الثلاثاء، 19 أبريل 2011

حكم القيام بالطاعات والعبادات بنية تحقيق مقصود دنيوي



حكم القيام بالطاعات والعبادات بنية تحقيق مقصود دنيوي

 

سؤال : إذا تمنى الانسان شيئاً وقام بأداء بعض العبادات  كقيام الليل مثلاً ومقصوده عند القيام بها أن تتحقق له أمنيته .فهل هذا ينافي الإخلاص لله تعالى في عمله وهل يعاقب على ذلك بعدم تحقيق أمنيته؟
القيام بالطاعات لأجل تحقيق مراد دنيوي أو إجابة حاجة أو تيسير أمر ،هذا الفعل في أصله جائز ،ولكن يحذر فيه من أمر واحد ، وإليك التفصيل:
تقوم أدلة كثيرة على أصل جوازه  ومن هذه الأدلة:
1.أ وجب الله سبحانه تقديم الصدقة (طاعة) بين يدي مناجاة الرسول صلى الله عليه وسلم، قال تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ” المجادلة 12، ومعلوم ان المناجاة قد تكون في أمر ديني أو دنيوي.
2. في الحديث القدسي المشهور :” من عادى لي وليا فقد اذنته بالحرب ، وما تقرب إلي عبدي بشئ أحب إلي مما افترضته عليه،ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فاذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به …. ولئن سألني لاعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه”1
فالحديث واضح الدلالة على أن الفرائض والنوافل طريق للتقرب إلى الله سبحانه ، وأنها تكون سببًا لإجابة الدعاء مطلقا سواء كان أمرًا دينيًا أو أمرًا دنيويًا.
3.حديث الثلاثة الذين حبسوا في الغار ، فإنما توسلوا إلى الله سبحانه بصالح أعمالهم ليفرج كربهم وينقذهم من الغار.2
4. الأدلة الدالة على إجابة الدعاء أثناء الطاعات وبعدها مثل الصلاة ، ودعوة الصائم التي لا ترد عند فطره ، ودعاء الاستخارة عقيب الصلاة ، والأذكار المخصوصة بعد الطاعات …الخ مما لا يتسع المقام لبسطها.
أما الأمر الذي يحذر منه :
أن تقصد الطاعة فقط لقضاء الحاجة دون قصد القربة لله سبحانه ، فحتى نصحح نيتنا ينبغي علينا أن ننوي التقرب إلى الله سبحانه وتعالى بالطاعة والقربة ثم نسأله سبحانه من فضلة وندعوه لحاجتنا ، ونسأل الله أن يعيننا على صلاح نياتنا.
فائدة:
 لم تذكر الأمنية في القرآن الكريم إلا في سياق الذم ومداخلة الهوى والرغبة المذمومة، قال تعالى :” وما ارسلنا من قبلك من رسول ولا نبي الا اذا تمنى القى الشيطان في امنيته ، فينسخ الله ما يلقي الشيطان…” وقال تعالى :”  أَمْ لِلإِنْسَانِ مَاتَمَنَّى ”  النجم ،24 ،
د. امجد علي سعادة

_____________________

1- - إن الله قال : "من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته : كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، وإن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه ، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن ، يكره الموت وأنا أكره مساءته"
 
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6502
خلاصة حكم المحدث: [صحيح] 
2 - قال البخاري في صحيحه :
562حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ ،قال: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ ،قال: قَالَ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ ،عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
" بَيْنَمَا ثَلَاثَةُ نَفَرٍ يَتَمَاشَوْنَ أَخَذَهُمْ الْمَطَرُ فَمَالُوا إِلَى غَارٍ فِي الْجَبَلِ فَانْحَطَّتْ عَلَى فَمِ غَارِهِمْ صَخْرَةٌ مِنْ الْجَبَلِ فَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، انْظُرُوا أَعْمَالًا عَمِلْتُمُوهَا لِلَّهِ صَالِحَةً فَادْعُوا اللَّهَ بِهَا لَعَلَّهُ يَفْرُجُهَا ،فَقَالَ أَحَدُهُمْ اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَ لِي وَالِدَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ وَلِي صِبْيَةٌ صِغَارٌ كُنْتُ أَرْعَى عَلَيْهِمْ فَإِذَا رُحْتُ عَلَيْهِمْ فَحَلَبْتُ بَدَأْتُ بِوَالِدَيَّ أَسْقِيهِمَا قَبْلَ وَلَدِي وَإِنَّهُ نَاءَ بِيَ الشَّجَرُ فَمَا أَتَيْتُ حَتَّى أَمْسَيْتُ فَوَجَدْتُهُمَا قَدْ نَامَا فَحَلَبْتُ كَمَا كُنْتُ أَحْلُبُ فَجِئْتُ بِالْحِلَابِ فَقُمْتُ عِنْدَ رُءُوسِهِمَا أَكْرَهُ أَنْ أُوقِظَهُمَا مِنْ نَوْمِهِمَا وَأَكْرَهُ أَنْ أَبْدَأَ بِالصِّبْيَةِ قَبْلَهُمَا وَالصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ قَدَمَيَّ فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبِي وَدَأْبَهُمْ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ لَنَا فُرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ فَفَرَجَ اللَّهُ لَهُمْ فُرْجَةً حَتَّى يَرَوْنَ  مِنْهَا السَّمَاءَ ،
وَقَالَ الثَّانِي اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَتْ لِي ابْنَةُ عَمٍّ أُحِبُّهَا كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرِّجَالُ النِّسَاءَ فَطَلَبْتُ إِلَيْهَا نَفْسَهَا فَأَبَتْ حَتَّى آتِيَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ فَسَعَيْتُ حَتَّى جَمَعْتُ مِائَةَ دِينَارٍ فَلَقِيتُهَا بِهَا فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا قَالَتْ يَا عَبْدَ اللَّهِ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تَفْتَحْ الْخَاتَمَ فَقُمْتُ عَنْهَا اللَّهُمَّ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي قَدْ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ لَنَا مِنْهَا فَفَرَجَ لَهُمْ فُرْجَةً،
وَقَالَ الْآخَرُ اللَّهُمَّ إِنِّي كُنْتُ اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا بِفَرَقِ أَرُزٍّ فَلَمَّا قَضَى عَمَلَهُ قَالَ أَعْطِنِي حَقِّي فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَقَّهُ فَتَرَكَهُ وَرَغِبَ عَنْهُ فَلَمْ أَزَلْ أَزْرَعُهُ حَتَّى جَمَعْتُ مِنْهُ بَقَرًا وَرَاعِيَهَا فَجَاءَنِي فَقَالَ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تَظْلِمْنِي وَأَعْطِنِي حَقِّي فَقُلْتُ اذْهَبْ إِلَى ذَلِكَ الْبَقَرِ وَرَاعِيهَا فَقَالَ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تَهْزَأْ بِي فَقُلْتُ إِنِّي لَا أَهْزَأُ بِكَ فَخُذْ ذَلِكَ الْبَقَرَ وَرَاعِيَهَا فَأَخَذَهُ فَانْطَلَقَ بِهَا فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ مَا بَقِيَ فَفَرَجَ اللَّهُ عَنْهُمْ "

صحيح البخاري / 78- كتاب الأدب / 5- بَاب إِجَابَةِ دُعَاءِ مَنْ بَرَّ وَالِدَيْهِ / حديث رقم : 5974 / ص: 707
هنا