الأحد، 9 أكتوبر 2011

تعريض شيء من البدن لأول ماء المطر



تعريض شيء من البدن لأول ماء المطر النازل من السماء سُنة تغافل عنها الناس



نص الحديث :

عن أنس قال : أصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مطر قال : فحسر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه حتى أصابه من المطر فقلنا : يا رسول الله لم صنعت هذا ؟ قال : «لأنه حديث عهد بربه» .
تخريج الحديث :

رواه الإمام مسلم [1494 ] و البخاري في الأدب المفرد [ 571 ] و الإمام أحمد في المسند [11917 ] و رواه ابو داود في سننه [4436 ] وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن أبو داود [5100 ] و في المشكاة [1501 ] وفي ظلال الجنة [622 ] و في الإرواء [678 ]

المعنى الإجمالي للحديث :

قال الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم :
( معنى ( حسر ) كشف أي كشف بعض بدنه ، ومعنى «حديث عهد بربه» أي بتكوين ربه إياه ، معناه أن المطر رحمة ، وهي قريبة العهد بخلق الله تعالى لها فيتبرك بها ، واستدلوا بهذا ) ا.هـ

و قال صاحب عون المعبود :
(أي بإيجاد ربه إياه يعني أن المطر رحمة وهي قريبة العهد بخلق الله لها فيتبرك بها ، وهو دليل على استحباب ذلك ) ا.هـ

ما حوى هذا الحديث من فوائد :

1)سُنية كشف البدن عند أول نزل المطر و التبرك بأول الماء النازل :
بوب الإمام البخاري في صحيحه باباً أسماه [باب من تمطر في المطر حتى يتحادر على لحيته ] فعلق الحافظ على عنونة البخاري لهذا الباب بقوله :
( قوله : ( باب من تمطر )

بتشديد الطاء أي تعرض لوقوع المطر ، وتفعل يأتي لمعان أليقها هنا أنه بمعنى مواصلة العمل في مهلة نحو تفكر ، ولعله أشار إلى ما أخرجه مسلم من طريق جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس قال حسر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه حتى أصابه المطر وقال : «لأنه حديث عهد بربه» قال العلماء : معناه قريب العهد بتكوين ربه ، وكأن المصنف أراد أن يبين أن تحادر المطر على لحيته صلى الله عليه وسلم لم يكن اتفاقا وإنما كان قصدا فلذلك ترجم بقوله من تمطر أي قصد نزول المطر عليه ، لأنه لو لم يكن باختياره لنزل عن المنبر أول ما وكف السقف ، لكنه تمادى في خطبته حتى كثر نزوله بحيث تحادر على لحيته صلى الله عليه وسلم .) ا.هـ

فهذا استدلال بديع من هذين الإمامين الجليلين ، و لم يخرج الإمام البخاري في صحيحه لأنه ليس على شرطه ، وإنما على شرط الإمام مسلم .

و قال الإمام الشوكاني في نيل الأوطار [6/88] :
( قال العلماء : أي بتكوين ربه إياه .

قال النووي : ومعناه أن المطر رحمة ، وهو قريب العهد بخلق الله تعالى لها فيتبرك بها ، وفي الحديث دليل أنه يستحب عند أول المطر أن يكشف بدنه ليناله المطر لذلك . ) ا.هـ

و رُوي هذا الفعل عن عدد من الصحابة كما نقل ذلك ابن ابي الدنيا و نقلها عنه الحافظ ابن رجب في فتح الباري ، فعلي - رضي الله عنه - إذا مطرت السماء خرج فإذا أصاب صلعته الماء مسح رأسه ووجهه وجسده ، وقال : (( بركة نزلت من السماء لم تمسها يد ولا سقاء )) .

و روي أيضاً عن ابن عباس رضي الله عنهما و عن عثمان رضي الله عنه أنهما كانا يتمطران .

قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في الشرح الممتع [ 2/458] :

[ ( ويسن أن يقف في أول المطر )...
قوله: ( أن يقف ) ، أي: أن يقف قائماً أول ما ينزل المطر.

قوله: ( وإخراج رحله وثيابه ليصيبهما المطر ) ، أي: متاعه الذي في بيته، أو في خيمته إن كان في البر، وكذلك ثيابه يخرجها؛ لأن هذا روي عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ[أخرجه الشافعي في الأم (1/152) ].

والثابت من سنّة النبي صلّى الله عليه وسلّم: أنه إذا نزل المطر حسر ثوبه [ أي: رفعه حتى يصيب المطر بدنه] ويقول: «لأنه حديث عهد بربه» .
وهذه السنّة ثابتة في الصحيح، وعليه فيقوم الإِنسان ويخرج شيئاً من بدنه إما من ساقه، أو من ذراعه، أو من رأسه حتى يصيبه المطر اتباعاً لسنّة النبي صلّى الله عليه وسلّم . ] ا.هـ

2) في هذا الحديث ردٌ على المعطلة منكري الصفات :
في الرد على الجهمية للدارمي (30) :

عن أنس ، رضي الله عنه قال : أصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مطر ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فحسر عنه ثوبه حتى أصابه ، فقلنا : يا رسول الله لم صنعت هذا ؟ قال : « لأنه حديث عهد بربه ». قال أبو سعيد : ولو كان على ما يقول هؤلاء الزائغة في كل مكان ، ما كان المطر أحدث عهدا بالله من غيره من المياه والخلائق .

وجه للشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي حفظه الله السؤال التالي :


ما المقصود من قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- في المطر: ( إنه قريب عهد بربه ) ؟، وهل يخالف هذا العلم الحديث بأن المطر عبارة عن تكثف البخار الناتج من الأنهار والبحار؟ وجزاكم الله خيرًا.

فأجاب : لا يخالف هذا، إذا كان جزء منه يأتي من البحار، ثم انعقد في جهة العلو فهو حديث عهد بربه، بمعنى أنه جاء من جهة العلو، والله -سبحانه- في جهة العلو، وهذا من الأدلة التي فيها إثبات العلو، وأن الله فوق السماوات، حديث عهد بربه أنه جاء من جهة العلو، وإن كان أصله انعقد من البحار، أو بعضه قد يكون بعض السحاب من البحار، وبعضها من غير البحار، ولو كان بعضها انعقد البخار من البحار، ثم صعد إلى فوق، يشمله الحديث أنه جاء من جهة العلو، لأنه جاء من جهة العلو، والله -سبحانه- في جهة العلو، فلا مانع ولا منافاة.
[ من شرح الشيخ على كتاب الرد على الزنادقة ، للإمام أحمد ، من موقعه على الشبكة ]

3) و من فوائد هذا الحديث أيضاً استحباب سؤال المفضول الفاضل ، إن رأى منه فعلاً لم يفهمه و استفساره عن ذلك قال الإمام النووي في شرحه لهذا الحديث :

( وفيه [ يعني في هذا الحديث ] أن المفضول إذا رأى من الفاضل شيئا لا يعرفه أن يسأله عنه ليعلمه فيعمل به ويعلمه غيره ) .

4) وهنالك فائدة أخرى
أنقلها بتمامها من كلام الشيخ الشيخ العثيمين في الشرح الممتع [ 2/459] :


علق الشيخ العثيمين فائدة على قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث ( إنه كان حديث عهد بربه ) :
[ وقوله في الحديث: «لأنه حديث عهد بربه» لأن الله خلقه الآن، فهو حديث عهد بخلق الله ، هل يقال: إن هذا التعليل يتعدى لغيره مما يُحدثه الله ـ عز وجل ـ، أو نقول: إن هذا تعليل بعلة قاصرة على معلولها؟
الجواب: أن نقول: إن هذه علة قاصرة على معلولها، ولهذا لا يمكن أن نقول للإنسان: إنه ينبغي أن يصيب من بدنه ما ولد من حيوان أو نحوه مما هو حديث عهد بالله.

ويستفاد من قوله: «إنه حديث عهد بربه » ، ثبوت الأفعال الاختيارية لله ـ عز وجل ـ التي تقع بمشيئته، خلافاً لمن أنكر ذلك، فإن إنكاره عن جهل، وليس عن علم؛ فالرب عز وجل تقوم به الأفعال الاختيارية، ويفعل ما يشاء في أي وقت شاء.] ا.هـ
م ن
جزى الله خيرا من قام بجمعها وتنسيقها وساهم في نشر سنة نبينا صلى الله عليه وسلم 


هنا 




 



 


 



منقول


الذكر عند نزول الغيث وعند زيادة المطر والخوف منه
الذكر عند نزول الغيث
ـ عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها-  أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-كَانَ إِذَا رَأَى الْمَطَرَ قَالَ : (اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا) رواه البخاري (1032).
   وعند النسائي (1506) : (اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ صَيِّبًا نَافِعًا).
   وعند أبي داود (4435)، وابن ماجه (3880) : (اللَّهُمَّ صَيِّبًا هَنِيئًا) .

 ـ  وعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ: صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَاةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنْ اللَّيْلَةِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: (هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ فَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي وَمُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ) رواه البخاري (801) ومسلم (71).
 ـ وعن أَنَسٌ قَالَ أَصَابَنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَطَرٌ قَالَ: فَحَسَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَوْبَهُ حَتَّى أَصَابَهُ مِنْ الْمَطَرِ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ صَنَعْتَ هَذَا؟ قَالَ: (لِأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ تَعَالَى) رواه مسلم (898).
في الأحاديث السابقة فوائد كثيرة منها:
- مشروعية هذا الذكر عند نزول المطر.
- وجوب نسبة النعم إلى الله -عز وجل-.
- تحريم نسبة المطر إلى الأنواء والكواكب.
- مشروعية الدعاء عند نزول المطر.
- استحباب التبرك بالمطر عند أول نزوله، وذلك بأن يتعرض له ليصيب رأسه وبقية بدنه.
- أن العلة في ذلك أنه " حديث عهد بربه تعالى " رواه مسلم.
- أن المطر قد يكون صيِّبَاً أي: كثيراً، لكن لا نفع فيه, وفي الحديث " ليست السنة ألا تمطروا, ولكن السنة أن تمطروا وتمطروا، ولا تنبت الأرض شيئاً "رواه مسلم
 (2904).
- إطلاق لفظ المطر على ما فيه خير, وإن كان الأغلب في القرآن إطلاقه على ما فيه عذاب. 
الذكر عند زيادة المطر والخوف منه
     _ وفي حديث أنس أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما قيل له: هَلَكَتْ الْأَمْوَالُ، وَانْقَطَعَتْ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يُمْسِك المطر، قال: (اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الْآكَامِ وَالْجِبَالِ وَالْآجَامِ وَالظِّرَابِ وَالْأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ) رواه البخاري (957)، ومسلم (897) .
في الحديث فوائد منها:
- مشروعية هذا الدعاء عند ازدياد الأمطار وخوف الضرر.
- مشروعية الاستسقاء عند الحاجة.
- أن المطر قد يكون أنفع في مكان دون مكان, وقت دون وقت, وحال دون حال.