الأحد، 9 أكتوبر 2011

حج النافلة أفضل أم كفاية المحتاجين



حج النافلة أفضل أم كفاية المحتاجين


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
*********
نحن نعرف أن الحج فرض وركن من أركان
الإسلام ونظرا للتطورات الحديثة، أصبح الحج
لدى البعض كمن هو ذاهب في نزهة، أي كل سنة.
سؤالي هو :
******
ما حكم الشرع في إنسان أنعم الله عليه بالمال، فهو يحج أو يعتمر كل سنة.
بينما هناك من أٌقربائه من هم في حاجة إلى المال، إما لـ:
- العلاج، إجراء عملية جراحية باهظة، كفالة أيتام، أداء عمرة ، أداء حجة أو غيرها ....
مع العلم أن أحد خطبائنا ) في الجزائر - رغب في الحج لمن استطاع كل سنة، دون إنفاق ذلك المال في الأوجه التي ذكرتها آنفا.
أرجو التوضيح.


الإجابــة
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد حث الشارع على تكرار الحج والعمرة ومتابعتهما، وأخبر أن ذلك ينفي الفقر والذنوب، ففي الحديث الذي رواه الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "
تابعوا بين الحج والعمرة ، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب ، كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة ، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة (1)
إلى غير ذلك من النصوص الدالة على فضل الحج وتكفيره للذنوب ورفعه للدرجات، والحج أفضل من صدقة التطوع، إلا أن تكون الصدقة على قريب محتاج.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في " الاختيارات الفقهية":
(وأما إن كان له أقارب محاويج فالصدقة عليهم أفضل، وكذلك إن كان هناك قوم مضطرون إلى نفقته ، فأما إذا كان كلاهما تطوعاً فالحج أفضل لأنه عبادة بدنية مالية، وكذلك الأضحية والعقيقة أفضل من الصدقة بقيمة ذلك، لكن هذا بشرط أن يقيم الواجب في الطريق، ويترك المحرمات ويصلي الصلوات الخمس، ويصدق الحديث، ويؤدي الأمانة، ولا يتعدى على أحد) انتهى.

فمن كان له أقارب يحتاجون إلى المال لنفقتهم أو العلاج فالتصدق عليهم أفضل من التطوع بالحج،
لكن لا ينبغي للمستطيع أن يتأخر عن الحج أكثر من أربعة أعوام،
لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
"
إن الله تعالى يقول : إن عبدا أصححت له جسمه ،
و وسعت عليه في معيشته ،
تمضي عليه خمسة أعوام لا يفد
إلى لمحروم
(2)

"
والله أعلم.
منقول
بتصرف يسير

الراوي: عبدالله بن مسعود
المحدث: الألباني
- المصدر: صحيح الترمذي
- الصفحة أو الرقم: 810
خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح


(2) الراوي: أبو سعيد الخدري
المحدث: الألباني
- المصدر: صحيح الجامع
- الصفحة أو الرقم: 1909
خلاصة حكم المحدث:
صحيح


_________________ 

« تَكرارُ الحَجِّ والرُّؤْيَةُ الشَّرْعِيَّة »

لصاحب الفضيلة شيخنا الشّيخ العلاّمة صالح بن فوزان الفوزان

ـ سلّمهُ اللَّهُ تعالى ـ


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد :

فإن الحج عبادة عظيمة تجمع بين العبادة البدنية والعبادة المالية وهو من أنواع الجهاد في سبيل الله إلا أنه لا قتال فيه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم . وهو الركن الخامس من أركان الإسلام وحج البيت واجب كل سنة على الأمة لقوله تعالى: (( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا )) فهو من هذه الناحية فرض كفاية وأما بالنسبة للأفراد فالحج مرة واحدة في العمر على المستطيع كما قال تعالى: (( من استطاع إليه سبيلا )) وقال صلى الله عليه وسلم: ( الحج مرة واحدة . وما زاد فهو تطوع ) وهذا من رحمة الله سبحانه فإنه لما كان الحج يحتاج إلى مال ينفق فيه وإلى قوة بدنية ويحتاج إلى سفر من مسافات بعيدة جعله الله مرة واحدة في العمر . فمن استطاع الحج بدنيا ومالياً وجب عليه أن يباشر الحج بنفسه .

ومن استطاعه ولم يستطعه بدنيا لعجز بدني مستمر فإنه يوكل من يحج عنه ويقوم بتكاليف الحج من ماله .
وأما تكرار الحج فهو مستحب إذا لم يترتب عليه أضرار بدنية بسبب الزحام الشديد والأخطار المترتبة على ذلك .

فإذا كان هناك أضرار فترك الحج النافلة أفضل لاسيما وهناك أعمال خيرية كثيرة ومجال واسع لمن يريد الخير من إطعام المحتاجين وإعانة المعسرين والإسهام في المشاريع الخيرية النافعة . وأيضاً لا بد من التقيد بالأنظمة التي وضعتها الدولة لمصالح الحجاج كتحديد عدد الحجاج لكل دولة . فلا تجوز مخالفة هذا النظام والحج من غير ترخيص وتعريض الإنسان نفسه للمسئولية التي قد يرتكب بسببها محظورات في الإحرام . ولا يؤدي الحج على الوجه المطلوب بسبب كثرة الزحام مما يجعله يترخص في أداء المناسك فيكون حجة ناقصاً وقد يكون غير صحيح بسبب ما يترك من المناسك أو لا يؤديه على الوجه المطلوب . ولاسيما النساء لما يتعرضن له من الخطر الشديد والمشقة الصعبة . فمن أدى فرضه فالأولى أن لا يكرر الحج في هذه الظروف الصعبة ويترك المجال لغيره ممن لم يحج .
قال الله تعالى: (( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان )) وقال تعالى : (( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها )) وكما أسلفنا هناك مجالات واسعة لفعل الخير غير حج النافلة بإمكان المسلم أن يسهم فيها . وقد يكون أجرتها أعظم من حج النافلة .

هذا لو كان الحج متيسراً فكيف إذا كان الحج متعسراً كما هو الحال في هذه الأزمان . والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه


كتبه : صالح بن فوزان الفوزان

عضو هيئة كبار العلماء
هنا 


وهنا

________________________ 

بسم الله الرحمن الرحيم
الصدقة على الولد المحتاج حاجة حقيقية أولى من العمرة النافلة


يقول السائل: حججت حجة الفريضة، وأديت العمرة الواجبة ومعي مبلغ من المال أنوي الذهاب إلى عمرة الصيف وابني مقبل على الزواج وبحاجة إلى كل مبلغ، فأيهما أفضل من حيث الشرع الاعتمار أم إعطاء المبلغ لولدي المحتاج؟
الجواب :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد :
لا شك أن المتابعة بالحج والعمرة سنة مستحبة، ندب إليها الشارع الحكيم وحث عليها لما فيها من تكفير للذنوب والخطايا والتي لا يخلو منها أحد من البشر، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:"الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ"{متفق عليه}.
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ، كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلَّا الْجَنَّةُ".{رواه أحمد والنسائي وابن ماجة والترمذي، وقال:" حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ"}.
وقد كرر السلف الصالح العمرة دون نكير، قال نافع: اعتمر عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أعواما في عهد ابن الزبير، عمرتين في كل عام.
وقال القاسم: إن عائشة رضي الله عنها اعتمرت في سنة ثلاث مرات. فسئل: هل عاب ذلك عليها أحد؟ قال: سبحان الله، أم المؤمنين؟!
ولكن الأفضل للأخ السائل أن يهب المال الذي يريد أن يعتمر به العمرة التطوعية لابنه المشرف على الزواج، لما في الزواج من تحصيل العفة له وصده عن المنكرات ووساوس الشيطان. فالعمرة التطوعية منفعتها قاصرة على المعتمر، أما الصدقة على الابن المقبل على الزواج فمنفعتها متعدية، إذ يصون الأب ابنه من الزنا الذي يهتز له عرش الرحمن ويحفظ نسله من الدنس ويساند في فتح بيت وإنشاء أسرة تحمل شعلة التوحيد في عالم الفتن والمغريات والشهوات فضلا على أجر الصدقة والصلة الحاصل له.
ومن سعى في حاجة مسلم وستره تلفع بستر المولى عز وجل يوم تعرض الخلائق على الديان قال صلى الله عليه وسلم:"ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة" {أخرجه البخاري}.
لا يخفى على أحد الغلاء العام الذي فشا وانتشر وأصاب كل سلعة، وأصبح من الصعب على الشاب أن يجهز نفسه بمفرده للزواج، فإعانة الشاب على الزواج هي ستر له وتفريج كربة من كربات الدنيا لا سيما مع ما نراه من فتن تعصف بالمجتمع عامة وبالشباب على وجه الخصوص. فتجهيز الشباب المسلم للزواج هي من أولويات المجتمع المسلم في هذه المرحلة الراهنة حتى نحصنهم ونقطع الطريق أمام شياطين الإنس والجن الذين ينشرون الرذيلة والفحش في كل ركن نزولوا فيه.
لقد أخذ الله تبارك وتعالى عهدا على ذاته أن يعين طالب العفاف بالنكاح، مما يدل على استحباب إعانة المقبلين على الزواج قال صلى الله عليه وسلم :"ثلاثة حق على الله عونهم الناكح الذي يريد العفاف والمكاتب الذي يريد الأداء - أي العبد الذي يريد أن يحرر رقبته ببذل مقدار من المال يكاتب عليه سيده - والغازي في سبيل الله"{ حسن. أخرجه أحمد والنسائي والترمذي وابن ماجة والحاكم وأبو يعلى}.
جاء في فيض القدير(3/317):"( ثلاثة حق على الله عونهم:..... والناكح الذي يريد العفاف)، أي المتزوج بقصد عفة فرجه عن الزنا واللواط أو نحوهما وإنما آثر هذه الصيغة إيذانا بأن هذه الثلاثة من الأمور الشاقة التي تكدح الإنسان وتقصم ظهره لولا أنه يعان عليها لما قام بها. قال الطيبي:"وأصعبها العفاف لأنه قمع الشهوة الجبلية المذكورة في النفس وهي مقتضى البهيمية النازلة في أسفل سافلين فإذا استعف وتداركه عون إلهي ترقى إلى منزلة الملائكة في أعلى عليين". قال أحد العارفين:"إذا رأيت واحدا من هؤلاء فأعنه بطائفة من مال أو قال أو حال، فإنك إذا أعنتهم فأنت نائب الحق في عونهم، فإنه إذا كان عون هؤلاء حقا على الله فمن أعانهم فقد أدى عن الله ما أوجبه على نفسه فيتولى الله كرامته بنفسه، فما دام المجاهد مجاهدا بما أعنته عليه فأنت شريكه في الأجر ولا ينقصه شيء، وإذا ولد للناكح ولد صالح كان لك في ولده وعقبه أجر وأقر به عين محمد صلى الله عليه و سلم يوم القيامة وهو أعظم من عون المكاتب والمجاهد لما أن النكاح أفضل النوافل وأقربه نسبة للفضل الإلهي في إيجاده العالم وبعظم الأجر يعظم النسب".
في الحقيقة إن إشباع المحتاج حاجة حقيقية أولى من حجة التطوع وعمرة النافلة؛ لأن كفاية المحتاج فرض كفاية على مجموع المسلمين، إذا لم يقم بهذه المسئولية أحد ولم تتحصل الكفاية لأهل العوز أثم المجموع، أما حجة وعمرة التطوع فهما نافلة، وعند التزاحم يقدم تحصيل فرض الكفاية على تحصيل النافلة، وأجر الساعي في تحقيق الفرض الكفائي أكبر من أجر الساعي في تحقيق نافلة؛ لأن الأجر يكثر ويقل بناء على المنفعة، فالمنفعة الجارية على اثنين أجرها أكبر من المنفعة القاصرة على واحد، لذا كان السعي في حاجة المسلمين أولى من الاعتكاف في المسجد، فالاعتكاف قاصر في منفعته على واحد بينما السعي في مصالح المسلمين مصلحته ومنفعته شاملة.
يذكر أن هذه المفاضلة في حال وجود تزاحم أما في حال إمكانية الجمع بين الأمرين فالأولى تحصيلهما زيادة في الأجر، والغالب من حال الناس عدم وجود التزاحم، لذا يفضل تحصيل الاعتكاف والسعي في مصالح المسلمين؛ لأن النفس الساعية في منفعة الرعية تحتاج إلى زاد على الطريق حتى لا تكل ولا تقنط ولا تيأس مما تراه من قبح وسوء، وأفضل طريق لترويض النفس هو الاعتكاف والخلوة مع الله.
أما حجة الفريضة والعمرة الواجبة فتقدم على الصدقة على الابن المحتاج وغيره؛ لأن سعي المرء في إنقاذ نفسه مقدم على سعيه في إنقاذ غيره، ولأن الحجة الأولى فريضة والعمرة الأولى واجبة أما الصدقة على الغير إما أن تكون مندوبة أو فرض على الكفاية، وفي الحالتين يقدم عليهما فرض العين.
لذا على الآباء الذين يؤخرون حجة الفريضة والعمرة الواجبة بحجة أنهم يسعون في تجهيز أبنائهم وتحضيرهم للزواج أن يبادروا ويسرعوا في إنقاذ أنفسهم قبل أن يفجأهم الموت.

والله تعالى أعلم
المجلس الإسلامي للإفتاء
14/10/2008 


هنا