قال النسائي في سننه
أخبرنا موسى بن عبد الرحمن قال حدثنا أبو أسامة عن حسين وهو المعلم عن قتادة عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
"والذي نفس محمد بيده لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير "
سنن النسائي / تحقيق الشيخ الألباني / كتاب الإيمان وشرائعه /باب علامة الإيمان / حديث رقم: 5017 / التحقيق : صحيح
مكتبة الشيخ الألباني الإلكترونية
شرح الحديث :
1/ـ شرح الحديث للحافظ بن حجر العسقلاني رحمه الله:
قوله : ( يحيى ) هو ابن سعيد القطان . قوله : ( وعن حسين المعلم ) هو ابن ذكوان , وهو معطوف على شعبة . فالتقدير عن شعبة وحسين كلاهما عن قتادة , وإنما لم يجمعهما لأن شيخه أفردهما , فأورده المصنف معطوفا اختصارا ولأن شعبة قال : عن قتادة , وقال حسين : حدثنا قتادة . وأغرب بعض المتأخرين فزعم أنه طريق حسين معلقة , وهو غلط , فقد رواه أبو نعيم في المستخرج من طريق إبراهيم الحربي عن مسدد شيخ المصنف عن يحيى القطان عن حسين المعلم . وأبدى الكرماني كعادته بحسب التجويز العقلي أن يكون تعليقا أو معطوفا على قتادة , فيكون شعبة رواه عن حسين عن قتادة , إلى غير ذلك مما ينفر عنه من مارس شيئا من علم الإسناد . والله المستعان . ( تنبيه ) المتن المساق هنا لفظ شعبة , وأما لفظ حسين من رواية مسدد التي ذكرناها فهو " لا يؤمن عبد حتى يحب لأخيه ولجاره " , وللإسماعيلي من طريق روح عن حسين " حتى يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه من الخير " فبين المراد بالأخوة , وعين جهة الحب . وزاد مسلم في أوله عن أبي خيثمة عن يحيى القطان " والذي نفسي بيده " , وأما طريق شعبة فصرح أحمد والنسائي في روايتهما بسماع قتادة له من أنس , فانتفت تهمة تدليسه . قوله : ( لا يؤمن ) أي من يدعي الإيمان , وللمستملي " أحدكم " وللأصيلي " أحد " ولابن عساكر " عبد " وكذا لمسلم عن أبي خيثمة , والمراد بالنفي كمال الإيمان , ونفي اسم الشيء - على معنى نفي الكمال عنه - مستفيض في كلامهم كقولهم : فلان ليس بإنسان . فإن قيل : فيلزم أن يكون من حصلت له هذه الخصلة مؤمنا كاملا وإن لم يأت ببقية الأركان , أجيب بأن هذا ورد مورد المبالغة , أو يستفاد من قوله " لأخيه المسلم " ملاحظة بقية صفات المسلم . وقد صرح ابن حبان من رواية ابن أبي عدي عن حسين المعلم بالمراد ولفظه " لا يبلغ عبد حقيقة الإيمان " ومعنى الحقيقة هذا الكمال , ضرورة أن من لم يتصف بهذه الصفة لا يكون كافرا , وبهذا يتم استدلال المصنف على أنه يتفاوت , وأن هذه الخصلة من شعب الإيمان , وهي داخلة في التواضع على ما سنقرره . قوله : ( حتى يحب ) بالنصب لأن حتى جارة وأن بعدها مضمرة , ولا يجوز الرفع فتكون حتى عاطفة فلا يصح المعنى , إذ عدم الإيمان ليس سببا للمحبة . قوله : ( ما يحب لنفسه ) أي من الخير كما تقدم عن الإسماعيلي , وكذا هو عند النسائي , وكذا عند ابن منده من رواية همام عن قتاده أيضا و " الخير " كلمة جامعة تعم الطاعات والمباحات الدنيوية والأخروية , وتخرج المنهيات لأن اسم الخير لا يتناولها . والمحبة إرادة ما يعتقده خبرا , قال النووي : المحبة الميل إلى ما يوافق المحب , وقد تكون بحواسه كحسن الصورة , أو بفعله إما لذاته كالفضل والكمال , وإما لإحسانه كجلب نفع أو دفع ضرر . انتهى ما يحصل له . والمراد هنا بالميل الاختياري دون الطبيعي والقسري , والمراد أيضا أن يحب أن يحصل لأخيه نظير ما يحصل له , لا عينه , سواء كان في الأمور المحسوسة أو المعنوية , وليس المراد أن يحصل لأخيه ما حصل له لا مع سلبه عنه ولا مع بقائه بعينه له , إذ قيام الجوهر أو العرض بمحلين محال . وقال أبو الزناد بن سراج : ظاهر هذا الحديث طلب المساواة , وحقيقته تستلزم التفضيل . لأن كل أحد يحب أن يكون أفضل من غيره , فإذا أحب لأخيه مثله فقد دخل في جملة المفضولين . قلت : أقر القاضي عياض هذا , وفيه نظر . إذ المراد الزجر عن هذه الإرادة , لأن المقصود الحث على التواضع . فلا يحب أن يكون أفضل من غيره , فهو مستلزم للمساواة . ويستفاد ذلك من قوله تعالى ( تلك الدار الآخرة تجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا ) , ولا يتم ذلك إلا بترك الحسد والغل والحقد والغش , وكلها خصال مذمومة . ( فائدة ) قال الكرماني : ومن الإيمان أيضا أن يبغض لأخيه ما يبغض لنفسه من الشر , ولم يذكره لأن حب الشيء مستلزم لبغض نقيضه , فترك التنصيص عليه اكتفاء . والله أعلم
2/ ـ شرح الحديث للإمام النووي رحمه الله
قال الإمام النووي ـ رحمه الله ـ قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه أو قال لجاره ما يحب لنفسه ) هكذا هو في مسلم لأخيه أو لجاره على الشك , وكذا هو في مسند عبد بن حميد على الشك , وهو في البخاري وغيره ( لأخيه ) من غير شك , قال العلماء رحمهم الله : معناه لا يؤمن الإيمان التام , وإلا فأصل الإيمان يحصل لمن لم يكن بهذه الصفة . والمراد يحب لأخيه من الطاعات والأشياء المباحات ويدل عليه ما جاء في رواية النسائي في هذا الحديث " حتى يحب لأخيه من الخير ما يحب لنفسه " قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح : وهذا قد يعد من الصع ب الممتنع , وليس كذلك , إذ معناه لا يكمل إيمان أحدكم حتى يحب لأخيه في الإسلام مثل ما يحب لنفسه , والقيام بذلك يحصل بأن يحب له حصول مثل ذلك من جهة لا يزاحمه فيها , بحيث لا تنقص النعمة على أخيه شيئا من النعمة عليه , وذلك سهل على القلب السليم , إنما يعسر على القلب الدغل . عافانا الله وإخواننا أجمعين . والله أعلم . شرح صحيح مسلم للإمام النووي
3/ ـ تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي للمباركفوري
قوله : ( لا يؤمن أحدكم ) أي إيمانا كاملا ( حتى يحب لأخيه ) أي المسلم ( ما يحب لنفسه ) أي مثل جميع ما يحبه لنفسه . قال النووي : قال العلماء : معناه لا يؤمن الإيمان التام , وإلا فأصل الإيمان يحصل وإن لم يكن بهذه الصفة والمراد يحب لأخيه من الطاعات والأشياء المباحات , ويدل عليه ما جاء في رواية النسائي في هذا الحديث حتى يحب لأخيه من الخير ما يحب لنفسه . قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله : وهذا قد يعد من الصعب الممتنع وليس كذلك , إذ معناه لا يكمل إيمان أحدكم حتى يحب لأخيه في الإسلام مثل ما يحب لنفسه . والقيام بذلك يحصل بأن يحب له حصول مثل ذلك من جهة لا يزاحمه فيها , بحيث لا تنقص النعمة على أخيه شيئا من النعمة عليه , وذلك سهل على القلم السليم , وإنما يعسر على القلب الدغل عافانا الله وإخواننا أجمعين والله أعلم . قوله : ( هذا حديث صحيح ) وأخرجه الشيخان .
(4/ ـ شرح سنن النسائي للسندي( ما يحب لنفسه ) أي من خير الدنيا والآخرة والمراد الجنس لا خصوص النوع والفرد إذ قد يكون جبرا لا يقبل الاشتراك كالوسيلة أو لا يليق لغير من له ونحو ذلك والله تعالى أعلم ثم المراد بهذه الغاية وأمثالها أنه لا يكمل الإيمان بدونها لا أنها وحدها كافية في كمال الإيمان ولا يتوقف الكمال بعد حصولها على شيء آخر حتى يلزم التعارض بين هذه الغايات الواردة في مثل هذه الأحاديث فليتأمل
اللطائف الإسنادية : رواة الحديث كلهم بصريون , وأنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ نزل البصرة وتوفي بها , وفي الحديث التحديث والعنعنة
1/ـ شرح الحديث للحافظ بن حجر العسقلاني رحمه الله:
قوله : ( يحيى ) هو ابن سعيد القطان . قوله : ( وعن حسين المعلم ) هو ابن ذكوان , وهو معطوف على شعبة . فالتقدير عن شعبة وحسين كلاهما عن قتادة , وإنما لم يجمعهما لأن شيخه أفردهما , فأورده المصنف معطوفا اختصارا ولأن شعبة قال : عن قتادة , وقال حسين : حدثنا قتادة . وأغرب بعض المتأخرين فزعم أنه طريق حسين معلقة , وهو غلط , فقد رواه أبو نعيم في المستخرج من طريق إبراهيم الحربي عن مسدد شيخ المصنف عن يحيى القطان عن حسين المعلم . وأبدى الكرماني كعادته بحسب التجويز العقلي أن يكون تعليقا أو معطوفا على قتادة , فيكون شعبة رواه عن حسين عن قتادة , إلى غير ذلك مما ينفر عنه من مارس شيئا من علم الإسناد . والله المستعان . ( تنبيه ) المتن المساق هنا لفظ شعبة , وأما لفظ حسين من رواية مسدد التي ذكرناها فهو " لا يؤمن عبد حتى يحب لأخيه ولجاره " , وللإسماعيلي من طريق روح عن حسين " حتى يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه من الخير " فبين المراد بالأخوة , وعين جهة الحب . وزاد مسلم في أوله عن أبي خيثمة عن يحيى القطان " والذي نفسي بيده " , وأما طريق شعبة فصرح أحمد والنسائي في روايتهما بسماع قتادة له من أنس , فانتفت تهمة تدليسه . قوله : ( لا يؤمن ) أي من يدعي الإيمان , وللمستملي " أحدكم " وللأصيلي " أحد " ولابن عساكر " عبد " وكذا لمسلم عن أبي خيثمة , والمراد بالنفي كمال الإيمان , ونفي اسم الشيء - على معنى نفي الكمال عنه - مستفيض في كلامهم كقولهم : فلان ليس بإنسان . فإن قيل : فيلزم أن يكون من حصلت له هذه الخصلة مؤمنا كاملا وإن لم يأت ببقية الأركان , أجيب بأن هذا ورد مورد المبالغة , أو يستفاد من قوله " لأخيه المسلم " ملاحظة بقية صفات المسلم . وقد صرح ابن حبان من رواية ابن أبي عدي عن حسين المعلم بالمراد ولفظه " لا يبلغ عبد حقيقة الإيمان " ومعنى الحقيقة هذا الكمال , ضرورة أن من لم يتصف بهذه الصفة لا يكون كافرا , وبهذا يتم استدلال المصنف على أنه يتفاوت , وأن هذه الخصلة من شعب الإيمان , وهي داخلة في التواضع على ما سنقرره . قوله : ( حتى يحب ) بالنصب لأن حتى جارة وأن بعدها مضمرة , ولا يجوز الرفع فتكون حتى عاطفة فلا يصح المعنى , إذ عدم الإيمان ليس سببا للمحبة . قوله : ( ما يحب لنفسه ) أي من الخير كما تقدم عن الإسماعيلي , وكذا هو عند النسائي , وكذا عند ابن منده من رواية همام عن قتاده أيضا و " الخير " كلمة جامعة تعم الطاعات والمباحات الدنيوية والأخروية , وتخرج المنهيات لأن اسم الخير لا يتناولها . والمحبة إرادة ما يعتقده خبرا , قال النووي : المحبة الميل إلى ما يوافق المحب , وقد تكون بحواسه كحسن الصورة , أو بفعله إما لذاته كالفضل والكمال , وإما لإحسانه كجلب نفع أو دفع ضرر . انتهى ما يحصل له . والمراد هنا بالميل الاختياري دون الطبيعي والقسري , والمراد أيضا أن يحب أن يحصل لأخيه نظير ما يحصل له , لا عينه , سواء كان في الأمور المحسوسة أو المعنوية , وليس المراد أن يحصل لأخيه ما حصل له لا مع سلبه عنه ولا مع بقائه بعينه له , إذ قيام الجوهر أو العرض بمحلين محال . وقال أبو الزناد بن سراج : ظاهر هذا الحديث طلب المساواة , وحقيقته تستلزم التفضيل . لأن كل أحد يحب أن يكون أفضل من غيره , فإذا أحب لأخيه مثله فقد دخل في جملة المفضولين . قلت : أقر القاضي عياض هذا , وفيه نظر . إذ المراد الزجر عن هذه الإرادة , لأن المقصود الحث على التواضع . فلا يحب أن يكون أفضل من غيره , فهو مستلزم للمساواة . ويستفاد ذلك من قوله تعالى ( تلك الدار الآخرة تجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا ) , ولا يتم ذلك إلا بترك الحسد والغل والحقد والغش , وكلها خصال مذمومة . ( فائدة ) قال الكرماني : ومن الإيمان أيضا أن يبغض لأخيه ما يبغض لنفسه من الشر , ولم يذكره لأن حب الشيء مستلزم لبغض نقيضه , فترك التنصيص عليه اكتفاء . والله أعلم
2/ ـ شرح الحديث للإمام النووي رحمه الله
قال الإمام النووي ـ رحمه الله ـ قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه أو قال لجاره ما يحب لنفسه ) هكذا هو في مسلم لأخيه أو لجاره على الشك , وكذا هو في مسند عبد بن حميد على الشك , وهو في البخاري وغيره ( لأخيه ) من غير شك , قال العلماء رحمهم الله : معناه لا يؤمن الإيمان التام , وإلا فأصل الإيمان يحصل لمن لم يكن بهذه الصفة . والمراد يحب لأخيه من الطاعات والأشياء المباحات ويدل عليه ما جاء في رواية النسائي في هذا الحديث " حتى يحب لأخيه من الخير ما يحب لنفسه " قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح : وهذا قد يعد من الصع ب الممتنع , وليس كذلك , إذ معناه لا يكمل إيمان أحدكم حتى يحب لأخيه في الإسلام مثل ما يحب لنفسه , والقيام بذلك يحصل بأن يحب له حصول مثل ذلك من جهة لا يزاحمه فيها , بحيث لا تنقص النعمة على أخيه شيئا من النعمة عليه , وذلك سهل على القلب السليم , إنما يعسر على القلب الدغل . عافانا الله وإخواننا أجمعين . والله أعلم . شرح صحيح مسلم للإمام النووي
3/ ـ تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي للمباركفوري
قوله : ( لا يؤمن أحدكم ) أي إيمانا كاملا ( حتى يحب لأخيه ) أي المسلم ( ما يحب لنفسه ) أي مثل جميع ما يحبه لنفسه . قال النووي : قال العلماء : معناه لا يؤمن الإيمان التام , وإلا فأصل الإيمان يحصل وإن لم يكن بهذه الصفة والمراد يحب لأخيه من الطاعات والأشياء المباحات , ويدل عليه ما جاء في رواية النسائي في هذا الحديث حتى يحب لأخيه من الخير ما يحب لنفسه . قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله : وهذا قد يعد من الصعب الممتنع وليس كذلك , إذ معناه لا يكمل إيمان أحدكم حتى يحب لأخيه في الإسلام مثل ما يحب لنفسه . والقيام بذلك يحصل بأن يحب له حصول مثل ذلك من جهة لا يزاحمه فيها , بحيث لا تنقص النعمة على أخيه شيئا من النعمة عليه , وذلك سهل على القلم السليم , وإنما يعسر على القلب الدغل عافانا الله وإخواننا أجمعين والله أعلم . قوله : ( هذا حديث صحيح ) وأخرجه الشيخان .
(4/ ـ شرح سنن النسائي للسندي( ما يحب لنفسه ) أي من خير الدنيا والآخرة والمراد الجنس لا خصوص النوع والفرد إذ قد يكون جبرا لا يقبل الاشتراك كالوسيلة أو لا يليق لغير من له ونحو ذلك والله تعالى أعلم ثم المراد بهذه الغاية وأمثالها أنه لا يكمل الإيمان بدونها لا أنها وحدها كافية في كمال الإيمان ولا يتوقف الكمال بعد حصولها على شيء آخر حتى يلزم التعارض بين هذه الغايات الواردة في مثل هذه الأحاديث فليتأمل
اللطائف الإسنادية : رواة الحديث كلهم بصريون , وأنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ نزل البصرة وتوفي بها , وفي الحديث التحديث والعنعنة