جواب الحكيم
هو أحد المحسنات المعنوية في علم البديع
فهو أحد مباحث البلاغة
ويعنى : تلقي المخاطب بغير ما يترقبه.
إما بترك سؤاله: والإجابة عن سؤال لم يسأله .
وإما بحمل كلام المتكلم على غير ما كان يقصد ويريد، تنبيها على
إما بترك سؤاله: والإجابة عن سؤال لم يسأله .
وإما بحمل كلام المتكلم على غير ما كان يقصد ويريد، تنبيها على
أنه كان ينبغي له أن يسأل هذا السؤال، أويقصد هذا المعنى....
وتجد ذلك واضحًا في قوله تعالى:
" يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ "
لقد سألوا النبي عليه الصلاة والسلام عن حقيقة ما ينفقون مالهم، فأجيبوا ببيان طرق إنفاق المال تنبيها على أن جهة الإنفاق هي الأولى والأجدر بالسؤال عنه لأن النفقة لايعتد بها إن لم تقع موقعها.
وكذلك في مارواه أنس بن مالك أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الساعة ، فقال : متى الساعة ؟ قال : وماذا أعددت لها ؟ (1)
فلم يخبره النبي صلى الله عليه وسلم عن وقت الساعة وإنما سأله عن ماذا أعد لها لأن هذا هو الأجدر بالسؤال عنه
وقال البعض :جواب الحكيم هو إجابة السائل بأكثر مما يسأل عنه لأن حاجة السائل لا تتم غالباً إلابهذه الزيادة
والنبي صلى الله عليه وسلم ضرب المثل الأعظم في هذا الجانب
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
إن ناسا أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : إنا نبعد في البحر ولا نحمل من الماء إلا الإداوة والإداوتين لأنا لا نجد الصيد حتى نبعد أفنتوضأ بماء البحر ؟
قال : نعم فإنه الحل ميتته الطهور ماؤه (2)
إنهم لم يسألوا النبى صلى الله عليه وسلم عن ميتة البحر، وإنما سألوا عن طهورية ماء البحر...
إن ناسا أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : إنا نبعد في البحر ولا نحمل من الماء إلا الإداوة والإداوتين لأنا لا نجد الصيد حتى نبعد أفنتوضأ بماء البحر ؟
قال : نعم فإنه الحل ميتته الطهور ماؤه (2)
إنهم لم يسألوا النبى صلى الله عليه وسلم عن ميتة البحر، وإنما سألوا عن طهورية ماء البحر...
فقال عليه الصلاة والسلام:
(هو الطهور ماؤه)
وكان يكفي هذا القدر من الجواب بالنسبة لسؤالهم ..
لكن قال عليه الصلاة والسلام :
(الحل ميتته)
فلم أعطاهم هذه الزيادة؟
ليزيل عنهم إشكالاً آخر لا يقل أهمية عن الإشكال الأول ..
ولاحظ قولهم : ( إنا نركب البحر )
فهذا يدل على ديمومة ركوب البحر بالنسبة لهم فقد ينفد زادهم ، فإما أن يأكلوا من ميتة البحر وإما أن يموتوا...
فالنبي عليه الصلاة والسلام راعى هذا بالنسبة لهم لما رأى استشكالهم للشيء اليسير علم أن استشكالهم للأعظم أولى فدلهم على ذلك.
ولأن الميتة محرمة بنص القرآن
"حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ "
[المائدة:3]
(الميتة) أي: كل أنواع الميتة فيمكن أن يقيسوا ميتة البحر على هذه الآية فلا يأكلوا منها فيهلكوا .
وهذا جواب الحكيم ...
وأيضا في حديث قاتل المائة نفس لما قال للعالم هل لي من توبة؟
قال له: نعم ، ومن يحجب عنك باب التوبة؟!اخرج إلى أرض كذا وكذا فإن فيها أناساً يعبدون الله فاعبد الله معهم .
وكان يكفيه أن يجيبه بنعم
لقد راعى هذا العالم ظروف السائل في أنه لن ينصلح حاله إلا بالخروج إلى بلد آخر غير التى كان فيها يفسد ويقتل في الناس ..
كذا ما ورد في صحيح مسلم عن ابن عباس . قال : رفعت امرأة صبيا لها . فقالت : يا رسول الله ! ألهذاحج ؟ قال نعم . ولك أجر . (3)
مع أنها لم تسأل عن الأجر، وكان الجواب يتم ( بنعم له حج )
إنما قال صلى الله عليه وسلم لها : (ولك أجر)
تحفيزاً لها على فعل الخير ولو أن العمل بدون أجر
ما وجدت أحداً يهم له ويسارع فيه ولما قامت سوق الجنة والنار
~~~~~~~~~
(1)الراوي:أنس بن مالك- المحدث:البخاري - المصدر:صحيح البخاري- الصفحة
أو الرقم:3688 - خلاصة حكم المحدث:[صحيح]
(2)الراوي:أبو هريرة - المحدث:الألباني - المصدر:السلسلة الصحيحة- الصفحة أو
الرقم:1/867 - خلاصة حكم المحدث:إسناده صحيح
(3)الراوي:عبدالله بن عباس - المحدث: مسلم - المصدر:صحيح مسلم-
الصفحة أو الرقم:1336 - خلاصة حكم المحدث:صحيح
منقول بتصرف