الحديث الثامن والعشرون عَن أَبي نَجِيحٍ العربَاضِ بنِ سَاريَةَ رضي الله عنه قَالَ: وَعَظَنا رَسُولُ اللهِ مَوعِظَةً وَجِلَت مِنهَا القُلُوبُ وَذَرَفَت مِنهَا العُيون. فَقُلْنَا: يَارَسُولَ اللهِ كَأَنَّهَا مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَأَوصِنَا، قَالَ: (أُوْصِيْكُمْ بِتَقْوَى اللهِ عز وجل وَالسَّمعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلافَاً كَثِيرَاً؛ فَعَلَيكُمْ بِسُنَّتِيْ وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المّهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فإنَّ كلّ مُحدثةٍ بدعة، وكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ) رواه أبو داود والترمذي وقال : حديث حسن صحيح. الشرح قوله:"وَعَظَنا" الوعظ:التذكير بما يلين القلب سواء كانت الموعظة ترغيباً أو ترهيباً، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتخول أصحابه بالموعظة أحياناً. وقوله: "وَجلَت مِنهَا القُلُوبُ" أي خافت منها القلوب كما قال الله تعالى: (الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ )(الأنفال: الآية2) . " وَذَرَفَت مِنهَا العُيون" أي ذرفت الدموع، وهو كناية عن البكاء. " فَقُلنَا يَا رَسُول الله:كَأنَّها" أي هذه الموعظة "مَوعِظَةَ مُوَدِِّعٍ" وذلك لتأثيرها في إلقائها،وفي موضوعها،وفي هيئة الواعظ لأن كل هذا مؤثر،حتى إننا في عصرنا الآن تسمع الخطيب فيلين قلبك وتخاف وتبكي، فإذا سمعته مسجلاً لم تتأثر، فتأثير المواعظ له أسباب منها: الموضوع،وحال الواعظ،وانفعاله. " قَالَ أوصيكُم بِتَقوَى الله عزّ وجل" هذه الوصية مأخوذة من قول الله تعالى: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ)(النساء: الآية131) فتقوى الله رأس كل شيء. ومعنى التقوى: طاعة الله بامتثال أمره واجتناب نهيه على علم وبصيرة. ولهذا قال بعضهم في تفسيرها: أن تعبد الله على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك ما حرم الله، على نور من الله، تخشى عقاب الله. وقال بعضهم: خل الذنوب صغيرها وكبيرها ذاك التقى واعمل كماش فوق أ ر ض الشوك يحذر ما يرى لاتحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى " وَالسَّمعُ والطَّاعَة" أي لولاة الأمر بدليل قوله وَإِن تَأمَّر عَليكُم والسمع والطاعة بأن تسمع إذا تكلم، وأن تطيع إذا أمر، وسيأتي إن شاء الله في بيان الفوائد حكم هذه الجملة العظيمة،لكن انظر أن النبي صلى الله عليه وسلم خصها بالذكر بعد ذكر التقوى مع أن السمع والطاعة من تقوى الله لأهميتها ولعظم التمرد عليها. " وَإن تَأمَّر عَلَيكُم" أي صار أميراً "عبد" أي مملوكاً. "فَإِنَّهُ مَن يَعِش مِنكُم" أي تطول به الحياة "فَسَيَرى" والسين هنا للتحقيق اختِلاَفاً كَثيراً في العقيدة، وفي العمل ، وفي المنهج، وهذا الذي حصل، فالصحابة رضي الله عنهم الذين عاشوا طويلاً وجدوا من الاختلاف والفتن والشرور ما لم يكن لهم في الحسبان. ثم أرشدهم صلى الله عليه وسلم إلى ما يلزمونه عند هذا الاختلاف، فقال: "فَعَلَيكُم بِسَّنتي" أي الزموا سنتي، والمراد بالسنة هنا: الطريقة التي هو عليها ، فلا تبتدعوا في دين الله عزّ وجل ما ليس منه ،ولا تخرجوا عن شريعته. " وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَاشِدين" الخلفاء الذين يخلفون رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته، وعلى رأسهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه. فإن أبا بكر الصديق رضي الله عنه هو الخليفة الأول لهذه الأمة، نص النبي صلى الله عليه وسلم على خلافته نصاً يقرب من اليقين، وعامله بأمور تشير إلى أنه الخليفة بعده. مثال ذلك: أتته امرأة في حاجة لها فوعدها وعداً، فقالت: يا رسول الله إن لم أجدك؟ قال: "ائتِي أَبَا بَكر" وقال : "يَأَبَى اللهُ وَرَسُولُهُ وَالمُؤمِنونَ إِلا أَبَا بَكرٍ" وأمر أن تسد جميع الأبواب المشرَّعة على المسجد إلا باب أبي بكر، وجعله خليفته في الصلاة بالمسلمين حين مرض ،وهذه إمامة صغرى،يشير بذلك إلى أنه يتولى الإمامة الكبرى،وجعله أميراً على الحجيج في السنة التاسعة خلفاً عنه. فهو الخليفة بالنص الذي يقرب من اليقين. ثم الخليفة من بعده عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأنه أولى الناس بالخلافة بعد أبي بكر الصديق رضي الله عنه فإنهما صاحبا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان كثيراً ما يقول: ذهبت أنا وأبو بكر وعمر، وجئت أنا وأبو بكر وعمر ،فرأى أبو بكر رضي الله عنه أن أحق الناس بالخلافة عمر رضي الله عنه. وخلافة عمر رضي الله عنه ثابتة شرعاً لأنها وقعت من خليفة،ثم صارت الخلافة لعثمان رضي الله عنه بمشورة معروفة رتبها عمر رضي الله عنه، ثم صارت بعد ذلك لعلي رضي الله عنه هؤلاء هم الخلفاء الراشدون لا إشكال فيهم. وقوله: "المهديين" صفة مؤكدة لما سبق، لأنه يلزم من كونهم راشدين أن يكونوا مهديين، إذ لا يمكن رشد إلا بهداية،وعليه فالصفة هنا ليست صفة احتراز ولكنها صفة توكيد وبيان علة،يعني أنهم رشدوا لأنهم مهديون. "عَضُّوا عَلَيهَا" أي على سنتي وسنة الخلفاء "بالنَّوَاجِذِ" وهي أقصى الأضراس ومن المعلوم أن السنة ليست جسماً يؤكل،لكن هذا كناية عن شدة التمسك بها،أي أن الإنسان يتمسك بهذه السنة حتى يعض عليها بأقصى أضراسه. "وَإيَّاكُم" لما حث على التمسك بالسنة حذر من البدعة. "وَإيَّاكُم وَمُحدَثَاتِ الأُمور" أي اجتنبوها،والمراد بالأمور هنا الشؤون، والمراد بالشؤون شؤون الدين،لا المحدثات في أمور الدنيا،لأن المحدثات في أمور الدنيا منها ما هو نافع فهو خير،ومنها ما هو ضار فهو شر،لكن المحدثات في أمور الدين كلها شر، ولهذا قال: "فَإِنَّ كُلَّ مُحدَثَةٍ بِدعَة" لأنها ابتدعت وأنشئت من جديد. "كُل بِدعَةٍ ضَلالَة" أي كل بدعة في دين الله عزّ وجل فهي ضلالة . من فوائد هذا الحديث: .1مشروعية الموعظة،ولكن ينبغي أن تكون في محلها،وأن لا يكثر فيُمِل، لأن الناس إذا ملوا ملوا الواعظ والموعظة، وتقاصرت هممهم عن الحضور،ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخول أصحابه بالموعظة،وكان بعض الصحابة يعظ أصحابه كل يوم خميس، يعني في الأسبوع مرة. .2أنه ينبغي للواعظ أن تكون موعظته مؤثرة باختيار الألفاظ الجزلة المثيرة،وهذا على حسب الموضوع،فإن كان يريد أن يعظ الناس لمشاركة في جهاد أو نحوه فالموعظة تكون حماسية،وإن كان لعمل الآخرة فإن الموعظة تكون مرققة للقلوب. .3أن المخاطب بالموعظة إذا كانت بليغة فسوف يتأثر لقوله: "وَجِلَت مِنهَا القُلُوبُ، وَ ذَرَفَت مِنهَا العُيونُ" . .4أن القلب إذا خاف بكت العين، وإذا كان قاسياً، نسأل الله عزّ وجل أن يبعدنا وإياكم من قسوة القلب،لم تدمع العين. .5أنه جرت العادة أن موعظة المودع تكون بليغة مؤثرة،لأن المودع لن يبقى عند قومه حتى يكرر عليهم الموعظة فيأتي بموعظة مؤثرة يُذَكر بها بعد ذلك لقولهم: "كَأَنَّهَا مَوعِظَةُ موَدِِّعٍ" . .6طلب الإنسان من العالم أن يوصيه،لقولهم رضي الله عنهم "فَأَوصِنَا". ولكن هل هذا يكون بدون سبب،أو إذا وجد سبب لذلك؟ الظاهر الثاني:بمعنى أنه ليس كلما قابلت أحداً تقول:أوصني،فإن هذا مخالف لهدي الصحابة فيما يظهر،لكن إذا وجد سبب كإنسان قام وعظ وبيَّن فلك أن تقول أوصنا وأما بدون سبب فلا، ومن ذلك السفر، أي إذا أراد الإنسان أن يسافر وقال مثلاً للعالِم أوصني، فهذا مشروع. .7أن أهم ما يوصى به العبد تقوى الله عزّ وجل لقوله: "أُوصيكُم بِتَقوَى الله". .8فضيلة التقوى حيث كانت أهم وأولى وأول ما يوصى به العبد. .9وصية النبي صلى الله عليه وسلم بالسمع والطاعة لولاة الأمور،والسمع والطاعة لهم واجب بالكتاب والسنة،قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ )(النساء: الآية59) فجعل طاعة أولي الأمر في المرتبة الثالثة ولكنه لم يأت بالفعل (أطيعوا ) لأن طاعة ولاة الأمور تابعة لطاعة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولهذا لو أمر ولاة الأمور بمعصية الله عزّ وجل فلا سمع ولا طاعة. وظاهر الحديث وجوب السمع والطاعة لولي الأمر وإن كان يعصي الله عزّ وجل إذا لم يأمرك بمعصية الله عزّ وجل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"اسمَع وَأَطِع وَإِن ضَرَبَ ظَهرَكَ وَأَخَذَ مَالَكَ" وضرب الظهر وأخذ المال بلا سبب شرعي معصية لا شك، فلا يقول الإنسان لولي الأمر: أنا لا أطيعك حتى تطيع ربك، فهذا حرام، بل يجب أن يطيعه وإن لم يطع ربه. أما لو أمر بالمعصية فلا سمع ولا طاعة، لأن رب ولي الأمر ورب الرعية واحد عزّ وجل، فكلهم يجب أن يخضعوا له عزّ وجل، فإذا أمرنا بمعصية الله قلنا: لا سمع ولا طاعة. .10ثبوت إمرة العبد،لقوله: "وَإِن تَأَمرَ عَلَيكُم عَبدٌ" ولكن هل يلزم طاعة الأمير في كل شيء، أو فيما يتعلق بالحكم؟ الجواب:الثاني، أي فيما يتعلق بالحكم ورعاية الناس، فلو قال لك الأمير مثلاً: لا تأكل اليوم إلا وجبتين. أو ما أشبه ذلك فلم يجب عليك أن توافق إلا أنه يحرم عليك أن تنابذ، بمعنى أن تعصيه جهاراً لأن هذا يفسد الناس عليه. .11وجوب طاعة الأمير وإن لم يكن السلطان، لقوله: "وَإِن تَأَمرَ عَلَيكُم" ومعلوم أن الأمة الإسلامية من قديم الزمان فيها خليفة وهو السلطان، وهناك أمراء للبلدان، وإذا وجبت طاعة الأمير فطاعة السلطان من باب أولى. وهنا سؤال يكثر: إذا أمَّر الناس عليهم أميراً في السفر، فهل تلزمهم طاعته؟ فالجواب: نعم، تلزمهم طاعته،وإذا لم نقل بذلك لم يكن هناك فائدة من تأميره،لكن طاعته فيما يتعلق بأمور السفر لا في كل شيء،إلا أن الشيء الذي لا يتعلق بأمور السفر لا تجوز منابذته فيه، مثال ذلك: لو قال أمير السفر:اليوم كل واحد منكم يلبس ثوبين لأنه سيكون الجو بارداً. فهنا لا تلزم طاعته، لكن لا تجوز منابذته بمعنى: لا يجوز لأحد أن يقول لن ألبس ثوبين، لأن مجرد منابذة ولاة الأمور تعتبر معصية. .12ظهور آية من آيات النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "فَإِنَّهُ مَن يَعِش مِنكُم فَسَيَرَى اختِلافاً كَثيرَاً" فقد وقع الأمر كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم. فإن قيل: وهل يمكن أن نطبق هذه الجملة في كل زمان،بمعنى أن نقول: من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً؟ فالجواب: لا نستطيع أن نطبقها في كل زمان،لكن الواقع أن من طال عمره رأى اختلافاً كثيراً. كان الناس فيما سبق أمة واحدة، حزباً واحداً،ليس هناك تشتت ولا تفرق ثم اختلفوا،في بلادنا هذه كان الناس منقادين لأمرائهم،منقادين لعلمائهم حتى إن الرجل يأتي مع خصمه إلى القاضي وهو يرى أن الحق له فيحكم القاضي عليه،ثم يذهب مطمئن القلب مستريحاً،وإذا قيل له: يا فلان كيف غلبك خصمك؟ قال:الشرع يُخْلِفُ. والآن الأمر بالعكس،تجد الخصم إذا حُكِم عليه والحكم حق ذهب يماطل،ويطالب برفع المعاملة للتمييز،ومجلس القضاء الأعلى وإن كان يرى الحق عليه وليس له لكن يريد أن يضر بصاحبه،والاختلاف الآن وقع،أحص مثلاً أفكار الناس لا تكاد تحصيها، منهم من فكره إلحاد، ومنهم من فكره دون ذلك، ومنهم من فكره سيء في الأخلاق، ومنهم من دون ذلك. .13وجوب التمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم عند الاختلاف، لقوله: "فَعَلَيكُم بِسنَّتي" والتمسك بها واجب في كل حال لكن يتأكد عند وجود الاختلاف. .14أنه يجب على الإنسان أن يتعلم سنة النبي صلى الله عليه وسلم ،وجه ذلك: أنه لا يمكن لزومها إلا بعد علمها وإلا فلا يمكن. .15أن للخلفاء سنة متبعة بقول النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فما سنه الخلفاء الراشدون أُعتبر سنة للرسول صلى الله عليه وسلم بإقراره إياهم، ووجه كونه أقره أنه أوصى باتباع سنة الخلفاء الراشدين. وبهذا نعرف سفه هؤلاء القوم الذين يدعون أنهم متبعون للسنة وهم منكرون لها،ومن أمثلة ذلك: قالوا:إن الأذان الأول يوم الجمعة بدعة، لأنه ليس معروفاً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو من سنة عثمان رضي الله عنه، فيقال لهم: وسنة عثمان رضي الله عنه هل هي هدر أو يؤخذ بها مالم تخالف سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ الجواب:الثاني لا شك، عثمان رضي الله عنه لم يخالف الرسول صلى الله عليه وسلم في إحداث الأذان الأول، لأن السبب الذي من أجله أحدثه عثمان رضي الله عنه ليس موجوداً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، ففي عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانت المدينة صغيرة،متقاربة، لا تحتاج إلى أذان أول، أما في عهد عثمان رضي الله عنه اتسعت المدينة وكثر الناس وصار منهم شيء من التهاون فاحتيج إلى أذان آخر قبل الأذان الذي عند مجيء الإمام. وهذا الذي فعله عثمان رضي الله عنه حق وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إن له أصلاً من سنة النبي صلى الله عليه وسلم وهو أنه في رمضان كان يؤذن بلال وابن أم مكتوم رضي الله عنه، بلال رضي الله عنه يؤذن قبل الفجر ،وبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن أذانه لا لصلاة الفجر ولكن ليوقظ النائم، ويرجع القائم للسحور، فعثمان رضي الله عنه زاد الأذان الأول من أجل أن يقبل الناس البعيدون إلى المسجد ويتأهبوا فهو إذاً سنة من وجهين: من جهة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر باتباع سنة الخلفاء ورأي عثمان رضي الله عنه خير من رأينا. ومن جهة أخرى أن له أصلاً في سنة النبي صلى الله عليه وسلم . .16أنه إذا كثرت الأحزاب في الأمة فلا تنتم إلى حزب، فقد ظهرت طوائف من قديم الزمان مثل الخوارج والمعتزلة والجهمية والرافضة،ثم ظهرت أخيراً إخوانيون وسلفيون وتبليغيون وما أشبه ذلك، فكل هذه الفرق اجعلها على اليسار وعليك بالأمام وهو ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "عَلَيكُم بِسُنَّتي وَسُنََّة الخُلَفَاء الرَاشِدين" ولا شك أن الواجب على جميع المسلمين أن يكون مذهبهم مذهب السلف لا الانتماء إلى حزب معين يسمى السلفيين، والواجب أن تكون الأمة الاسلامية مذهبها مذهب السلف الصالح لا التحزب إلى من يسمى ( السلفيون) فهناك طريق السلف وهناك حزب يسمى (السلفيون) والمطلوب اتباع السلف،إلا أن الإخوة السلفيين هم أقرب الفرق إلى الصواب ولكن مشكلتهم كغيرهم أن بعض هذه الفرق يضلل بعضاً ويبدعه ويفسقه، ونحن لا ننكر هذا إذا كانوا مستحقين، لكننا ننكر معالجة هذه البدع بهذه الطريقة ، والواجب أن يجتمع رؤساء هذه الفرق، ويقولون: بيننا كتاب الله عزّ وجل وسنة رسوله فلنتحاكم إليهما لا إلى الأهواء والآراء، ولا إلى فلان أو فلان، فكلٌّ يخطئ ويصيب مهما بلغ من العلم والعبادة ولكن العصمة في دين الإسلام. فهذا الحديث أرشد فيه النبي صلى الله عليه وسلم إلى سلوك طريق مستقيم يسلم فيه الإنسان، ولا ينتمي إلى أي فرقة إلا إلى طريق السلف الصالح سنة النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين المهديين. .17الحث على التمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وسنة الخلفاء الراشدين تمسكاً تاماً، لقوله: "عضوا عَلَيهَا بالنَّوَاجِذِ". .18التحذير من البدع، أي من محدثات الأمور، لأن (إيَّا) في قوله "وَإيَّاكم" معناها التحذير من محدثات الأمور لكن في الدين، أما في الدنيا إما مطلوب وإما مذموم حسب ما يؤدي إليه من النتائج. فمثلاً: أساليب الحرب وأساليب الاتصالات،وأساليب المواصلات كلها محدثة، لم يوجد لها نوع فيما سبق، ولكن منها صالح ومنها فاسد حسب ما تؤدي إليه، فالمُحَذَّر منه المحدث في الدين عقيدة،أو قولاً،أو عملاً،فكل محدثة في الدين صغرت أو كبرت فإنها بدعة، هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم، فإن قال قائل: كيف نجمع بين هذه الكلية العامة الواضحة البينة: "كُلَّ مُحدَثَةٍ بدعَةٌ" وبين قوله صلى الله عليه وسلم "مَن سَنَّ في الإسلامِ سُنَةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجرُها وَأَجرُ مَن عَمِلَ بِهَا إِلَى يَوم القِيامَةِ" فالجواب من وجهين: الوجه الأول:أن معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "مَن سَنَّ في الإسلامِ سُنَّةً حَسَنَةً" أي من ابتدأ العمل بالسنة، ويدل لهذا أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكره بعد أن حث على الصدقة للقوم الذين وفدوا إلى المدينة ورغب فيها، فجاء الصحابة كلٌّ بما تيسر له، وجاء رجل من الأنصار بصرة قد أثقلت يده فوضعها في حجر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "مَن سَنَّ في الإسلامِ سُنَّةً حَسَنَةَ فَلَهُ أَجرَها وَأَجرُ مَن عَمِلَ بِهَا إِلَى يَومِ القِيامَةِ" أي ابتدأ العمل سنة ثابتة، وليس أنه يأتي هو بسنة جديدة، بل يبتدئ العمل لأنه إذا ابتدأ العمل سن الطريق للناس وتأسوا به وأخذوا بما فعل. الوجه الثاني:أن يقال: "مَن سَنَّ في الإسلامِ سُنَّةً حَسَنَةً" أي سن الوصول إلى شيء مشروع من قبل كجمع الصحابة المصاحف على مصحف واحد، فهذا سنة حسنة لاشك، لأن المقصود من ذلك منع التفرق بين المسلمين وتضليل بعضهم بعضاً. كذلك أيضاً جمع السنة وتبويبها وترتيبها، فهذه سنة حسنة يتوصل بها إلى حفظ السنة. إذاً يُحمَل قوله: "مَن سَنَّ في الإسلامِ سُنَّةً حَسَنَةَ" على الوسائل إلى أمور ثابتة شرعاً، ووجه هذا أننا نعلم أن كلام النبي صلى الله عليه وسلم لا يتناقض، ونعلم أنه لو فُتِحَ الباب لكل شخص أو لكل طائفة أن تبتدع في الدين ما ليس منه لتمزقت الأمة وتفرقت،وقد قال الله عزّ وجل: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) (الأنعام:159) .19أن جميع البدع ضلالة ليس فيها هدى، بل هي شر محض حتى وإن استحسنها من ابتدعها فإنها ليست حسنى،بل ولا حسنة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "كُلَّ بِدعَةٍ ضَلالَة" ولم يستثنِ النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً. وبناءً على هذا يتبين خطأ من قسم البدع إلى خمسة أقسام أو إلى ثلاثة أقسام،وأنه ليس على صواب، لأننا نعلم علم اليقين أن أعلم الناس بشريعة الله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن أنصح الخلق لعباد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن أفصح الخلق نطقاً محمد صلى الله عليه وسلم ،وأن أصدق الخلق خبراً رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أربعة أوصاف كلها مجتمعة على الأكمل في قول النبي صلى الله عليه وسلم ثم يأتي مَنْ بعده ويقول: البدعة ليست ضلالة، بل هي أقسام: حسنة ،ومباحة،ومكروهة، ومحرمة،وواجبة. سبحان الله العظيم،يعني لولا إحسان الظن بهؤلاء العلماء لكانت المسألة كبيرة، أن يقسموا ما حكم النبي صلى الله عليه وسلم بأنه ضلالة إلى أقسام: حسن و قبيح. إذاً نقول: من ابتدع بدعة وقال: إنها حسنة. فإما أن لا تكون بدعة، وإما أن لا تكون حسنة قطعاً. مثال ذلك: قالوا من البدع الحسنة جمع المصاحف في مصحف واحد، ومن البدع الحسنة كتابة الحديث، ومن البدع الحسنة إنشاء الدور لطلاب العلم وهكذا. فنقول هذه ليست بدعة، وهي حسنة لا شك لكن ليست بدعة،هذه وسيلة إلى أمر مقصود شرعاً، نحن لم نبتدع عبادة من عندنا لكن أمرنا بشيء ورأينا أقرب طريق إليه هذا العمل فعملناه. وهناك فرق بين الوسائل والذرائع وبين المقاصد، لأن جميع الأمثلة التي قالوا: إنها حسنة تنطبق على هذا، أي أنها وسائل إلى أمر مشروع مقصود. ومثال آخر قول جماعة: إن الميكرفون الذي يؤدي الصوت إلى البعيد بدعة ولا يجوز العمل به؟ فنقول: هو وسيلة حسنة ، لأنه يوصل إلى المقصود، وقد اختار النبي صلى الله عليه وسلم للأذان مَنْ هو أندى صوتاً لأنه يبلغ أكثر، وقال للعباس رضي الله عنه في غزوة حنين: نادى يا عباس لأنه كان صيتاً رضي الله عنه . إذاً رفع الصوت مطلوب، وهذه وسيلة من وسائله، ولهذا لما رُكِّبَ الميكرفون (مكبّر الصوت) في المسجد - الجامع الكبير بعنيزة- أول ما ركب على زمن شيخنا عبد الرحمن بن سعدي - رحمه الله - خطب في ذلك خطبة وأثنى على الذي أتى به وهو أحد المحسنين- رحمه الله - وقال: هذا من النعمة. وصدق،وهو من النعمة لأنه وسيلة إلى أمر مقصود. كذلك أيضاً الاتصالات، الآن نتصل عن طريق الهاتف إلى أقصى العالم، فهل نقول استعمال هذا الهاتف بدعة لا تجوز؟ الجواب:لا نقول هذا، لأنه وسيلة، وقد يكون إلى خير أو إلى شر. فعلى كل حال: يجب أن نعرف الفرق بين ما كان غاية وما كان ذريعة. يوجد أناس أحدثوا أذكاراً يذكرون الله فيها على هيئات معينة، وقالوا: إن قلوبنا ترتاح إلى هذا الشيء، فهل نقول: هذا بدعة حسنة أو لا؟ الجواب:لا، لأنهم أحدثوا في دين الله ما ليس منه،فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتعبد الله عزّ وجل على هذا الوجه، وعلى هذا فقس. إذاً الواجب علينا أن نقول: سمعنا وآمنا وصدقنا بان كل بدعة ضلالة، وأنه لا حسن في البدع تصديقاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ونقول: ما ادعى صاحبه أنه بدعة حسنة فهو إما أن لا يكون حسناً وظنه حسناً،وإما أن لا يكون بدعة، أما أن يكون بدعة وحسناً فهذا لايمكن، ويجب علينا أن نؤمن بهذا عقيدة. ولا يمكن أن نجادل أهل الباطل في بدعهم إلا بهذا الطريق بأن نقول: كل بدعة ضلالة. فإن قال قائل: ماذا تقولون في قول الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين جمع الناس في قيام رمضان على إمام واحد، وخرج ليلة من الليالي فوجد الناس يصلون بإمام واحد فقال: نعمت البدعة هذه فسماها بدعة؟ أجاب بعض العلماء بأن المراد بالبدعة هنا البدعة اللغوية لاالشرعية، ولكن هذا الجواب لا يستقيم، كيف البدعة اللغوية وهي صلاة؟ والصواب أنها بدعة نسبية بالنسبة لهجران هذا القيام بإمام واحد، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم أول من سن القيام بإمام واحد - أعني التراويح - فقد صلى بأصحابه ثلاث ليال في رمضان ثم تخلف خشية أن تفرض، وتُرِكَت، وأصبح الناس يأتون للمسجد يصلي الرجل وحده ، والرجلان جميعاً،والثلاثة أوزاعاً، فرأى عمر رضي الله عنه بثاقب سياسته أن يردهم إلى السنة الأولى وهي الاجتماع على إمام واحد فجمعهم على تميم الداري وأُبي بن كعب رضي الله عنهما وأمرهما أن يصليا بالناس إحدى عشرة ركعة ، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة. فيكون قوله: نعمت البدعة يعني بالبدعة النسبية، أي بالنسبة إلى أنها هجرت في آخر عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه وفي أول خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ،وإلا فنحن نؤمن بأن كل بدعة ضلالة، ثم هذه الضلالات تنقسم إلى: بدع مكفرة، وبدع مفسقة ، وبدع يعذر فيها صاحبها. ولكن الذي يعذر صاحبها فيها لا تخرج عن كونها ضلالة، ولكن يعذر الإنسان إذا صدرت منه هذه البدعة عن تأويل وحسن قصد. وأضرب مثلاً بحافظين معتمدين موثوقين بين المسلمين وهما: النووي وابن حجر رحمهما الله تعالى . فالنووي : لا نشك أن الرجل ناصح، وأن له قدم صدق في الإسلام، ويدل لذلك قبول مؤلفاته حتى إنك لا تجد مسجداً من مساجد المسلمين إلا ويقرأ فيه كتاب ( رياض الصالحين ) وهذا يدل على القبول، ولا شك أنه ناصح، ولكنه - رحمه الله - أخطأ في تأويل آيات الصفات حيث سلك فيها مسلك المؤولة، فهل نقول: إن الرجل مبتدع؟ نقول: قوله بدعة لكن هو غير مبتدع، لأنه في الحقيقة متأول، والمتأول إذا أخطأ مع اجتهاده فله أجر، فكيف نصفه بأنه مبتدع وننفر الناس منه، والقول غير القائل، فقد يقول الإنسان كلمة الكفر ولا يكفر. أرأيتم الرجل الذي أضل راحلته حتى أيس منها، واضطجع تحت شجرة ينتظر الموت،فإذا بالناقة على رأسه، فأخذ بها وقال من شدة الفرح:اللهم أنت عبدي وأنا ربك،وهذه الكلمة كلمة كفر لكن هو لم يكفر،قال النبي صلى الله عليه وسلم : "أَخطَأَ مِن شِدَّةِ الفَرَح" أرأيتم الرجل يكره على الكفر قولاً أو فعلاً فهل يكفر؟ الجواب:لا، القول كفر والفعل كفر لكن هذا القائل أو الفاعل ليس بكافر لأنه مكره. أرأيتم الرجل الذي كان مسرفاً على نفسه فقال لأهله: إذا مت فأحرقوني وذرُّوني في اليمِّ - أي البحر - فوالله لئن قدر الله علي ليعذبني عذاباً ما عذبه أحداً من العالمين، ظن أنه بذلك ينجو من عذاب الله، وهذا شك في قدرة الله عزّ وجل، والشك في قدرة الله كفر، ولكن هذا الرجل لم يكفر. جمعه الله عزّ وجل وسأله لماذا صنعت هذا؟ قال: مخافتك. وفي رواية أخرى: من خشيتك، فغفر الله له. أما الحافظ الثاني:فهو ابن حجر- رحمه الله - وابن حجر حسب ما بلغ علمي متذبذب في الواقع، أحياناً يسلك مسلك السلف، وأحياناً يمشي على طريقة التأويل التي هي في نظرنا تحريف. مثل هذين الرجلين هل يمكن أن نقدح فيهما؟ أبداً، لكننا لا نقبل خطأهما، خطؤهما شيء واجتهادهما شيء آخر. أقول هذا لأنه نبتت نابتة قبل سنتين أو ثلاث تهاجم هذين الرجلين هجوماً عنيفاً، وتقول: يجب إحراق فتح الباري وإحراق شرح صحيح مسلم، -أعوذ بالله- كيف يجرؤ إنسان على هذا الكلام، لكنه الغرور والإعجاب بالنفس واحتقار الآخرين. والبدعة المكفرة أو المفسقة لا نحكم على صاحبها أنه كافر أو فاسق حتى تقوم عليه الحجة، لقول الله تعالى: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ) (القصص:59) وقال عزّ وجل: ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)(الاسراء: الآية15) ولو كان الإنسان يكفر ولو لم تقم عليه الحجة لكان يعذب، وقال عزّ وجل: (رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ )(النساء: الآية165) والآيات في هذه كثيرة. فعلينا أن نتئد وأن لا نتسرع، وأن لا نقول لشخص أتى ببدعة واحدة من آلاف السنن إنه رجل مبتدع. وهل يصح أن ننسب هذين الرجلين وأمثالهما إلى الأشاعرة، ونقول: هما من الأشاعرة؟ الجواب:لا، لأن الأشاعرة لهم مذهب مستقل له كيان في الأسماء والصفات والإيمان وأحوال الآخرة. وما أحسن ما كتبه أخونا سفر الحوالي عما علم من مذهبهم، لأن أكثر الناس لا يفهم عنهم إلا أنهم مخالفون للسلف في باب الأسماء والصفات، ولكن لهم خلافات كثيرة. فإذا قال قائل بمسألة من مسائل الصفات بما يوافق مذهبهم فلا نقول: إنه أشعري. أرأيتم لو أن إنساناً من الحنابلة اختار قولاً للشافعية فهل نقول إنه شافعي؟ الجواب:لا نقول إنه شافعي. فانتبهوا لهذه المسائل الدقيقة، ولا تتسرعوا، ولا تتهاونوا باغتياب العلماء السابقين واللاحقين، لأن غيبة العالم ليست قدحاً في شخصه فقط، بل في شخصه وما يحمله من الشريعة، لأنه إذا ساء ظن الناس فيه فإنهم لن يقبلوا ما يقول من شريعة الله، وتكون المصيبة على الشريعة أكثر. ثم إنكم ستجدون قوماً يسلكون هذا المسلك المشين فعليكم بنصحهم، وإذا وجد فيكم من لسانه منطلق في القول في العلماء فانصحوه وحذروه وقولوا له: اتق الله، أنت لم تُتَعَبَّد بهذا، وما الفائدة من أن تقول فلان فيه فلان فيه، بل قل: هذا القول فيه كذا وكذا بقطع النظر عن الأشخاص. لكن قد يكون من الأفضل أن نذكر الشخص بما فيه لئلا يغتر الناس به، لكن لا على سبيل العموم هكذا في المجالس، لأنه ليس كل إنسان إذا ذكرت القول يفهم القائل، فذكر القائل جائز عند الضرورة، وإلا فالمهم إبطال القول الباطل، والله الموفق. |