو، وذلك باستعمال أسلوب الوصية العملي.


وقد سنَّ النبي(صلى الله عليه وسلم) هذا الأسلوب، وتجلت آثاره في نفوس أصحابه والتزامهم بها حتى بعد وفاته، فهاهو معاذ بن جبل يروي وصية النبي له: «يا معاذ والله إني أحبك، أوصيك يا معاذ: لا تدعنَّ في دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك».


ومن أمثلة الواجبات والتكاليف العبادية والسلوكية التي يمكن أن تكون محور تواصي وتعاهد والتزام، ما يـأتي:


* صلاة الفجر في جماعة.*صيام في الأسبوع.*الدعاء بظهر الغيب.*غض البصر.*الامتناع عن مشاهدة الأفلام والبرامج الهابطة* متابعة برنامج مفيد، أو درس، أو محاضرة في قناة.*الاستماع لشريط.*زيارة موقع...


إن اتباع الأساليب السابقة وتوظيفها، توجد للمنحرف بيئة طاهرة، تصله بخالقه، وتربطه بربِّه في كل آن.وذلك كفيل بتحجيم الانحراف في ذاته، وتقريبه من سُبل الإيمان رويداً رويداً.




5-مـراحل الدعوة الفرديـة:


نتناولها في هذا العنصر عن طريق تجربة واقعية في معالجة مدمن على المخدرات3، وآليات غرس القوة الذاتية فيه، وتحويله من الضلال إلى الهداية.


ويبقى تطبيق هذه المراحل يتفاوت على حسب درجة الانحراف، وإذا مثَّلنا بالمدمن، فلنقتنع بأن علاج المدمن ممكن، وعلاج من هو أقل منه خطورة ممكن من باب أولى.وقبل أن نفصِّل في المرحلة الأولى، يحسن بنا تعريف المدمن.


تعريف المدمن:لا تطلق كلمة "إدمان" إلا على إنسان تعوَّد تعاطي المخدرات إلى درجة لا يستطيع التخلي عنها وإذا ما تخلى عنها فإنه يشعُر ببعض الأعراض المرضية المؤلمة عدة أيام حتى يعود إلى حالته الطبيعية.


والمدمن في حالة إدمانه، مستعدٌّ للتخلي عن جميع القيم والأخلاق، وكل ما يتعلَّق بالدين، وهو مستعد للقيام بأي عمل في سبيل الحصول على مخدِّره، كالقتل، والسرقة، والخيانة،...هو في هذه الحالة، يعتبر من أكثر الناس هدماً وتخريباً للمجتمع، فكيف يتحوَّل مثل هذا الإنسان من مخرِّب إلى مصلح ؟


المرحلة الأولى( الحب والتعارف والتقارب):الهدف من التعارف إيجاد صلة بينك وبين المنحرف، وإيجاد علاقة طبيعية تمكِّنك من التواصل معه؛ وهذه الصلة في الغالب تكون متوفرةً بشكل طبيعي عن طريق الأقارب أو الجيران أو زملاء العمل، ومن خلالها يستطيع أن يوجد الداعية صلةَ تعارف مع المدعو، بحيث يشعره بأنه مهتم به، وذلك بتفقده ما بين الحين والآخر، والسؤال عنه إذا غاب وزيارته إذا مرض..، حتى إذا صارت القلوب متقاربةً والأرواح متآلفة، ووجد التهيؤ من المدعو لتقبل دعوة الداعية طرق الكلام فيما يريد، وليعلم الداعية أنه بقدر نجاحه في هذا المرحلة مع المدعو يكون التأثير والاستجابة للدعوة، وأي تسرُّع في هذا المرحلة قد يحدث النفرة من المدعو.. يقول النبي (صلى الله عليه وسلم): «الناس كإبل مائة، لا يجد الرجل فيها راحلة»، فلكي تصل إلى بغيتك يجب أن تكون لك نظرة فيمن حولك، فلذلك بدأ الرسول(صلى الله عليه وسلم) أول ما بدأ بأبي بكر، الذي ما لبث أن تعلَّم الدرس وراح يتحرك، فتخير مجموعةً غدوا من العشرة المبشرين بالجنة.


ولنجاح هذه المرحلة، اسلك هذه الخطوات:


- أكثِر ملازمتَه لتتعرَّف على صفاته أكثر.


- انتبِه لسلوكه مع الآخرين كي تعرف شخصيته وميوله.


- حاول أن تقدم له كافة أشكال العون والمساعدة.


-اجعل شعارك في هذه المرحلة.. "ابذر الحُب تحصد الحب"، حتى وإن كان لا يزال عاصيًا، فإننا نبذل الحب للمطيع فرحًا بطاعته، فلماذا لا نبذله للعاصي أملاً في توبته ؟


يقول أحد المدمنين: "إن أحد الأمور التي دعتني إلى التوبة ورغَّبتني فيها ابتسامة الدعاة واحتضانهم لنا؟، بالرغم أننا لا نجد هذا الأمر من أقرب الناس لنا".


المرحلة الثانية (إيقاظ الإيمان وتغيير القناعات): فالتذكير بقدرة الله يوجب المحبة والخشية،و دور الداعية أن توقظ أصل الإيمان، ونقاء الفطرة النائمين خلف ركام من الذنوب والشهوات في قلب المنحرف، ، أو أن تعمل على تقوية الإيمان عند المدعو، يصبح مستعداً للتخلي عن إدمانه، متقبلاً لكل ما يحصل له من ضيق، وعسر، وهذا وفق المعادلة الآتية:


المرحلة الثالثة (تهيئة الأجـواء):المدمن في حالته الغائبة عن الشعور بما حوله لا يمكن التأثير عليه بأي حافز من الحوافز إلا بعد عزله عن المخدِّر، وهي مرحلة نضمن بها رجوعه إلى حالته الطبيعية، وفي سبيل الحصول على العزل نقوم بطرقتين:


1- طريقة التطوع: أي يطاوع المدمن بعد إقناعه، وتعميق الإيمان في قلبه، بترك المخدِّر، دون اللجوء إلى المستشفى، وهو في هذه الحالة يعود إلى الحالة الطبيعية ولكن بعد معاناة من الآلام الانسحابية لمدة 3 إلى 7 أيام.


2- طريق المستشفى: أي دخوله للمستشفى ليبقى أثناء تركه للمخدِّر تحت رعاية طبية، ليتجاوز مرحلة الآلام دون معاناة كبيرة.


المرحلة الثالثة: غرس القوة الذاتية: بعد أن نضمن تخلُّص المدمن من تأثير المخدِّر وعودته إلى الحالة الطبيعية، نبدأ بخطوات غرس الذاتية، وذلك عن طريق تعميق فعالية المحفِّزات الأخروية والدنيوية.


أ.المحفِّزات الأخروية:وهي كثيرة، قد تتغير بتغير المدمن وآفته، نذكر منها:


1- الهدف من خلق الإنسان في الحياة. 5- واجب الإنسان في مجتمعه وأسرته.


2- أسباب تكريم الله لابن آدم على الحيوان. 7- أثر المخدرات الصحية والاجتماعية على الإنسان.


3- خطورة الشيطان ومداخله. 6- الوعـد والوعيـد.


4- سبل السعادة. 8- الأخوة في الله والرفقة السيئة.


9- التوبة وشروطها ومواصفات التائبين.


أ.المحفِّزات الدنيوية:وتكون جنباً إلى جنب مع المحفزات الأخروية، ومنها:


1- دعمه في اقتناء بعض الحاجات الأساسية.


2- الابتسامة والاحتضان، والفرح به عند كل لقاء.


3- إشباع حاجة التقدير، وإظهار السرور بشفائه، وتخلُّصه من قيد المخدِّر.


4- عمل مسابقات تحفيظ القرآن الكريم، وتشجيع الحفظة منهم.


المرحلة الرابعة: الاستقامة والتعاون مع الآخر (الإدماج في الوسط الاجتماعي): وذلك بمحاولة إدماجه في المجتمع من جديد، عن طريق توظيف أو مهنة، أو تشجيعه على تعلُّم حرفة أو مهارة.


وكثير من المدمنين، سلك معهم دعاة الخير ، وأهل الغيرة هذه المراحل أو ما كان شبيهاً بها، فنقلوهم نقلةً نوعية، وتحوَّلوا بهم من ظلمات الانحراف والحرام، إلى نور الطاعة، وإشراقات الإيمان.


6- أسـس الدعوة الفردية:


1-البحث عن الجانب الطيب في الآخرين: فتحاول معرفة بعض صفاته الطيبة، ولا يخلو إنسان من خصلة خير، إنما المشكلة فينا نحن عندما نعجز عن اصطياد هذه الخصلة، فإذا كان اسمه (صالح) وجدت ضالتك في معنى اسمه الجميل، إنه اسم نبي من الأنبياء، ومعنى من معاني الاستقامة والإيمان، أو تبحث في تاريخ عائلته، فربما يوجد أحد الصالحين أو العلماء ممن يمكن الثناء عليه، وتحفيز الذي نريد كسبه.مع الحذر من جرح اعتباره الذاتي .


صور من جرح الاعتبار الـذاتي4.


-عندما نقلِّل أو نسفِّه من آراء الآخرين.


-عندما ننتقد الناس الذين يحبونهم في المجتمع:علماء، أطباء، لاعبين،...


-عندما ننتقد بلداناً أو جنسيات أو أحزاباً وتجمعات أو قبائل هم ينتمون إليها أو تجمع بينهم علاقة.


2-الشمولية: ويقصد بها أن نشكِّل للمدعو صورة متكاملة عن الإسلام(عبادات،معاملات،أخلاق،قيم،...).


3-لا للتسرع...نعم للتدرج:إن تغيير الأخلاق والقناعات لا يتمُّ في ساعات بلهَ أيام، بل لا بد من مدة كافية، يُشخِّص فيه العقل الخلق السيء، ثم يحاول فعل العكس، مع التدريب على قوة الإرادة والمواظبة على استخدام الحسن، ثم الصبر على محاولات الشيطان المتكررة لإعادة النفس لخلقها السيء السابق.


وقد ربى القرآن الكريم صحابة النبي (صلى الله عليه وسلم) بمبدأ التدرج في مسائل كثير(ترسيخ الإيمان،تحريم الخمر،البدأ بأوجب الفروض،...).


4-التوازن والاعتدال: مبدأ، به نجتذب المدعو إلى الالتزام، ذلك أنه خلق يناسب كل الطباع وكل الظروف والأحوال والبيئات."وكذلك جعلناكم أمة وسطاً"، فليحذر الداعية من أن ينقل المدعو من انحراف(فكري، سلوكي) إلى تطرف وغلو، فإن التوغل في الدين باندفاع يؤدي إلى عواقب وخيمة وقد يؤدي إلى فهم خاطئ للدين، وهذه بعض من المحاذير للمسلمين عامة، والملتزمين حديثاً بصفة خاصة.،حتى يتدينوا تدينا وسطيا صحيحا.


1-إذا وجدت نفسك بعد تدينك بدأت تفتي من عندك فاعلم أن تدينك فيه خلل،


2-إذا وجدت أنك بعد تدينك بدأت تكفر الناس تقول هذا كافر، وهذا مبتدع،...


3-إذا رأيت أنك بعد تدينك بدأت تهمل من مظهرك و من شكلك ومن لباسك فاعلم أن فهمك للدين فيه خلل،


4-إذا جعلك تدينك تشعر أنك خير من باقي الناس وأنك الناجي، وأن ما تقوم به من عمل أفضل من أعمال ومنجزات الآخرين...


5-التبسيط والتيسير:مبدأ دعوي سلكه النبي (صلى الله عليه وسلم) واعتمده، بل هو يتناسب مع المنحرفين.فعلى الداعية أن يتعلَّم فن تسيير الأمور بتيسير وأن يدعو غيره لذلك، حتى يجني أكبر نتائج دعوية بأقل جهود ممكنة.


أما التشديد والتعسير فيضيع الأوقات ويطيل الطريق، ويجعل الأهداف والوسائل غامضة.لكن هذا لا يعني التفلّت من ضوابط الدين والتحرر منها، تقول عائشة –رضي الله عنها-: «ما خُيِّر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً، فإن كان إثماً كان أبعد الناس عنه».ولنا في الغزالي –من المتأخرين- خير نموذج في الرفق والتيسير على المن يدعوهم (قصة صاحبة الحاجب،...)


6-الترغيب قبل الترهيب: فترغِّب من تدعوه في رحمة الله وجنته، قبل ترهيبه من عقابه وناره، يقول تعالى:"نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم*وأن عذابي هو العذاب الأليم"، وتحرِّك فيه نور الإيمان، فتشجِّعه على التوبة والرجوع إلى الله تعالى، مستدلاً بالقرآن والسنة: "ورحمتي وسعت كل شيء" (الأعراف 156)، "وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أُعدَّت للمتقين" (آل عمران133).وقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): «إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها».


فالقلوب تصدأ بتراكم الذنوب، فتكسل الأجساد وتنحرف عن الطريق فتتعس، بينما تنجلي بالتوبة التي تعيد الأجساد للاستقامة فتسعد.




الخاتمة:

وبعد أيها الداعية فلئن كنا بسطنا لك القول في هذه المقالة عن فن الدعوة الفردية، بغية إقناعك بضرورة ممارستها، وتحفيزك على شدة إتقانها، فهاهي الطريق أمامك بيِّنة الأس، واضحة المعالم، ونداء خير البشرية سيبقى يتردَّد عبر الزمان:« لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير مما طلعت عليه الشمس».فاسلك هذا السبيل مستعيناً بالله، مستلهماً منه التوفيق والرشاد، والله الموفق للصواب.