الخميس، 8 يوليو 2010

منيحة العنز



بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيد ولد آدم



ما فقه الحديث الآتي

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( أربعون خصلة أعلاهن منيحة العنز ، ما من
عامل يعمل بخصلة منها رجاء ثوابها وتصديق
موعودها ، إلا أدخله الله بها الجنة )
قال حسان : فعددنا ما دون منيحة العنز ، من رد السلام ، وتشميت العاطس ، وإماطة الأذى عن الطريق ونحوه ، فما استطعنا أن نبلغ خمس عشرة خصلة .

الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص - المحدث: البخاري - المصدر: صحيح
 البخاري - الرقم: 2631 - خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
الجواب

الحمد لله

الحديث المقصود في السؤال يرويه الإمام البخاري
 في " صحيحه " (رقم/2631) ،
 وقد بوَّب عليه رحمه الله بقوله : باب فضل المنيحة ،
 وهذا نصه :

عنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ ، عَنْ أَبِي كَبْشَةَ السَّلُولِيِّ ،
 سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ :
 قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( أَرْبَعُونَ خَصْلَةً - أَعْلَاهُنَّ مَنِيحَةُ الْعَنْزِ - مَا مِنْ عَامِلٍ يَعْمَلُ بِخَصْلَةٍ مِنْهَا رَجَاءَ ثَوَابِهَا وَتَصْدِيقَ مَوْعُودِهَا
 إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ بِهَا الْجَنَّةَ )

قَالَ حَسَّانُ : فَعَدَدْنَا مَا دُونَ مَنِيحَةِ الْعَنْزِ مِنْ رَدِّ السَّلَامِ ،
 وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ ، وَإِمَاطَةِ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ
وَنَحْوِهِ ، فَمَا اسْتَطَعْنَا أَنْ نَبْلُغَ خَمْسَ عَشْرَةَ خَصْلَةً .
~ ~ ~
= ومعنى قوله : ( منيحة العنز ) : أي :

عطية لبن الشاة . كما في " فتح الباري " (1/160)

*قال الإمام النووي رحمه الله

" تستحب المنيحة ، وهي أن تكون له ناقة أو بقرة
أو شاة ذات لبن ، فيدفعها إلى من يشرب لبنها مدة ،
 ثم يردها إليه ، لحديث ابن عمرو بن العاص – ذكر
الحديث السابق – ،

- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي
 الله عليه وسلم قال

" نعم المنيحة اللقحة الصفي منحة أو الشاة
الصفى تغدو بإناء وتروح بإناء " رواه البخاري (1)

-وعنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال

" من منح منيحة غدت بصدقة صبوحها وغبوقها "

رواه مسلم (2)

وفى المسألة أحاديث أخر صحيحة

" انتهى من " المجموع " (6/243)

 _______

وقد بين العلماء شراح الحديث أن مقصود هذا الحديث

بيان كثرة طرق الخير ، وأن الأعمال الصالحة كثيرة

جدًا ، من عمل بها رجاء ثوابها مخلصا بها قلبه دخل الجنة .


*يقول ابن بطال رحمه الله :

" وأما قوله عَلَيْهِ السَّلام :
( أَرْبَعُونَ خَصْلَةً أَعْلَاهُنَّ مَنِيحَةُ الْعَنْزِ )
 ولم يذكر الأربعين خصلة في الحديث - ومعلوم

أنه كان عالمًا بها كلها لا محالة - إلا لمعنى

هو أنفع لنا من ذكرها ، وذلك ـ والله أعلم ـ خشية

أن يكون التعيين لها ، والترغيب فيها ، زهدًا في

غيرها من أبواب المعروف وسبل الخير ، وقد

جاء عنه عَلَيْهِ السَّلام من الحض على أبواب من

أبواب الخير والبر ما لا يحصى كثرة .

وليس قول حسان بن عطية :

( فعددنا ما دون منيحة العنز من رد السلام ،

وتشميت العاطس ، وإماطة الأذى عن الطريق ،

فما استطعنا أن نبلغ خمس عشرة خصلة ) بمانع

أن يجدها غيره ، وقد بلغني عن بعض أهل

عصرنا أنه طلبها في الأحاديث ، فوجد حسابها

يبلغ أزيد من أربعين خصلة :

فمنها : - منحة الركوب ، إطعام الجائع ، وسقاية الظمآن –، ومنها : السلام على من لقيت ، وتشميت العاطس ، وإعانة الصانع ، والصنعة للأخرق ، وإعطاء صلة الحبل ، وإعطاء شسع النعل ، وأن يؤنس الوحشان ، وكشف الكربة عن مسلم ، وكون المرء في حاجة أخيه ، وستر المسلم ، والتفسح لأخيك في المجلس ، وإدخال السرور على المسلم ، ونصر المظلوم ، والأخذ على يدي الظالم ، والدلالة على الخير ، والأمر بالمعروف ، والإصلاح بين الناس ، وقول طيب ترد به المسكين ، وأن تفرغ من دلوك في إناء المستقي ، وغرس المسلم وزرعه ، والهدية إلى الجار ، والشفاعة للمسلم ، ورحمة عزيز ذل ، وغني افتقر ، وعالم بين جهال ، وعيادة المرضى ، والرد على من يغتاب أخاك المسلم ، ومصافحة المسلم ، والتحاب في الله ، والتجالس في الله ، والتزاور في الله ، والتبادل في الله ، وعون الرجل الرجلَ في دابته يحمله عليها ، أو يرفع عليها متاعه صدقة ، والنصح لكل مسلم " انتهى باختصار
" شرح ابن بطال " (7/151-154) .
_____________

*وقد نازع بعضُ أهل العلم ابنَ بطال فيما نقله من

محاولة لتعداد بعض الخصال المقصودة في الحديث

، ولكن لا تضر هذه المنازعة ، فمرادنا من النقل

السابق أن هذه الخصال هي من خصال الخير ،

من الأعمال الصالحة ، والأخلاق الحسنة ، وأما

تعيينها كاملة فلا يمكن الجزم به .
____________

 

*وقد نقل الكرماني كلام ابن بطال السابق ،

ثم علق عليه بقوله :

" هذا الكلام رجم بالغيب لاحتمال أن يكون المراد

غير المذكورات من سائر الأعمال الخيرية ،

ثم إنه من أين عرف أن هذه أدنى من المنحة ،

لجواز أن تكون مثلها ، أو أعلى منها ، ثم فيه

تحكم ، حيث جعل السلام منه ، ولم يجعل رد

السلام منه ، مع أنه صرح في هذا الحديث الذي

نحن فيه به ، وكذا جعل الأمر بالمعروف منه ،

بخلاف النهي عن المنكر ، وفيه أيضا تكرار ،

لدخول الأخير – وهو الأربعون – تحت ما تقدم ، فتأمل "
 انتهى.

" الكواكب الدراري شرح صحيح البخاري " (11/153)
________________

 

*وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله – بعد أن نقل كلام

ابن بطال السابق واختصره -:

" وكلها في الأحاديث الصحيحة ، وفيها ما قد يُنازَع

في كونه دون منيحة العنز ، وحذفت مما ذكره

أشياء قد تعقب ابن المنير بعضها .

*وقال الكرماني : جميع ما ذكره رجم بالغيب ، ثم من
أين عرف أنها أدنى من المنيحة ؟

*قلت – يعني الحافظ ابن حجر - : وإنما أردت بما
ذكرته منها تقريب الخمس عشرة التي عدها
حسان بن عطية ، وهي إن شاء الله تعالى لا تخرج
عما ذكرته ، ومع ذلك فأنا موافق لابن بطال في إمكان
 تتبع أربعين خصلة من خصال الخير أدناها منيحة العنز ،
وموافق لابن المنير في رد كثير مما ذكره ابن بطال
 مما هو ظاهر أنه فوق المنيحة . والله أعلم "
 انتهى.
" فتح الباري " (5/245)


والله أعلم .

الإسلام سؤال وجواب


____________________

(1)

قال البخاري في صحيحه

حَدَّثَنَا ‏ ‏يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ،قال: ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏مَالِكٌ ،‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي الزِّنَادِ ،‏

‏عَنْ ‏ ‏الْأَعْرَجِ ‏، ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ‏
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَ
‏" ‏ نِعْمَ ‏ ‏ الْمَنِيحَةُ ‏ ‏ اللِّقْحَةُ ‏ ‏الصَّفِيُّ  ‏مِنْحَةً
 وَالشَّاةُ ‏ ‏الصَّفِيُّ ‏ ‏تَغْدُو بِإِنَاءٍ وَتَرُوحُ بِإِنَاءٍ ‏ "

قال: حَدَّثَنَا ‏ ‏عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ‏ ‏وَإِسْمَاعِيلُ ‏ ،‏عَنْ ‏ ‏مَالِكٍ ‏ ،
‏قَالَ ‏:قال: "‏نِعْمَ الصَّدَقَةُ "

صحيح البخاري /كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها /
باب فضل المنيحة /حديث رقم :2436

~~~~~ ~~~~ ~~~~~
(2)

قال مسلم في صحيحه

حَدَّثَنِي ‏ ‏مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ ‏ ،قال:‏حَدَّثَنَا
 ‏ ‏زَكَرِيَّاءُ بْنُ عَدِيٍّ ‏ ،قال:‏أَخْبَرَنَا ‏ ‏عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ
عَمْرٍو ‏، ‏عَنْ ‏ ‏زَيْدٍ ‏ ،‏عَنْ ‏ ‏عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ ‏، ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي
حَازِمٍ ،‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏ ،عَنْ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ‏، ‏أَنَّهُ نَهَى فَذَكَرَ خِصَالًا وَقَالَ
"‏ ‏مَنْ ‏ ‏مَنَحَ ‏ ‏ مَنِيحَةً ‏ ‏ غَدَتْ ‏ ‏ بِصَدَقَةٍ
وَرَاحَتْ بِصَدَقَةٍ صَبُوحِهَا وَغَبُوقِهَ"

صحيح مسلم / كتاب الزكاة / باب فضل المنيحة / حديث رقم :1694