سؤال: في حديث النبي صلى الله عليه وسلم:
(لا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تـــقي) مـــا هــي الحـــدود التــي عنــدها لا أدخل أخي المـــسلم بيتــي ، ولا أطعمـــــه طعــــامـــي؟
الشيــــخ رحمه الله: الذي تفهمــه من هـــذا الحديث ، والله أعلـــم ، أن النبــي صلــى الله عليه وسلم يضــع للمسلــم منهـــجاً ينطلـــق عليه في حيـــاته أن لا يصـــاحب إلا مؤمنــــاً ولا يــأكل طعــامه إلا تقــــي. ولا يعنــــي الحديـــث ، أنه لا يجـــوز للمسلــم أن يُطعــم غــير المــؤمن الصالـــح ، وإنـــما يقصــد الحديــث أنه ينبغــي له أن لا يخــالط إلا مؤمـــناً ، وأن لا يــأكل طعـــامه إلا تقـــي.
قالمخالطـــة والمصـــاحبة والمصـــادقة شـــيء ، وأن يُطعــم بمنـــاسبة ما كافراً أو فــاقاً شـــيء آخر. فهـــذا يجـــوز ، ولكـــن ينبغـــي ألا يكــون ذلك منهـــج حيـــاته. ذلك لأن المصــاحب الصالح كمثــل بائع المســـك ، إما أن يحذيـك أي يعطيك مجـــاناً ، وإما أن تشتري منه ، وإما أن تشــم منه رائحــة طيبـــة. ومثل جليـــس الســوء ، كمثل الحدـــاد ، إما أن يحرق ثيــابك ، وإما أن تشــم منه رائــحة كريهــة.
ومعنى الحديث أن الصاحب الصالح لابد أن يخرج منه بكســـب والعكـــس بالعكــــس. المصـــاحب للطالح لابد أن يتضرر منه ، كما مثـــل الرســول عليه السلام في الجليـــس الصالح: (كمثـــل بـــائع المســـك ، إما أن يقــدم إليك مجــاناً من المســك ، هذه منفعة ظاهـــرة ، وإما أن تشــتري منه ، فهـــي منفعـــة دون تـــلك ، وإمـــا أن تشـــم منه رائـــحة طيبـــة ، فهــي منفعـــة أيضاً ، ولو دون المنفعتيـــن السابقتيـــن.
كذلك ومثــل الجليس الطـــالح كمثل الحداد ، إمـــا أن يحرق ثيـــابك بالنـــار التـــي يوقـــدها ، وإما أن تشـــم بسببهـــا رائحـــة كريهـــة.
فإذاً الصـــاحب كمـــا يقال الســــاحب ، الصـــاحب ســـــاحب ، إن كـــان صـــالحاً سحبـــه إلى الصــــلاح ، وإن كــــان طــــالحــاً سحـــبه إلى الطـــــلاح ، ولذلـــك قيــل: (عن المـــرء لا تســـأل ، واســـأل عن قريــــنه ، وكــل مقـــارِن بالمقــــارَن يقتـــدي).
من هنـــا جـــاء أمرٌ هـــامٌ من رســـــول الله صلــى الله عليه وسلــم حينـــما نهـــى في غيـــر ما حديـــث ثـــابت ، نهـــى المسلـــم أن يخـــالط المشــــرك ، فقــال عليه الصـــلاة والســـلام: (من جـــماع المشـــرك – أي من خـــالطه وصـــاحبه – فهو مثــــله).
وقال علـــيه الســـلام: (أنـــا برئ من مسلـــم يقيـــم بيــن طهرانــــي المشركيــــن).
وقـــال أيضاً: (المسلـــم والمشـــرك لا تتراء نارهما) ، أي المســـلم يســـكن بعيـــداً عن المشـــرك ، ولا يقـــاربه في السكــــن ، بحيث أن أحدهمــــا إذا أوقــد نـــاره ، على قاعدة العرب في خيمهـــم قديماً ، وأيضـــاً حديثـــاً في بعــض الصحـــاري ، فتتــــراء نارهما ، يقــول الرســـول صلى الله عليه وسلم ابتعد في سكنك عن سكن المشـــرك ، خشيـــت أن يتأثـــر بشـــيء من تقـــاليده ، وعـــادته ، وأخلاقـــه ، وأطبــــاعه.
لذلك فلا يجـــوز للمسلـــم أن يخــــالط إلا الصــــالحين ، هذا هـــو المقصــــود من قولـــه عليـــه الســـلام في الحديـــث الســـابق المسؤول عنه: ( لا تصـــاحب إلا مؤمــــناً ، ولا يــــأكل طعـــامك إلا تقــــــــي).
الشيــخ العلامة الألبـــــاني رحمه الله تعــــالى